السعودية جنت من زيارة بن سلمان لواشنطن أكثر مما حصلت عليه أمريكا

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” افتتاحية حول زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، قالت فيها إن السعودية حصلت على الكثير من الزيارة. فسيحصل الأمير على مقاتلات “إف-35” ووضع أمني جديد وشرعية مقابل الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة.

وقالت الصحيفة إن أكاذيب الرئيس دونالد ترامب بشأن الكاتب في “واشنطن بوست”، جمال خاشقجي، طغت على النتائج الملموسة التي حققتها زيارة ولي العهد السعودي. وفي المجمل، استفاد بن سلمان من الرحلة أكثر مما استفادت الولايات المتحدة، مع أن شركات عائلة ترامب ستستفيد بشكل كبير من الصفقات الخاصة مع السعوديين.

وسيعود بن سلمان إلى بلاده بترخيص لشراء 48 مقاتلة من الطائرات المتقدمة إف-35، وهي طائرات لا يثق الكثيرون في البنتاغون أو إسرائيل بحيازة السعودية لها. هذا إلى جانب 300 دبابة من نوع أبرامز.

ومنح ترامب السعودية صفة “حليف مهم من غير الناتو” ووافق على تزويد المملكة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، حيث تأمل الصحيفة بأن لا أن تنتهي هذه التكنولوجيا في الصين، وفق قولها. ومقابل هذه الأمور تعهدت السعودية باستثمار تريليون دولار في الولايات المتحدة، أي أكثر من 600 مليار دولار التي تم الإعلان عنها في أيار/ مايو الماضي.

ولم يقدم الطرفان أي أفق زمني لهذا الرقم بعيد المنال، والذي يعادل تقريبا حجم الناتج السنوي للمملكة. ويقول المحللون إنه سيكون من الصعب تحقيق الرقم نظرا لانخفاض أسعار النفط وعجز ميزانية المملكة المتزايد بسبب الإنفاق الباهظ على البنية التحتية والمشاريع غير ذات الجدوى.

لكن ترامب يحب الترويج للأرقام الكبيرة. والسعوديون، مثلهم مثل الدول الأخرى، سعداء بلعب لعبته.

وتقول الصحيفة إن اضطرار أمريكا للتعامل مع السعودية هي حقيقة جيوسياسية غير مريحة. فالمملكة هي حصن منيع ضد نظام إيران المتطرف المناهض لأمريكا ووكلائه الإقليميين، كما أن الدعم السعودي ضروري لخطط إعادة إعمار غزة.

ومع ذلك، وخلال زيارته إلى واشنطن، واصل ولي العهد السعودي مقاومة توسلات ترامب للانضمام إلى الدول العربية الأخرى في اتفاقيات إبراهيم. ويقول الأمير إن الاعتراف بإسرائيل لا يمكن أن يأتي إلا بعد أن تعترف إسرائيل بمسار موثوق به لدولة فلسطينية. وقد كان من شأن الموافقة على بيع طائرات إف-35 أن يكون إغراء قويا للأمير للتوقيع على الاتفاقيات. لكن للأسف، لم يعد هذا خيارا، كما تقول الصحيفة.

وكانت وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية، قد حذرت في تقرير لها أعدته قبل فترة من أن الصين قد تتمكن من الوصول إلى تكنولوجيا إف-35 إذا مضت الولايات المتحدة قدما في عملية البيع للسعودية، وذلك بسبب شراكة الرياض الأمنية مع بكين.

وأعرب قادة الدفاع الإسرائيليون، كل على حدة، عن رفضهم للصفقة، معتبرين أنها ستعرّض تفوقهم الجوي في الشرق الأوسط للخطر. وقد أقر ترامب بذلك، لكنه خلص إلى أن كلا البلدين يستحقان الحصول على طائرات “متطورة”.

وما يعزي الصحيفة أنه لم يتوصل ترامب ومحمد بن سلمان إلى اتفاق لمشاركة الولايات المتحدة التكنولوجيا النووية المدنية مع المملكة العربية السعودية، التي تنعم بطاقة رخيصة، رغم اتفاقهما على مواصلة الحديث عنها.

وبالنسبة لترامب، فالعلاقة براغماتية وشخصية في آن واحد. ولطالما أعجب الرئيس الأمريكي بالسعودية، حيث زارها خلال أولى رحلاته الخارجية الرئيسية في رئاستيه الأولى والثانية. وتعمل شركة عائلته على نطاق واسع مع السعوديين، بما في ذلك التطوير المشترك لمنتجع فاخر جديد في جزر المالديف والعديد من المشاريع التي تحمل علامة ترامب التجارية المخطط لها في المملكة.

وقد ساهم صندوق الثروة السيادية السعودي بمبلغ ملياري دولار في صندوق استثماري يديره صهر ترامب، جاريد كوشنر، كما استضافت رابطة LIV للغولف المدعومة من السعودية، بطولات في عقارات ترامب. وارتدت السيدة الأولى ميلانيا ترامب فستانا أخضر للتعبير عن دعمها للمملكة خلال حفل عشاء رسمي أقيم على شرف بن سلمان في البيت الأبيض.

وحضر دونالد ترامب الابن، الذي يدير أعمال عائلته إلى جانب شقيقه إريك. كما حضر كريستيانو رونالدو، الذي يلعب في ناد سعودي لكرة القدم، وقال ترامب إن ابنه الأصغر، بارون، من أشد المعجبين باللاعب البرتغالي. حتى إيلون ماسك عاد لأول مرة منذ خلافه مع ترامب في يونيو.

وبدأت عملية إعادة تأهيل صورة محمد بن سلمان في عهد الرئيس جو بايدن، الذي وعد بمعاملته كـ”منبوذ”، لكنه سافر إلى جدة وصافح ولي العهد بقبضة يده الشهيرة عام 2022 في محاولة للحفاظ على انخفاض أسعار النفط بعد غزو روسيا لأوكرانيا. وقد سخر ترامب من مصافحة بايدن وهو يحيي بن سلمان بمصافحة دافئة. قال الرئيس: “لا يهمني أين كانت تلك اليد”، في إشارة واضحة إلى استنتاج وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بأن الأمير أمر باغتيال خاشقجي.

وبينما كان محمد بن سلمان يسعى إلى إضفاء صورة عصرية عن بلاده، من خلال السماح للنساء بقيادة السيارات، وتوسيع أماكن الترفيه، واستضافة المهرجانات الكوميدية، والحد من سلطات الشرطة الدينية، نفذت السعودية مئات عمليات الإعدام عام 2025، بما في ذلك إعدام الصحافي تركي الجاسر ومعارضين سياسيين. وفي حفل عشاء أقيم على شرفه، وصف ترامب المملكة العربية السعودية بأنها “معجزة العصر الحديث”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *