شاب كاميروني عالق في ليبيا: “الحياة هنا هي الجحيم

منذ أن غادر لوران* (اسم مستعار) بلده الكاميرون عام 2023، بعد أشهر قليلة من وفاة والده، لم يتوقف عن الحلم بالوصول إلى أوروبا لإعالة والدته وإخوته الخمسة. الشاب البالغ من العمر 21 عاما يعيش منذ كانون الثاني/يناير 2024 في مدينة الزاوية غرب ليبيا، منتظرا فرصة لعبور المتوسط. هذا ما يرويه لوران لمهاجرنيوز.

في البداية، كنت أخطط للوصول إلى أوروبا عبر السواحل التونسية، لكن بعد أن سمعت بما يجري هناك، قررت تجنب تونس ومحاولة العبور عبر ليبيا. خلال الأشهر الأخيرة، تلقى فريق مهاجرنيوز عددا متزايدا من شهادات المهاجرين الذين يفضلون عبور ليبيا للوصول إلى السواحل الأوروبية، متجنبين تونس. ففي هذا البلد الذي يترأسه قيس سعيّد، يتعرض المهاجرون منذ عامين للعنف من قبل السكان المحليين وأيضا السلطات.

يواجه المهاجرون خطر الاعتقال في الشوارع أو المحلات، أو منازلهم أو أماكن عملهم، وإرسالهم إلى السجن بتهمة ‘الإقامة غير القانونية’. كما يمكن تركهم في الصحراء على الحدود مع الجزائر أو ليبيا. وقال مهاجر غيني لمهاجرنيوز الأسبوع الماضي إن تونس أصبحت أكثر خطورة من ليبيا بالنسبة للمهاجرين من جنوب الصحراء.

لكن الحياة في ليبيا أيضا صعبة. هذا البلد لا يعرف حقوق الإنسان، ولا يُحترم اصحاب البشرة السوداء، ونُعامل معاملة قاسية كأننا حيوانات. عندما نجد عملاً لبضع ساعات في البناء أو الحقول، كثيرا ما يمتنع أصحاب العمل عن دفع أجرنا. وفي نهاية اليوم، يُطلب منك مغادرة المكان، وإذا طالبت بحقك، يهددونك بالسلاح. وعندما نحصل على أجر، يكون بين 50 و100 دينار ليبي يوميا (حوالي 8 إلى 15 يورو). نخصص جزءا صغيرا للطعام، والباقي ندخره لتكاليف عبور البحر.

لقد حاولت مرة الصعود إلى قارب الشهر الماضي، ورغم أن القارب كان طوله 10 أمتار فقط، فقد كان مكتظا وعلى متنه 82 شخصا. مع أن المهرب كان قد أخبرنا أننا سنكون 75 فقط، لكن في اللحظة الأخيرة وصل ركاب آخرون. لم يكن أمامنا خيار سوى القبول. على أي حال، لا يمكننا الشكوى عندما نكون على شاطئ البحر، لأن المهربين مسلحون. انطلقنا حوالي الساعة الثالثة فجرا، وأبحرنا لعدة ساعات، وعند حوالي الواحدة ظهرا رأينا سفينة كبيرة تقترب منا.

في البداية، لم نكن نعرف من هم، وكنا نأمل أن تكون سفينة إنقاذ تابعة لمنظمة غير حكومية قد رصدتنا. لكن سرعان ما أدركنا أنهم ليبيون. أطلقوا النار في الهواء وطلبوا منا إيقاف محرك القارب.

وحين رفض قائد القارب الامتثال لأوامرهم، أطلقوا عدة طلقات أخرى في الهواء. عمّت الفوضى، وحاول الجميع الانبطاح وحماية أنفسهم بوضع أذرعهم على رؤوسهم.

تم اقتيادنا إلى ميناء مدينة الزاوية حيث كان هناك نحو 15 ليبيا، وكانوا مسلحين وملثمين. أمرونا بالجلوس على الأرض وسرقوا هواتفنا وأموالنا. لا تستطيع قول أي شيء، فالتحدث قد يكلفك رصاصة في الرأس.

نُقلنا بعد ذلك إلى سجن في المدينة يُعرف باسم ‘سجن أسامة‘. وللخروج منه، كان عليّ دفع 3 آلاف دينار ليبي (حوالي 500 يورو). في هذا المركز، كان الوضع أشبه بالجحيم. كانت الزنازين مكتظة بحوالي 40 شخصا، متلاصقين بعضهم ببعض. الحمامات كانت متسخة جدا، ولم يكن هناك مكان للاستحمام، والمياه غير صالحة للشرب. وكان الحراس يوزعون طبقا من المعكرونة وقطعة خبز فقط مرة واحدة في اليوم كل مساء، و هذا كان كل ما نأكله خلال 24 ساعة.

حقا، ليبيا جحيم. لا توجد قوانين هنا، إنها غابة حقيقية! لحسن الحظ، لم أبق في هذا السجن أكثر من 10 أيام، فقد جمع أصدقائي المبلغ المطلوب لإطلاق سراحي. والآن أعمل لسداد ما اقترضوه من أجلي. حتى بعد أسبوعين فقط من الاحتجاز، شعرت بتأثير السجن على جسدي. كنت أتألم في كل مكان لأننا ننام على الأرض الإسمنتية… لا يوجد حتى حصائر أو بطانيات. البرد يضرب جسدك بقسوة، والبقاء طوال اليوم في زنزانة فارغة يؤثر على معنوياتك. كل ما تفعله هو التفكير في كيفية الخروج من هنا.

كل صباح أستيقظ وأنا أفكر في حلمي بالوصول إلى أوروبا. هذا هو ما يمنحني القوة للاستمرار. لا يمكنني الاستسلام بعد كل ما تحملته. لم أفعل كل هذا لأتراجع الآن. على الأقل في أوروبا هناك عمل، وتحترم حقوق الإنسان. أوروبا أفضل من أفريقيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *