القرصنة الرقمية تلتهم 229 مليار دولار سنويا من صناعة التلفزيون والسينما

مع تصاعد تكاليف الاشتراكات الشهرية وتشتت المحتوى بين منصات بث متعددة، يعود عشاق السينما والتلفزيون والرياضة إلى الاعتماد على الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) ومواقع البث غير المشروعة بوتيرة غير مسبوقة، ما يعيد ظاهرة القرصنة الرقمية إلى الواجهة بعد أعوام من التراجع.

تُظهر تقديرات حديثة أن القرصنة في قطاعي التلفزيون والسينما تُكلّف الصناعة  عالميا 71 مليار دولار سنويا، فيما يرتفع الرقم إلى 229 مليار دولار عند احتساب خسائر البث غير القانوني للأحداث الرياضية.

دراسة أجراها مركز سياسة الابتكار العالمي (GIPC) التابع لغرفة التجارة الأمريكية عام 2019، بالشراكة مع شركة NERA للاستشارات الاقتصادية، قدّرت خسائر الاقتصاد الأمريكي وحده من القرصنة الإلكترونية بما لا يقل عن 29.2 مليار دولار سنويا من الإيرادات المفقودة، بجانب يتم فقدان 70 ألف وظيفة سنويا في الولايات المتحدة بسبب قرصنة الموسيقى.

وفي تقرير لاحق لتحالف المواطنين الرقميين في 2021، تبين أن مجرمي الإنترنت الذين يوزّعون الأفلام والبرامج التلفزيونية والفعاليات المسروقة عبر مواقع وتطبيقات غير قانونية، يحققون 1.34 مليار دولار سنويًا من الإعلانات.

مع ازدياد تجزئة المحتوى بين خدمات كبرى مثل نتفليكس وأبل تي في+ وأمازون برايم فيديو وديزني+ وغيرها ارتفعت مستويات القرصنة مجددًا عام 2024، مسجلة نحو 230 مليار زيارة لمواقع البث والتحميل غير القانوني، وفق بيانات شركة MUSO البريطانية المتخصصة في مراقبة القرصنة.

تُعد الولايات المتحدة أكبر سوق للقرصنة الرقمية، مسجلة 17.4 مليار زيارة لمواقع غير قانونية، تلتها روسيا بـ14.5 مليار، ثم الهند بـ9.6 مليار، وفرنسا وتركيا بأكثر من 7.3 مليار زيارة لكل منهما.

ورغم القيود الصارمة المفروضة في المملكة المتحدة، فإنها احتلت المرتبة الثامنة عالميًا بنحو 5.7 مليار زيارة. أما الصين، التي طالما وُصفت بأنها مركز القرصنة الرقمية، فجاءت في مرتبة متأخرة بإجمالي 4.6 مليار زيارة فقط حتى عام 2019، بفضل سياسات الرقابة والتشريعات المحلية الصارمة.

يرى الباحث ناثان فيسك أن القرصنة الرقمية ليست ظاهرة حديثة، بل امتداد لمشكلات تاريخية صاحبت انتشار الطباعة وتوزيع النوتات الموسيقية في بدايات القرن العشرين. ومع ظهور الإنترنت، تحوّلت هذه الممارسات إلى شكل أكثر تطورا.

فمنذ إطلاق موقع “نابستار” عام 1999، شهد العالم أول موجة كبرى من قرصنة الموسيقى، أعقبها ظهور منصات مثل “ليميواير” و”بت تورانت” التي رسخت ثقافة تبادل الملفات بين المستخدمين.

بين تكلفة الشرعية وسهولة القرصنة.

تؤكد التحليلات أن ارتفاع أسعار الاشتراكات وتشتت المحتوى بين المنصات المختلفة، جعل المستهلكين يعودون إلى القرصنة كخيار “أرخص وأسهل”، في ظل إرهاق الاشتراكات المتعددة” الذي يفرضه السوق الحالي.

ومع استمرار الاتجاه الصعودي في القرصنة، تواجه الصناعة تحديا معقدًا بين تحقيق الإيرادات وحماية حقوق الملكية الفكرية من جهة، وبين تلبية توقعات المستخدمين الباحثين عن السهولة والسعر المنخفض من جهة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *