
صرحت قوات الدعم السريع الإثنين، أنها أحكمت سيطرتها على مدينة بابنوسة، آخر معاقل الجيش في غرب كردفان، بينما خلف القصف على المقاطعة عشرات القتلى ونزوح الآلاف وسط رفض البرهان لهدنة دولية. من جانبه، نفى الجيش السوداني سيطرة قوات الدعم السريع على بابنوسة بالكامل، واتهمها بمواصلة الهجمات على المدينة رغم إعلان قائدها محمد حمدان دقلو وقف إطلاق النار من جانب واحد.
أكدت قوات الدعم السريع الإثنين إحكام قبضتها على مدينة بابنوسة، التي تعد آخر مواقع الجيش في غرب كردفان، بينما تتواصل المعارك العنيفة في الإقليم المتاخم لجنوب السودان، مخلفة عشرات القتلى وآلاف النازحين. وجاء في بيان الدعم السريع أن “قوات تأسيس” المتحالفة معها نفذت “عملية عسكرية دقيقة أسفرت عن تحرير الفرقة 22 ومدينة بابنوسة بالكامل”، إضافة إلى “تحييد التهديدات العسكرية التي استهدفت المدنيين في عدد من المناطق“.
وأوضح البيان أن الهجوم جاء ردا على “عملية مباغتة” شنها الجيش على مواقع قوات تأسيس في بابنوسة، رغم ما وصفه بـ”الالتزام الكامل بالهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار منذ بدايته“. من جهته، نفى الجيش السوداني سيطرة قوات الدعم السريع على بابنوسة بالكامل، واتهمها بمواصلة الهجمات على المدينة رغم إعلان قائدها محمد حمدان دقلو وقف إطلاق النار من جانب واحد. وقال في بيان إن قوات الدعم السريع ظلت تستهدف المدينة يوميا بالقصف المدفعي والطائرات المسيرة، وإنه أحبط هجوما جديدا الإثنين.
وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت قبل أيام هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر من طرف واحد، بناء على مقترح الرباعية الدولية حول السودان. وقد صف الجيش إعلان وقف إطلاق النار بأنه “مناورةسياسية وإعلامية مضللة” الهدف منها هو إخفاء تحركات قوات الدعم السريع و”تدفق الدعم الإماراتي المتواصل لتأجيج الحرب وقتل السودانيين“.
وشهدت منطقة كمو السبت الماضي قصفا عنيفا تسبب في مقتل ما لا يقل عن 40 شخصا وإصابة آخرين، وحملت قوات الدعم السريع ومجموعة حقوقية الجيش المسؤولية عن الهجوم. وفي بيان منفصل، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش باستخدام طائرة مسيرة لقصف المنطقة صباح السبت. كما ذكرت المتحدثة باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال المتحالفة مع الدعم السريع أن مدينة كاودا ومناطق مجاورة لها تعرضت في 29 نوفمبر لقصف بالطيران والمسيرات.
وأشارت مجموعة “محامو الطوارئ” في بيان الإثنين إلى أن القصف استهدف مدرسة حكيمة للتمريض العالي في كمو، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من الطلاب. وأكد شهود محليون وقوع دمار واسع، حيث قال كافي كالو من أهالي هيبان إنه شاهد النيران تلتهم مدرسة التمريض بعد الضربة، مضيفا: “خرجت 40 جنازة من كمو في ذلك اليوم”. كما أوضح تيه عيسى أن أهالي المنطقة ساعدوا في حفر أكثر من 40 قبرا.
من جانبه، نفى مصدر عسكري في الجيش استهداف المدنيين أو المنشآت المدنية. ووفق إحصاءات منظمة الهجرة الدولية، نزح أكثر من خمسة آلاف شخص من قرى جنوب كردفان الشهر الماضي بسبب انعدام الأمن. وكانت قوات الدعم السريع قد أحكمت سيطرتها أواخر تشرين الأول/أكتوبر على مدينة الفاشر في شمال دارفور، مما منحها السيطرة الكاملة على الإقليم، قبل أن تمتد المعارك إلى ولاية كردفان الغنية بالنفط والأراضي الزراعية.
وتشكل كردفان شريطا استراتيجيا يصل بين دارفور والعاصمة الخرطوم التي يسيطر عليها الجيش منذ بداية العام. وبعد أسابيع من سقوط الفاشر، أعلنت الدعم السريع هدنة أحادية الجانب “استجابة للجهود الدولية، بما في ذلك مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووسطاء الرباعية الدولية”، غير أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان رفض المقترح وناشد ترامب العمل على إحلال السلام في السودان، واصفا الخطة بأنها “الأسوأ حتى الآن“.
بدوره، دعا مبعوث الرئيس الأمريكي إلى أفريقيا، مسعد بولس، طرفي النزاع إلى قبول الهدنة دون شروط مسبقة، معتبرا أنها “خطوة حاسمة نحو حوار مستدام” و”الانتقال إلى نظام مدني
“. ومنذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023، انقسم السودان فعليا إلى مناطق نفوذ، حيث يحتفظ الجيش بالسيطرة على الشمال والشرق، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على الغرب وأجزاء من الجنوب. وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، في ما تصفه الأمم المتحدة بأنه “أسوأ أزمة إنسانية في العالم“.
فرانس24/ أ ف ب
