الإخوان ومسار النفوذ داخل أوروبا

كشف تقرير جديد صادر عن مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، الأحد 21 ديسمبر 2025، عن تحويل ملايين اليوروهات من الأموال العامة لمؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى منظمات مرتبطة بتنظيم “الإخوان“، وهو ما يثير جدلًا واسعًا بشأن مدى شفافية استخدام الأموال الأوروبية.

التقرير، الذي حمل عنوان “كشف الإخوان“، وأعده عضو البرلمان الأوروبي السويدي، تشارلي فايمرز، أكد أن الحكومات الوطنية والسلطات الإقليمية شاركت في تمويل هذه المنظمات على مدى سنوات، غالبًا تحت شعارات اجتماعية وسياسية مثل الإدماج الاجتماعي، مكافحة التمييز، وتمكين الشباب.

حدّد التقرير عددًا من الجهات التي تلقت تمويلًا أوروبيًا ضخمًا، منها منظمة “إسلاميك ريليف العالمية”، التي حصلت على أكثر من 40 مليون يورو منذ عام 2007، ما يضعها ضمن أبرز المستفيدين من الدعم الأوروبي.

كما تلقت شبكة “يوروبين نيتوورك أجينست ريسيزم” نحو 23 مليون يورو خلال الفترة نفسها، إضافة إلى اتحاد “يوروبين مسلم يونيون” ومنتدى “فوروم أوف يوروبين مسلم يوث آند ستودنت أورجنايزيشنز”، حيث استفادت هذه المنظمات من مشاريع مدعومة مباشرة من الاتحاد الأوروبي.

أكد فايمرز، عند إعلان نشر التقرير عبر منصة “إكس”، أن هذه المنظمات استغلت التمويل الأوروبي لدفع أجندة انعزالية، تقوض القيم الأوروبية الأساسية مثل الحرية والديمقراطية والمساواة.

وأشار التقرير إلى أن استمرار التمويل يشمل جهات متهمة بالحفاظ على صلات مع جماعات متطرفة، مع ذكر مزاعم حول صلات “إسلاميك ريليف وورلدوايد” بحركة حماس وتصريحات قيادية معادية للسامية، ما يثير تساؤلات بشأن جدوى الرقابة الأوروبية على هذه المنظمات.

وفق صحيفة “الجارديان”، يشدد المدافعون عن التمويل على أنه لا توجد أدلة قاطعة على استخدام أموال الاتحاد الأوروبي في أنشطة غير قانونية، مؤكدين أن هذه المنظمات تقوم بدور مهم في تعزيز الإدماج الاجتماعي وتحقيق أهداف اجتماعية مشروعة.

ولكن التقرير يرى أن المشكلة الأساسية لا تكمن في الشرعية القانونية، بل في مدى توافق هذه الجهات مع القيم الديمقراطية الأوروبية، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يطبق معايير أكثر صرامة عند تمويل الشركات الخاصة مقارنة بالمنظمات المدنية ذات النشاط السياسي، ما يخلق فجوة في المعايير والمساءلة.

يختتم التقرير بتحذير صارم من أن ما يحدث ليس حالات معزولة أو أخطاء إدارية، بل نمطًا ممنهجًا يشكل تهديدًا للتماسك الديمقراطي في أوروبا ويستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة.

وأكد فايمرز أن قطع التمويل وإعادة النظر في الشرعية الممنوحة لهذه المنظمات “ليس خيارًا سياسيًا، بل واجبًا أخلاقيًا وديمقراطيًا”، مشددًا على ضرورة مراجعة شاملة للمعايير التي تعتمدها مؤسسات الاتحاد الأوروبي لضمان حماية القيم الأساسية للديمقراطية وحقوق الإنسان.

يشكّل التقرير بمثابة جرس إنذار لمؤسسات الاتحاد الأوروبي، حيث يسلط الضوء على ضرورة الموازنة بين دعم المنظمات المدنية وتعزيز الديمقراطية، مع منع أي استغلال للتمويل العام لأغراض تتعارض مع القيم الأوروبية.

ويؤكد التقرير أن ضمان الشفافية والمساءلة في تمويل هذه المنظمات يمثل خطوة أساسية للحفاظ على مصداقية الاتحاد الأوروبي واستقرار سياساته، وحماية المجتمعات الأوروبية من أي تأثيرات خارجية تهدد التماسك الاجتماعي والسياسي.

رؤية: اسراء عبد المطلب

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *