الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات على إسبانيا بسبب منع رسو سفنها

تدرس الولايات المتحدة فرض عقوبات محتملة على إسبانيا، على خلفية قرار مدريد منع رسو سفن في موانئها، من بينها ميناء الجزيرة الخضراء، بدعوى أنها تحمل شحنات مرتبطة بإسرائيل، وهو ما اعتبرته واشنطن إجراءً قد يضر بمصالح التجارة البحرية الأمريكية.

ووفق ما أوردته صحيفة “أوروبا سور” الإسبانية، فإن اللجنة البحرية الفيدرالية الأمريكية “FMC” أعلنت أمس الاثنين أنها قطعت خطوة جديدة في التحقيق المفتوح ضد إسبانيا، معتبرة أن القيود المفروضة على حركة السفن قد تخلق “ظروفا عامة أو خاصة غير مواتية” للتجارة البحرية للولايات المتحدة.

وقالت اللجنة الأمريكية في وثيقة نشرتها أمس، حسب المصدر الإعلامي الإسباني المذكور إن القيود الإسبانية لا تزال سارية، مشيرة إلى فتح مرحلة ثانية من التحقيق تركز على جمع معطيات إضافية قبل البت في إمكانية اتخاذ تدابير عقابية قد تؤثر مباشرة على حركة الملاحة بين البلدين.

وأضاف المصدر ذاته نقلا عن الوثيقة الأمريكية أن هذا التحقيق يعود إلى دجنبر 2024، عندما منعت السلطات الإسبانية ثلاث سفن حاويات ترفع العلم الأمريكي من الرسو في محطة “APM” بميناء الجزيرة الخضراء، خلال الفترة ما بين 9 و14 نونبر من السنة نفسها.

ولفت المصدر إلى أن السفن المعنية، كانت هي “Maersk Denver” و”Maersk Nysted”و “Maersk Seletar”، تُشغَّل جميعها من طرف شركة ميرسك الدانماركية في إطار برنامج الأمن البحري الأمريكيي، مشيرا إلى أن إسبانيا بررت قراراتهها آنذاك بممارسة سيادتها المينائية وتفسيرها للقانون الوطني والأوروبي والدولي، بسبب ارتباط الشحنات بإسرائيل.

وأشارت اللجنة البحرية الفيدرالية في وثيقتها إلى أن هذه الواقعة لم تكن معزولة، إذ سبق في ماي 2024 منع سفينة أخرى من الرسو في أحد الموانئ الإسبانية بسبب نقلها أسلحة إلى إسرائيل، معتبرة أن ذلك يعكس نمطًا متكررا في السياسة الإسبانية، وفق ما نقلته “أوروبا سور”.

وأضافت اللجنة الأمريكية في هذا السياق، أن السياسة الإسبانية لم تشهد أي تراجع، بل تعززت مع إعلان الحكومة، في شتنبر 2025، عن استراتيجية “متعددة الأبعاد” تهدف إلى منع عبور شحنات معينة نحو إسرائيل، تشمل حظر استخدام الموانئ والمجال الجوي الإسباني لنقل الأسلحة أو الوقود الموجه لجيشها.

وترى الجهة التنظيمية الأمريكية، حسب الصحيفة الإسبانية، أن هذا التوجه يعني أن إسبانيا تعتبر نفسها مخولة قانونيا لرفض دخول السفن إلى موانئها بناء على نوع الشحنة ومصدرها أو وجهتها، وهو ما قد يشكل، حسب واشنطن، مساسا مباشرا بمصالح النقل البحري الأمريكي، مما يدفع باللجنة البحرية الفيدرالية، بموجب القانون الأمريكي، للتحقيق وفرض تدابير تصحيحية ضد سياسات أجنبية تُلحق ضررا بالتجارة البحرية للولايات المتحدة.

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن العقوبات التي تدرسها واشنطن تشمل فرض قيود على الرحلات البحرية من وإلى الموانئ الأمريكية، أو فرض رسوم إضافية على السفن المرتبطة بإسبانيا، أو تقييد أنواع وكميات الشحنات، إضافة إلى إمكانية طلب تدخل وزارة الأمن الداخلي لرفض دخول أو خروج سفن، أو حتى توقيفها.

وقالت صحيفة “أوروبا سور” في تقريرها إن ميناء الجزيرة الخضراء يُعد نقطة ربط رئيسية مع عدة موانئ أمريكية عبر خطوط ملاحية منتظمة تشغّلها شركات كبرى، حيث يُعتبرمنصة محورية للصادرات الإسبانية، خصوصا منتجات الأندلس، وعلى رأسها زيت الزيتون، نحو السوق الأمريكية.

وحذر التقرير من أن أي إجراءات عقابية محتملة قد تكون لها انعكاسات ملموسة على حركة الملاحة في مضيق جبل طارق، وعلى سلاسل التوريد العابرة للأطلسي، كما سيكون لذلك تأثير كبير على نشاط ميناء الجزيرة الخضراء.

وقبل اتخاذ قرار نهائي، أضار التقرير، فتحت اللجنة الأمريكية مرحلة جديدة لجمع المعلومات، طالبة تقارير تفصيلية حول حالات المنع التي طبقتها إسبانيا، والأسباب المقدمة، والبدائل الممكنة، إلى جانب تقييم الأثر الفعلي لهذه القرارات على التكاليف اللوجستية والجداول الزمنية للشحن.

ومن المرتقب أن تحسم الولايات المتحدة موقفها خلال الستين يوما المقبلة، بناء على نتائج هذا التحقيق، في وقت يترقب فيه الفاعلون في قطاع النقل البحري تداعيات محتملة قد تعيد رسم ملامح العلاقات المينائية بين واشنطن ومدريد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *