
تسلط نتائج القمة الضوء على التعهدات الجماعية بشأن حوكمة الذكاء الاصطناعي والمعادن الحيوية ودعم الاقتصادات النامية، حيث أعلن قادة دول مجموعة العشرين (G20)، في ختام قمة جوهانسبرغ 2025، عن توصلهم إلى إجماع حول حزمة من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز القدرة العالمية على الصمود، وبناء مستقبل عادل ومنصف للجميع، ووضع أولويات دول الجنوب العالمي في صلب التعاون الاقتصادي الدولي، وذلك وفقًا لما أورده الموقع الرسمي لحكومة جنوب إفريقيا.
وخُصصت الجلسة الختامية للقمة، تحت عنوان “جلسة ثالثة: مستقبل عادل ومنصف للجميع”، لوضع خطوات منسقة تتعلق بالمعادن الحيوية، وفرص العمل اللائق، والذكاء الاصطناعي، مع إقرار التوصيات التي أُعدّت في إطار رئاسة جنوب إفريقيا للقمة. وأكد رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، أن التقدم المحقق هذا العام استند إلى الأسس التي أرستها الرئاسات السابقة لكل من إندونيسيا والهند والبرازيل خلال الأعوام الثلاثة الماضية، والتي أسهمت في صياغة الأجندة التنموية للمجموعة.
وقال رامافوزا: “استثمرت جنوب إفريقيا رئاستها لمجموعة العشرين في ترسيخ أولويات إفريقيا والجنوب العالمي في قلب أجندة المجموعة، والنتائج التي تحققت جاءت بفضل الإسهامات وعملية البناء على الأجندة التنموية للرئاسات السابقة في إندونيسيا والهند والبرازيل، حيث جعلنا قضايا الاقتصادات النامية في مقدمة الاهتمامات”.
وشدّد الرئيس الجنوب إفريقي على أن البيان الختامي لا يقتصر على مجرد تصريحات، بل يجسّد التزامًا جماعيًا ملموسًا بتحسين حياة الشعوب حول العالم، ويؤكد أن مجموعة العشرين ما زالت منصة فاعلة قادرة على إنتاج عمل مشترك في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
من جانبها، شددت البرازيل على أن دور المعادن الحيوية يجب أن يتجاوز مجرد كونها موارد خام، لتصبح محركًا للتنمية التكنولوجية والنمو الصناعي السيادي، مؤكدة أن الدول الغنية بالموارد الطبيعية لا ينبغي أن يقتصر دورها على تصدير المواد الأولية فقط، وذلك بحسب الموقع الرسمي للحكومة البرازيلية.
وأوضح الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، خلال كلمته، أن إدارة هذه الموارد، إلى جانب الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل، ستكون من العوامل الحاسمة في تحديد مسار الازدهار العالمي خلال السنوات المقبلة، داعيًا إلى وضع إطار دولي يضمن حماية حقوق العمال في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة.
بدورها، دعمت الهند هذا التوجه، حيث أكدت ضرورة تطوير ذكاء اصطناعي متمحور حول الإنسان، وضمان الوصول العادل إلى قدرات الحوسبة عالية الأداء، وتوسيع المهارات الرقمية على نطاق واسع.
وجدّد رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، دعوته إلى إقرار “اتفاق عالمي للذكاء الاصطناعي” يقوم على مبادئ الشفافية واعتماد نهج “السلامة منذ التصميم”، كما أكد مودي أن بلاده تعتزم استضافة قمة “أثر الذكاء الاصطناعي” في مطلع عام 2026. وربط مودي بين التطور التكنولوجي والنمو المستدام، مذكّرًا بالتزام بلاده بتعزيز التجارة الموثوقة والتمويل العادل والازدهار الشامل، وفقًا لما ذكره الموقع الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية الهندية.
من جهتها، أكدت الصين أن العالم يواجه تحديات متداخلة في مجالات المناخ والطاقة والأمن الغذائي، داعية مجموعة العشرين إلى تعميق التعاون الدولي في هذه المجالات. وحثّ رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، على تسريع تنفيذ الاتفاقيات المتعلقة بالمناخ وحماية التنوع البيولوجي، وتعزيز الشراكات في مجال الطاقة الخضراء، وزيادة الدعم الموجّه للدول التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.
وبحسب وكالة شينخوا (Xinhua News Agency)، الشريك الإعلامي لشبكة TV BRICS، جدّد لي تشيانغ تأكيد استعداد الصين لدعم حوكمة مسؤولة للذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون المتبادل المنفعة في مجال المعادن الحيوية، وتوسيع برامج المساعدة التنموية الموجّهة لدول الجنوب العالمي، ولا سيما في إفريقيا.
وفي سياق متصل، أكد نائب الرئيس الإندونيسي جبران راكابومينغ راكا أن بلاده ستركز مشاركتها على حوكمة الذكاء الاصطناعي وأمن سلاسل إمداد المعادن الحيوية، وهما مجالان تعتبرهما جاكرتا أساسيين لدفع التقدم التكنولوجي العالمي وضمان تحوّل اقتصادي أكثر عدالة، وفقًا لما نقلته وكالة ANTARA.
وفي السياق نفسه، صرّح المتحدث باسم الحكومة الجنوب إفريقية، وليام بالوي، لشبكة TV BRICS، بأن بلاده نظرت إلى دورها في القمة بوصفها ممثلة ليس فقط للدولة المضيفة، بل أيضًا للقارة الإفريقية والجنوب العالمي الأوسع. وأكد أن جنوب إفريقيا تعمّدت وضع الاستدامة، والمعادن الحيوية، والتنمية المنصفة في صميم النقاشات خلال القمة.
وقال بالوي للشبكة: “نحرص على ضمان إتاحة الفرصة أمام الدول المتقدمة والمتوسطة والضعيفة اقتصاديًا لتحسين أوضاعها، بما يسهم في تحسين حياة شعوبها”.
واتفقت دول مجموعة العشرين، بشكل جماعي، على توسيع الدعم المقدم للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وزيادة تمويل العمل المناخي، وتعزيز دور بنوك التنمية متعددة الأطراف، إلى جانب تطوير تعاون مسؤول وشفاف في مجال المعادن الحيوية، وترويج العمل اللائق في ظل التحولات التكنولوجية السريعة، والارتقاء بالمعايير الدولية الخاصة بالذكاء الاصطناعي الموثوق.
كما جدّد البيان الختامي تأكيد الالتزام المشترك بأمن الطاقة، وضمان الوصول الشامل إليها، وتحقيق التنمية المستدامة، وتنفيذ أجندة التنمية المستدامة لعام 2030.
