
تظاهر صحافيون تونسيون قرب مقر الحكومة في تونس احتجاجاً على التضييق على حرية الصحافة واعتقال زملائهم، مطالبين بالإفراج عنهم ووقف القمع. النقابة أكدت أن الإعلام الرسمي أصبح بوقاً لنظام الرئيس قيس سعيد، الذي وسع صلاحياته التنفيذية منذ 2021، مما أدى إلى تراجع كبير في الحريات وتركز السلطة بيده.
تظاهر صحافيون تونسيون، الخميس، قرب مقر رئاسة الحكومة في تونس العاصمة، في “يوم غضب”، مطالبين بوقف التضييق على الصحافة والحريات، والإفراج عن زملائهم المعتقلين، معتبرين أن “تصاعد القمع ضد الصحافة لن يخمد الأصوات الحرة“. وينظر لهذا الاحتجاج على نطاق واسع على أنه صيحة فزع ضد الضغوط، والتهديدات القوية التي تواجه حرية الصحافة، وهي مكسب رئيسي ناله التونسيون بعد ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، وأطلقت شرارة ما يعرف بـ “الربيع العربي“.
وقالت نقابة الصحافيين التونسيين، التي دعت للاحتجاج، إن الحملات المتزايدة تهدف إلى إسكات الأصوات الحرة، والقوية، وإخضاع الإعلام المستقل. وقال رئيس النقابة زياد دبّار: “يتم معاقبة زملائنا لمجرد قيامهم بعملهم؛ هذه الحملة لن ترهبنا“.
وقال المصور الصحافي المستقل نور الدين أحمد إن واقع الصحافة في تونس: “يدق ناقوس الخطر“.
وأضاف: “هناك وأد ممنهج للخبر.. اليوم نُحرَم من تغطية نشاط الحكومة والبرلمان، ولا حتى تغطية أحداث في الشارع؛ بسبب غياب تصاريح التصوير“.
أشار الصحافيون المحتجون إلى أنهم لم يحصلوا بعد على بطاقاتهم المهنية لعام 2025، في حين يقول مراسلو الصحافة الأجنبية إن تصاريح التصوير التي تمنحها الحكومة، جرى تعليقها منذ 4 أشهر، ما أدى إلى عرقلة عملهم من قبل الشرطة، وتعرضهم للاحتجاز في المخافر لساعات أحياناً.
وتقول النقابة إن الإعلام العمومي، بما في ذلك التلفزيون والإذاعة الرسميان، “أصبح بوقاً دعائياً لنظام الرئيس سعيد، وتحول من منبر للتعددية إلى وسيلة لترويج وجهة نظر واحدة“. وقالت الصحافية بإذاعة “موزاييك”، أميرة محمد، إن “الوضع الصحافي اليوم قاتم، ويشهد ملاحقات لنحو 40 صحافياً في وقت سُجن فيه آخرون“.
وفق “رويترز”، يقبع 5 صحافيين على الأقل في السجن، في حين يواجه آخرون، ونشطاء، ومدونون، تحقيقات قضائية؛ بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، أو تقارير إعلامية تنتقد الحكومة.
ونفت وزيرة العدل ليلى جفال، هذا الأسبوع، وجود ملاحقات بسبب حرية التعبير، وقالت إنها بسبب الشتم والتشهير.وعلقت السلطات التونسية، الشهر الماضي، جمعية نواة للصحافيين، التي تدير أحد أبرز المواقع الإعلامية الاستقصائية المستقلة في البلاد.
وفيما ينفي الرئيس سعيد استهداف حرية الصحافة، قائلاً إنه لن يصبح دكتاتوراً، يقول منتقدوه إن توسيع نطاق سلطاته على مؤسسات الحكم، في 2021، والمراسيم الصادرة بعد ذلك، بددت الضمانات الديمقراطية، وأتاحت للسلطات ملاحقة الصحافيين بتهم غامضة.
منذ 25 يوليو 2021، ومن خلال الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قيس سعيّد، صار الرئيس التونسي يملك صلاحيات تنفيذية واسعة وغير مسبوقة، شملت تجميد البرلمان، وإقالة الحكومة، وتولي السلطة التنفيذية بشكل مباشر، إضافة إلى إصدار مراسيم تحل محل التشريع البرلماني.
وبعد الاستفتاء على الدستور الجديد في 2022، تعززت هذه الصلاحيات بشكل أكبر؛ إذ أصبح بإمكان الرئيس تعيين رئيس الحكومة، وأعضاءها، دون موافقة البرلمان، والتحكم في التعيينات القضائية العليا، بما في ذلك كبار القضاة، فضلاً عن ممارسة رقابة فعّالة على البرلمان، وتقليص صلاحياته التشريعية.
