سجلت اليونان أعدادا متزايدة هذا العام من المهاجرين الواصلين إليها من تركيا ومن شمال أفريقيا مقارنة بالعام السابق. وصرح وزير الهجرة اليوناني أن الحكومة تدرس إنشاء مرافق احتجاز على جزيرتي رودس وكريت، وسط مخاوف من زيادة تدفق المهاجرين جراء الحرب الدائرة في الشرق الأوسط.
تشير تقديرات وزارية يونانية أن أعداد المهاجرين الواصلين شهدت زيادة بنسبة 25 % خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، بعدد إجمالي وصل إلى نحو 37 ألف مهاجر، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ووسط توقع المصادر نفسها وصول هذا العدد إلى 50 ألف وافد حتى نهاية العام، تزداد مخاوف المسؤولين اليونانيين من تبعات الحرب الدائرة في الشرق الأوسط، وخاصة بعد توسعها على جبهة لبنان بعد نحو عام من الحرب على غزة، وتأثيرها على تدفق المهاجرين الفارين من ويلاتها ومن الفقر.
وقال وزير الهجرة ووزير الدفاع السابق، نيكوس باناجيوتوبولوس، إن الحكومة تدرس إنشاء مرافق احتجاز على جزيرتي رودس وكريت بعد أن تضاعف معدل الوافدين عن طريق البحر أكثر من الضعف، بدءا من الخريف الماضي.
وقال باناجيوتوبولوس لقناة “أكشن 24” التلفزيونية الخاصة “بناءً على البيانات الحالية، نتوقع أنه بحلول نهاية العام، سيدخل حوالي 50 ألف مهاجر إلى بلادنا”. وقال إن مراكز المهاجرين على الجزر اليونانية تعمل بكامل طاقتها حاليا، في حين أن المرافق في البر الرئيسي تشغل حوالي 60٪ من طاقتها الاستيعابية.
وأضاف الوزير أن المهاجرين يأتون في الغالب من الساحل التركي ولكن أيضا من طرق شمال أفريقيا مع وصول الوافدين المتأثرين بالصراعات في الشرق الأوسط، وإنه “من المؤكد أننا نشهد بعض التدفق من لبنان، لكننا لم نشهد بعد الزيادة التي قد نتوقعها من صراع واسع النطاق هناك”.
وانطلاقا من هذا يسعى المسؤولون في اليونان إلى سياسات هجرة أكثر صرامة في ظل ولاية رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الثانية، عبر إدخال تعديلات لإنشاء سياسات ترحيل أكثر قوة وضوابط حدودية خارجية أكثر صرامة من خلال المفاوضات بشأن تطبيق ميثاق الهجرة للاتحاد الأوروبي الذي سيدخل حيز التنفيذ في منتصف عام 2026.
ومن المرتقب أيضا أن يناقش الوزير اليوناني قضية الهجرة مع وزير الداخلية التركي علي برليكايا خلال هذا الشهر تشرين الثاني/نوفمبر. وهذه القضية محط خلاف بين أثينا وأنقرة.
وتنبه المنظمات الحقوقية إلى الأوضاع الصعبة في مراكز تسجيل واستقبال المهاجرين في اليونان حيث هناك نقص في عدد كبير من الخدمات.
وتشير منظمة حقوق الإنسان غير الحكومية لدعم اللاجئين في بحر إيجه (RSA)، على إكس، إلى أن “مركز الوصول المغلق الخاضع للرقابة” (CCAC) لاحتجاز المهاجرين في جزيرة ساموس “مكتظ” وأنه “في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024، كان هناك 4163 شخصا يقيمون هناك، في حين تبلغ سعته 3664 شخصا – أي ما يقرب من 500 شخص فوق سعته”. وتلفت المنظمة إلى استمرار الإشكالات فيه من “انقطاعات متكررة في إمدادات المياه والوصول المحدود أو غير الموجود إلى مياه الصرف الصحي ومياه الشرب”.
كما نوهت مديرة المنظمة إيريني جايتانو لفرانس برس إلى عدم تواجد “عدد كاف من المترجمين الفوريين في المخيمات ومن الأطباء” إضافة إلى “تجاوز احتجاز المهاجرين المدة القصوة البالغة 25 يوما التي ينص عليها القانون” بسبب عدم تمكنهم من تقديم طلبات اللجوء.
وهذا هو حال العديد من المهاجرين الموجودين في مخيم مالاكاسا (40 كيلومترا من أثينا)، وهو أحد أكبر المخيمات في اليونان، والذي زاره الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بعد ظهر أمس الأربعاء في إطار زيارة لليونان تستغرق ثلاثة أيام. ووفقا لتقرير سابق لـ(RSA)، ففي يونيو/حزيران لم يكن هناك سوى طبيبين اثنين لعلاج 1,411 مهاجراً في مركز مالاكاسا.
وكانت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للمجلس الأوروبي قد دعت مؤخرا، اليونان مرة أخرى إلى إصلاح نظام احتجاز المهاجرين لديها.
وتشهد اليونان منذ بداية العام طريق هجرة غير معهود لمهاجرين قطعوا البحر المتوسط انطلاقا من ليبيا، أي قطعوا مسافة تقارب 200 كلم، للوصول إلى جزيرة غافدوس الصغيرة أقصى الجنوب والتي يبلغ عدد سكانها نحو 70 شخصا، وإلى جزيرة كريت الأقرب إليها. وتنقل السلطات في غضون يوم إلى ثلاثة أيام المهاجرين إلى البر الرئيسي حسبما شرح لمهاجرنيوز ميكاليس فوتياديس المتطوع في فريق ‘تالاسا أوف سوليداريتي‘، المنظمة الواقعة في هيراكليون، في جزيرة كريت.
وبالإضافة إلى الأوضاع الصعبة في مراكز الاستقبال والاحتجاز، تتهم وسائل إعلام ومنظمات غير حكومية معنية بحقوق الإنسان، السلطات اليونانية بتنفيذ عمليات إرجاع غير قانونية للمهاجرين نحو المياه التركية للحد من عدد الوافدين إلى الأراضي اليونانية، وتنفي أثينا دائما اللجوء إلى هذه الممارسة المخالفة للقانون الدولي.
وتعد اليونان، إضافة إلى إيطاليا وإسبانيا، بوابة للمهاجرين الساعين إلى حياة أفضل في أوروبا. إلا أن طرق الهجرة المحفوفة بالمخاطر التي يسلكونها قد تهدد حياتهم، فمنذ بداية أيلول/سبتمبر، لقي تسعة أشخاص حتفهم، من بينهم رضيعان، بعد غرق ثلاث قوارب مؤقتة منفصلة قبالة جزيرتي ساموس وكوس اليونانيتين في بحر إيجه.