اشتباكات دامية بحلب بين قوات حكومية وسوريا الديمقراطية

اتفقت قوات الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد مساء الاثنين على خفض التصعيد في مدينة حلب بشمال سوريا، وذلك بعد موجة هجمات تبادل الطرفان الاتهامات بشأنها، والتي أسفرت عن ​مقتل ثلاثة مدنيين على الأقل وإصابة آخرين، وذلك تزامنا مع زيارة وزير الخارجية التركي إلى دمشق واتهامه لقوات سوريا الديمقراطية بعدم الوفاء بالتزاماتها.

ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن وزارة الدفاع القول ‍إن القيادة العامة للجيش أصدرت أمرا بوقف استهداف مصادر نيران قوات سوريا الديمقراطية.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية في بيان لاحق إنها أصدرت تعليمات بوقف تبادل الهجمات ​مع القوات الحكومية عقب اتصالات خفض التصعيد.

وذكرت وزارة الصحة السورية أن ثلاثة أشخاص قتلوا فيما أصيب ​عدد آخر بجروح جراء قصف شنته قوات سوريا الديمقراطية على أحياء سكنية في المدينة وشملت قائمة المصابين طفلين واثنين من العاملين في الدفاع المدني.

وذكرت سانا ‍نقلا عن وزارة الدفاع في وقت سابق أن قوات سوريا الديمقراطية شنت هجوما مباغتا على قوات الأمن والجيش في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، مما أسفر عن وقوع إصابات.

وأنكرت قوات سوريا الديمقراطية ذلك الاتهام وقالت إن الهجوم نفذته فصائل تابعة للحكومة السورية، وإن هذه الفصائل استخدمت الدبابات والمدفعية خلال هجماتها على الأحياء السكنية في المدينة.

ونفت وزارة الدفاع تصريحات قوات سوريا الديمقراطية وقالت إن الجيش كان يرد على مصادر النيران من قوات كردية، وقال شاهد في حلب لرويترز في وقت سابق من ‍اليوم “عم نسمع أصوات مدفعية وقذائف هاون وانتشار كثيف للجيش بأغلب مناطق حلب”.

وقالت شاهدة أخرى “أنا قاعدة بغرفة… أصوات ضرب قوية، الوضع مرعب”. وأعلن ‌محافظ حلب تعليق الدراسة ​مؤقتا في جميع المدارس والجامعات الحكومية والخاصة غدا الثلاثاء، فضلا عن إغلاق المكاتب الحكومية في وسط المدينة.

واندلعت أعمال العنف بعد ساعات من تصريح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال زيارته لدمشق بأن قوات سوريا الديمقراطية لا تعتزم فيما يبدو الوفاء بالتزامها بالاندماج في القوات المسلحة للدولة بحلول الموعد النهائي المتفق عليه بنهاية العام.

وتنظر تركيا إلى قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال شرق سوريا، على أنها منظمة إرهابية وحذرت قائلة إنها قد ‍تلجأ إلى العمل العسكري إذا لم تحترم الجماعة الاتفاق.

ومن شأن دمج قوات سوريا الديمقراطية أن ينهي أعمق انقسام متبق في سوريا، لكن عدم حدوث ذلك ​ينذر باندلاع صراع مسلح ربما يعوق خروج البلاد من حرب استمرت 14 عاما، وقد يؤدي أيضا إلى تدخل تركيا، التي هددت بشن توغل ضد المسلحين الأكراد الذين تصنفهم إرهابيين.

وتبادل الطرفان الاتهامات بالمماطلة وسوء النية. وتتحفظ ‌قوات سوريا الديمقراطية على التخلي عن الحكم الذاتي الذي نالته بصفتها الحليف الرئيسي للولايات المتحدة خلال الحرب، والذي مكنها من السيطرة على سجون تنظيم الدولة الإسلامية وموارد نفطية وفيرة.

في مواجهة تكهنات عن خلافات داخلية في تركيا حول كيفية التعامل مع “قسد”، حرصت أنقرة على نفي أي انقسام، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية شدد على أن موقف الدولة موحد، وأن بقاء قوة مسلحة مستقلة خارج سيطرة دمشق “وصفة لحرب أهلية جديدة”.

ترى تركيا أن حلّ قوات سوريا الديمقراطية ودمجها ضرورة أمنية لمنع ارتدادات التمرد الكردي داخل أراضيها، خصوصاً في ظل مسار تفاوضي حساس مع حزب العمال الكردستاني، وهي ترفض التمييز بين الحزب وقوات سوريا الديمقراطية، رغم كون الأخيرة الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

في المقابل، تتحفظ قوات سوريا الديمقراطية على التخلي عن بنيتها العسكرية والحكم الذاتي الذي راكمته خلال سنوات الحرب، مدعومة بعلاقاتها مع واشنطن، وسيطرتها على سجون تنظيم الدولة وموارد نفطية أساسية، وتخشى أن يؤدي الاندماج غير المشروط قبل وضع دستور ناظم لهذا الاندماج، إلى تعريض مقاتليها والمجتمعات الكردية لتهديدات من فصائل إسلامية موالية للحكومة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *