لماذا كل هذا الجدل في مصر حول دير سانت كاترين في سيناء؟

تصاعد الجدل في مصر بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تداول عدة منشورات تتحدث عن أوامر لرهبان دير سانت كاترين في جنوب سيناء بإخلائه تمهيداً لبيعه.

لكن محافظة جنوب سيناء نفت تلك الأقاويل؛ وأكد المحافظ خالد مبارك أن العلاقات بين الدير والمحافظة “قوية ومبنية على الاحترام والتعاون، والتنسيق المستمر بين الطرفين”.

كما أشار البيان إلى أن رئيس الدير بعث برسالة رسمية إلى المحافظة بأنه يتطلع للعودة إلى سانت كاترين وللقاء المحافظ في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بعد استكمال علاجه الطبي في الخارج، لتعزيز الجهود المشتركة لحماية التراث الثقافي والديني للدير.

وكان الجدل قد بدأ بعد نشر موقع “الصفحة الأولى” الإلكتروني تقريراً عن مقاضاة الحكومة المصرية لرئيس دير سانت كاترين أمام المحكمة في الدعوى رقم 24 لسنة 2015 بشأن طرد جميع من في الدير، وتسليمه وما عليه من مبانٍ للدولة المصرية، وذلك وفقاً للموقع، واعتبار هذه المباني تعويضاً عن استغلال المكان المدة الطويلة الماضية لأكثر من 15 قرناً من الزمان.

ورغم نفي المحافظة، بقي الشك يراود بعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي، منهم الناشطة في مجال حماية الآثار مونيكا حنا.

بينما بنى آخرون شكوكهم في نفي محافظة جنوب سيناء أي نية لإخلاء الدير، على إعلان الحكومة المصرية عن مشروع “التجلي الأعظم” في سيناء عام 2022 والمقرر تنفيذه على مساحة مليوني متر مربع، في المنطقة الواقعة بين جبل سانت كاترين وجبل موسي، ويستهدف تطوير الدير والمنطقة المحيطة به وإنشاء مزار روحاني لوضع مدينة سانت كاترين على خريطة السياحة العالمية وجذب مليون سائح كل عام للمدينة الأثرية، بحسب تصريحات لمحافظ جنوب سيناء.

بحسب موقعي وزارة السياحة والآثار المصرية، ومنظمة الأمم المتحدة للعلوم والفنون والثقافة (اليونسكو)، يقع دير القديسة كاترين في جنوب شبه جزيرة سيناء عند قدم جبل حورب المذكور في العهد القديم (سفح جبل سيناء)، حيث يُعتقد أن النبي موسى تلقى الوصايا العشر من الله، ويقدسه المسلمون أيضاً ويدعونه جبل موسى.

تأسس في القرن السادس الميلادي بأمر من الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول في الفترة ما بين 548 و565م وهو الدير المسيحي الأقدم الذي حافظ على وظيفته الأساسيّة.

يُعرف هذا الدير، الذي يضم مناطق ومعالم متنوعة، باسم دير القديسة كاترين، واسمه الفعلي هو “دير الله المقدس لجبل سيناء”، وبُني لإيواء الرهبان الذين كانوا يعيشون في شبه جزيرة سيناء منذ القرن الرابع الميلادي.

يتربع دير سانت كاترين على سفح جبل سيناء الذي يرتفع عن سطح البحر 2285 متراً، ويحمل اسم القديسة كاترين التي “استشهدت” في أوائل القرن الرابع الميلادي، واكتشف الرهبان جسدها بالقرب من الجبل في القرن التاسع الميلادي.

وتعد منطقة دير سانت كاترين منطقة مقدّسة للديانات السماويّة الثلاث، اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام؛ فمنطقة الجبل الأعظم في دير سانت كاترين تعد أحد المناطق المقدسة التي جمعت بين الديانات السماوية الثلاثة، لذلك يُطلق عليها “ملتقى الديانات السماوية الثلاثة”.

يقصدها مؤمنون بالرسالات السماوية الثلاث بسبب تجلي الله فيها للنبي موسى؛ وما يجذب السياح من جميع أنحاء العالم أن الموقع يجمع بين التاريخ والدين، ويُعَد من أهم معالم السياحة الدينية في مصر.

ويتيح الموقع للزوار فرصة تسلق جبل موسى، الذي يُعد مكاناً ذا أهمية روحية عالية، حيث يُمكنهم مشاهدة شروق الشمس من فوق الجبل، وهي تجربة روحانية وجمالية فريدة، تشهد إقبالاً في فصل الشتاء.

 

ما سر الأهمية الكبرى لدير سانت كاترين؟

عام 2002 صنفت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والفنون (اليونسكو) دير سانت كاترين “الدير المسيحي الأقدم الذي حافظ على وظيفته الأساسيّة”.

ويضم الدير أماكن متعددة، أهمها كنيسة تجلي السيد المسيح، والتي أنشئت بأمر من الإمبراطور البيزنطي جستنيان، وبها باب خشبي ضخم مكوَّن من مجموعة من النقوش والزخارف الدقيقة.

وتضم كنيسة التجلي في حد ذاتها تسع كنائس أصغر، إحداها الكنيسة المحترقة التي ورد أن الله تكلّم منها مع النبي موسى، كما يوجد في كنيسة التجلي تابوت خشبي يضم جثمان القديسة كاترين، ومنقوش عليه نقوش رائعة.

يشتمل دير سانت كاترين أيضاً على عشر كنائس أخرى، وأماكن إقامة الرهبان، وقاعة طعام، ومكبس زيتون، وصناديق عظام الموتى.

كما يضم الدير المسجد الفاطمي في الجزء الشمالي الغربي داخل الدير ويواجه الكنيسة الرئيسية؛ حيث بني عام 500 هـ/ 1106م في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله كثمرة للعلاقة الطيبة بين المسلمين والمسيحيين، التي شهدت ذروتها في الخلافة الفاطمية، وكان هذا المسجد محطة للحجاج في طريقهم إلى الحج في مكة وتركوا كتابات تذكارية عديدة ما زالت على محرابه إلى الآن.

إلى جانب الأهمية الدينية يحتوي الدير على مكتبة تضم ثاني أكبر مجموعة من المخطوطات الدينية بعد الفاتيكان، تشمل نصوصاً من القرن الرابع الميلادي بلغات قديمة عديدة مثل اليونانية والسريانية والعربية، وتقترب عدد المخطوطات فيها من 6 آلاف مخطوطة حول مواضيع مختلفة، بما في ذلك الدين والتاريخ والجغرافيا والفلسفة، يرجع تاريخ أقدمها إلى القرن الرابع الميلادي، وبدأ مشروع لحفظ المكتبة، انتهى في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017.

كما يمتلك الدير مجموعة من الأيقونات المسيحية البيزنطية والفنية التي تُعتبر من أندر وأهم الأيقونات في العالم، وتعود إلى فترات مبكرة من العصور الوسطى.

ويتميز الدير بطراز معماري بيزنطي قديم، وقد حافظ على تصميمه الأصلي بقدر كبير من الدقة، ما يعكس التقدم المعماري والهندسي في العصور القديمة.

تحتوي هذه الصفحة على محتوى من موقع Twitter. موافقتكم مطلوبة قبل عرض أي مواد لأنها قد تتضمن ملفات ارتباط (كوكيز) وغيرها من الأدوات التقنية. قد تفضلون الاطلاع على سياسة ملفات الارتباط الخاصة بموقع Twitter وسياسة الخصوصية قبل الموافقة. لعرض المحتوى، اختر “موافقة وإكمال”

وطبقا لبيان محافظة جنوب سيناء فقد استقبل الدير الخميس، 200 من الزوار، بينهم 156 من جنسيات متنوعة تشمل فرنسا، روسيا، الهند، أستراليا، إندونيسيا، وغيرها، إلى جانب 24 زائراً مصرياً.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *