ضغوط من السويد ودول أوروبية على القضاة: لا تعرقلوا الترحيل

دعت دول أوروبية بينها السويد وبريطانيا والدنمارك، إلى تعديل الطريقة التي تُفسَّر بها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بحيث لا تؤدي إلى وقف ترحيل أشخاص مدانين بارتكاب جرائم. وجاءت هذه المطالب خلال اجتماع نادر لوزراء العدل في مجلس أوروبا عُقد في مدينة ستراسبورغ الفرنسية.

وشاركت السويد في الاجتماع عبر وزير العدل غونّار سترومر، الذي قال لوكالة الأنباء TT وإذاعة إيكوت: “نحن لا نتدخل في كيفية تقييم القضايا الفردية، لكن من المشروع تماماً أن تراقب الدول الأعضاء تطور الاجتهادات القضائية، وإذا رأت حاجة للتغيير، أن تستخدم الأدوات المتاحة لذلك”.

وترى هذه الدول أن الاتفاقية تُستخدم في بعض الحالات لحماية الجناة ومنع ترحيلهم، بسبب اعتبارات تتعلق بحقوقهم الفردية، كالحياة العائلية، وهو ما تعتبره الحكومات المعنية استخداماً غير متوازن للاتفاقية على حساب الضحايا والمصلحة العامة.

واعتبر وزير الهجرة السويدي يوهان فورشيل (عن حزب المحافظين) في تصريح سابق أن “الاتفاقية تحمي المجرمين أكثر من الضحايا وحقهم في الحصول على العدالة، وهذا أمر يثير الاستياء”.

ويأتي ذلك في وقت أُثير فيه جدل في بريطانيا وعدة دول أخرى حول قرارات قضائية منعت ترحيل أشخاص مدانين بجرائم، استناداً إلى بنود في الاتفاقية الأوروبية تعتبر الترحيل انتهاكاً لحقوقهم، خصوصاً عندما تكون لهم عائلات مقيمة في البلد.

ونشر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ورئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن مقالاً مشتركاً في صحيفة “الغارديان” طالبا فيه بتفسير “حديث ومحدّث” للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. كما أيد رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترشون هذه الدعوات من خلال منشور على منصة إكس.

وقال كريسترشون إنه “من غير المقبول أن يُسمح للأشخاص الأجانب المدانين بجرائم جنسية أو بجرائم خطيرة كأفراد العصابات الإجرامية بالبقاء في السويد”. وأضاف أن “الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تمنح اليوم حماية مفرطة للأجانب الذين يرتكبون جرائم”، وهو ما يدفع السويد ودول أخرى إلى العمل لتسهيل ترحيل المجرمين.

وختم بالقول: “التخلص من الأشخاص الخطرين في السويد أمر في غاية الأهمية، لكنه أيضاً مسألة تتعلق بالحفاظ على شرعية الاتفاقية الأوروبية على المدى الطويل. في نهاية المطاف، يتعلق الأمر بحماية مجتمعنا الحر والمفتوح”.

وكانت الحكومة السويدية أعلنت أنها ستسعى لتعديل الاتفاقيات الأوروبية وحتى الدولية، التي قد تعيق ترحيل مدانين بجرائم خطيرة. فيما تأمل بريطانيا والدنمارك في التوصل إلى صيغة جديدة للتفسير بحلول الربيع المقبل، ما يُتيح تسهيل عمليات الترحيل في حالات الإدانة الجنائية، دون أن تُعتبر خرقاً للاتفاقية.

لكن في المقابل، حذّر مجلس أوروبا من الذهاب بعيداً في تعديل التفسير. وقال مفوض حقوق الإنسان في المجلس، مايكل أوفلاهرتي، في بيان صحفي إن “الاعتقاد بأن بعض الأشخاص يستحقون الحقوق أكثر من غيرهم يُعد فكرة إشكالية وخطيرة”.

تأسس مجلس أوروبا عام 1949 في ستراسبورغ، بمبادرة من رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل، ويضم حالياً معظم دول القارة الأوروبية باستثناء روسيا (التي طُردت في 2022)، روسيا البيضاء، كوسوفو، والفاتيكان.

ويُعرف المجلس بشكل خاص من خلال المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تنظر في شكاوى تتعلق بانتهاك الدول الأعضاء للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وهي الاتفاقية التي تُعد الوثيقة الأساسية لعمل المجلس.

الكومبس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *