نهاية عصر الباباوات

هو نظام الحاكم الواحد والزعيم الأوحد ولايتم بالوراثة او التوصية لكن يتم بطرق يعتقد فيها اعضاء الكنيسة انها مقدسة واعجازية يتحكم فيها بشكل كبير “طبقة الاكليروس” أي الكهنة والاساقفة والرهبان وفي النهاية يعترف الجميع ان البابا هو اختيار “إلهي”.

البابا في الكنيسة الكاثوليكية يتم اختياره بطرق وخطوات يتحكم فيها فقط الاساقفة او كما يطلق عليهم في الكنيسة الكاثوليكية “الكرادلة” حيث يجتمع الكرادلة في مكان مغلق لانتخاب البابا بقاعدة خمسين زائد واحد والشعب ليس له اي دور في الاختيار، ويتم اعلان فوز البابا باصدار دخان ابيض للشعب.

البابا في الكنيسة الارثوذكسية يتم اختياره بطريقة اكثر رجعية واكثر دكتاتورية حيث ان الاسماء المرشحة يتم الاختيار بينها بما يشبه لعبة القمار اللوتاري حيث يكتب اسماؤهم في ورقة كل حده ويتم اختيار طفل من الكنيسة يختار بين “التلات ورقات” ومن يختاره يعتبر هو بطريرك الارثوذكس.

انا عايزك تتصور ان شعب يختار راعيه من غير اعتبار لصوته يعنى الشعب بيعتبر الاساقفة او الكرادلة هم ممثليه وهم ينوبون عنه في اختيار البابا حتى لو كانت شخصية البابا غير مؤهلة لهذا المركز، عليك انت تنتظر حتى يموت ويأتي بدلاً منه وقد تكون شخص منحوس فيجيء من هو أسوأ منه وفي الاخر عندنا تاريخ الباباوات والبطاركة ملئ بالخرافات والخزعبلات والمعجزات المفبركة.

زمان كانت المسألة بتمشي وتعدي علشان كانت نظم الحكم الملكية الدكتاتورية هي التى تحكم الامبراطوريات والممالك فمكنتش فارقة مع الناس اذا كان البابا دكتاتور او مجنون او جاهل حتى لدرجة انك تقرأ في تاريخ اقباط مصر ان احد الباباوات كان أمياً لايقرأ ولا يكتب.

في القرن الواحد والعشرين اختلف الامر فاصبحت الشعوب اكثر وعياً وفهماً واغلب دول العالم عرفت معنى كلمة الانتخابات الحرة بل بدأ الاساقفة والكرادلة انفسهم يزدادون فهماً وثقافة ولم يعد من الممكن ان يقبلون بابا او بطريرك مخرف او مجنون او فاشل، والدليل على ذلك اننا الآن نعيش اكبر عصر للردة عن المسيحية من بعض الاساقفة انفسهم بل وكثير من المسيحيين اليوم يتركون المسيحية ليصبحوا لادينيين او ملحدين او حتى مسلمين. وتعاني الكنائس اليوم من ازدياد المرتدين عنها وخواء كثير من الكنائس للاعضاء بل بيعها او اهدائها لآخرين ووصل الامر الى تحول الكنائس في المانيا وكندا وامريكا الى مساجد ومراكز للجماعات الجهادية.

فكرة النظام البابوي اصلا هي فكرة دكتاتورية نشأت بعد المسيح بقرون لكي يتحقق الاستبداد الدينى الذي هو ايضا اساس للاستبداد السياسي ولو قرأنا تاريخ المسيحية سنجد ان هناك نوم عميق حصل عبر مئات السنين تسرب من خلال النظام البابوي الاكاذيب والخرافات على انها معجزات وعلى انها قيم اخلاقية عليا بل صدرت قوانين دكتاتورية تصل الى حد التكفير والقتل في كل النظم الباباوية حتى في الشرق وتعاملت الكنيسية مع اي ناقد او مفكر على انه مهرطق وخارج عن الايمان مما سمح للافكار الفاسدة وبعض الطقوس والمفاهيم الخاطئة ان تدخل في اسس الايمان المسيحي مع انها تتناقض تماماً مع كلام المسيح والانجيل.

الكنيسة بدلا من ان تصحح مسارها اتجهت الى خطط لتأويل النصوص لمفاهيم تحمل تبرير لبعض الفساد والجرائم، فبقت زي مابيقول المثل “جه يكحلها عماها” فاصبح التأويل نفسه يثير سخرية اصحاب العقول، وكل رجل اكليروس عمل لنفسه قناة يعمل لنفسه تأويل ويقولك اصل المسيح لما قال كذا كان يقصد كذا وجرجرونا في التأويل لنصوص في العهد القديم لاعلاقة لها بالمرة بالايمان المسيحي لدرجة وصلت الى خلط واضح بين الشريعة اليهودية والانجيل اللى اصلا اليهود أنفسهم مش بيطبقوا الشريعة اليهودية.

كلما مر الوقت كلما اتحفتنا الكنيسة بشخصية جدلية في سلطة البابا، حتى يرى العالم كله أعلى شخصية في الكنيسة المؤسسية الحمار بيفهم احسن منه، وكل يوم يمر كلما ظهر هذا البابا الكاثوليكي بتصريحات تثير الغثاء احياناً والضحك احيانا اخرى، حتى ان اساقفته أنفسهم بدأوا يثورون ضده وكان اخر هذه السقطات الكبرى الاخيرة هو ان البابا فرنسيس جامل المسلمين في احدى خطبه لكي ينال ودهم وقال ان كل الاديان هي طريق الى الله، مما اغضب بعض الاساقفة واتهموه بالهرطقة وان مايقوله يعتبر نقض واهانة للمسيحية نفسها.

اما بابا الاقباط الارثوذكس المعروف بانه “بابا السيسي” او “بابا الحكومة” فالكل يعلم قصة تنصيبه وان اختياره كان عبارة عن صفقة واضحة بين الكنيسة والدولة، وهو الذي عصف بكل من المجمع المقدس ومايسمي “الاراخنة” اي “المجلس الملي” وجلس وحده كل يوم بقصة جديدة محاولا فرض سيطرته الكاملة على الكنيسة بالقوة حيث انه يريد استبدال معظم الاساقفة الذين لايروقون لشخصه باساقفة اخرين يعملون لحسابه (يمتثلون لأوامره).

واضح جدا منذ البداية ان البابا تواضرس الثاني لايتمتع باي صفة قيادية وهو يحاول ان يظهر بعكس ذلك، بل هو يفتقد الى اي صفة من صفات الاسقف او البابا التى يحبها الناس فهو ليس واعظ مفوه ولا شخص حكيم في قرارته وفي عصره واضح انقسام الكنيسة والموضوع كله خرج عن سيطرته وهو اشبه كثيرا بمن عينه (السيسي) فشل على جميع المستويات ومعظم الشعب والاساقفة مش راضيين عنه.

مالا يدركه الشعب القبطي نفسه ان فكرة “البابوية” نفسها فكرة فاشلة ولم تنجح في اي عصر من العصور ولن تنجح ومالا يدركه الشعب القبطي الارثوذكسي برضه ان ممكن يمشي الانبا تواضروس ويأتي من هو اسوأ .. لان طريقة ادارة الكنيسة بالنظام البابوي طريقة عفا عنها الزمان والخلل ليس في شخص البابا فحسب بل في النظام البابوي الفاشل

ولو كانت الكنيسة الارثوذكسية تريد ان تستمر بطريقة ديموقراطية دون تعصب او تشنجع او عنف لفظي ضد المنتقدين، هناك امور كثيرة يجب ان تتغير في المفاهيم الارثوذكسية نفسها تتعلق بالنظام والتاريخ وانا هنا لا اتحدث عن الصلوات او القداسات او الطقوس فلا يعنيني ان تقف في القداس تلات او اربع ساعات هذه ليست مشكلة ولكن مصائر الناس وقوانين الاحوال الشخصية والقوانين التى تنظم هيكل الاكليروس يجب ان تتغير تغيير جذري.

اهم خطوة يجب ان يفهمها الجميع انه لاتمييز بين من هو اكليروس ومن هو علماني (من الشعب) الكل واحد ولا قداسة لأحد ولا علو لاحد عن احد، ثم عمل قوانين جديدة تحكم الاكليروس لتمنع فساده اولها ان يتم تغيير لائحة اختيار البطريرك ليصبح اختيار مباشرمن الشعب القبطي .. يعنى انتخابات حرة كل فرد في الشعب القبطي يدخل يختار زي انتخابات رئيس الجمهورية، انما شغل التلات ورقات والحمامة اللى على الحيط وملاك الرب اللى ظهر والحلم المقدس والمسيح جاني في الحلم وقالي انت هاتبقى البابا كل الخرافات دي لازم تنتهي .. تعيين البطريرك يجب ان يتم بالانتخاب المباشر من الشعب. وبرضه الاساقية يتم انتخابهم انتخاب مباشر من شعب المحافظة او الايبارشية مش يتعين تعيين مباشر من البابا.

تاني خطوة زي مافيه حاجة اسمها مجمع الاساقفة (المدعو مقدس) وهو لامقدس ولا حاجة لان اعضاءه كلهم مجرد رهبان عاديين لافيهم حد نقل الجبل ولا فيهم حد فتح عيون الاعمي واغلبهم بيروحوا يتعالجوا في المانيا وبريطانيا وامريكا، لازم يكون فيه مجلس للشعب ، بلاش جملة المجلس الملي دي نقول مجلس الشعب المسيحي وهم افراد يتم انتخاباهم انتخاب مباشر من الشعب القبطي ودور مجلس الشعب ان يكون له نفس وزن المجمع المقدس .. يبقى عندنا جهتين مجمع مقدس ومجلس شعب قبطي والقرارات كلها تتم بالتصويت بين الاتنين.

تالت خطوة وضع دستور شامل للاقباط يسمى دستور الكنيسة من تلات ورقات لااكثر فيه كل النقاط الرئيسية الهامة اللى يتم من خلالها عمل حاجتين: القوانين الداخلية للاكليروس والتى تمنع فساده او تسلطه على الشعب او قيامه بتحويل المسيحية الى مشاريع بزنس، وايضا التى تمنع الاكليروس والرهبان من التحرش الجنسي ثم وضع القوانين الهامة للشعب فيما يسمى بالاحوال الشخصية واعادة صياغته من جديد كما في الدول المتحضرة ونسف مشروع الاسرة المسيحية الفاشل بتاع الانبا بولا اللى هايدمر الاسرة المصرية.

الخلاصة: النظام البابوي هو نظام بشري انساني اخترعه البشر ولا علاقة له بالسماء لا حالياً ولا سابقاً ومنحه صفة القدسية يعتبر تزوير للواقع وهو نظام كان يجب ان ينتهي منذ بداية عصر الديموقراطية ولكن حان الوقت لكي يتم نسفه الآن واستبداله بنظام ديموقراطي حر يعتبر شبيه بالنظام الديموقراطي التعددي الذي يحترم انسانية الانسان وحرية الجميع.

2 Comments

  1. قيادة الشعب تحتاج إلي قادة خارجين من وسط هذا الشعب ، وليس الي رهبان تركوا الشعب وعاشوا سنوات طويلة بعيدا عنه.
    هناك شروط حددها الكتاب المقدس لرسامة الأسقف ( هذه الشروط تنطبق أيضا علي أختيار رئيس الأساقفة أو البابا) ، وهي كانت متبعة منذ مارمرقس وحتي البابا يؤنس ( رقم ٢٩ ) ، إلي أن جاءت الرهبنة حيث اختص الرهبان لأنفسهم بالتدريج مقاعد الأسقفية والبابوية حتي صارت حكرا لهم كما هو الحال الآن ، رغم أن ذلك مخالف تماما للإنجيل.
    غياب القيادة المدنية للأقباط ، وتهميش المجلس المللي ، وما ترتب علي ذلك من انعدام الرقابة علي الإكليروس ، وسيطرتهم بالكامل علي الثروات ، تسبب في الحال المذري الذي وصلنا اليه.

    • المثل بيقول كل وقت وله آدان .. يعنى زمان كانت النظم كلها نظم شمولية تعتمد على حكم الرجل الواحد اما الان فالامور اختلفت وكل النظم القائمة على حكم الرجل الواحد هي من بقايا العهد البالي .. فاشلة .. زي ماحنا شايفين .. والراهب عامل زي الجنرال بالضبط فكره فكر غير مناسب لحياة الناس لازم انضباط وطاعة عمياء وتنفيذ الامر حتى لو كان خطأ ووشك في قفا اللى قدامك ماتحركهوش يمين ولا شمال .. دي هي ارثوذكسية الرهبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *