اسرائيل تشن غارات ضد مواقع لحزب الله في جميع أنحاء لبنان

رئيس البرلمان في بيروت يصف العملية بأنها “رسالة” إلى الوسطاء المجتمعين في باريس مع قائد الجيش اللبناني بشأن نزع سلاح الجماعة المدعومة من إيران، في ظل تهديد إنهيار وقف إطلاق النار. أعلن الجيش الإسرائيلي أنه شنّ غارات جوية على أهداف تابعة لحزب الله في أنحاء لبنان صباح الخميس، استهدفت مخازن أسلحة في عمق البلاد ومعسكر تدريب يستخدمه الحزب.

يبدو أن هذه الموجة من القصف هي الأحدث في سلسلة من العمليات المتصاعدة التي تستهدف محاولات الحزب لإعادة بناء قواته، في ظلّ سعي الوسطاء الحثيث لإيقاف عملية عسكرية إسرائيلية محتملة ومنع انهيار وقف إطلاق النار الهشّ الذي مضى عليه عام.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن غاراته دمّرت مواقع إطلاق صواريخ وبنية تحتية أخرى تابعة للحزب في معسكر تدريب، دون تحديد الموقع. واتهم الجيش الإسرائيلي حزب الله بتشكيل تهديد وانتهاك التفاهمات بين إسرائيل ولبنان التي تمّ التوصل إليها في وقف إطلاق النار العام الماضي.

ووفقًا للجيش، كان حزب الله يستخدم المعسكر لتدريب عناصره، وإجراء تدريبات بالذخيرة الحية، وتشغيل المدفعية، وتخزين الأسلحة. وأضاف الجيش أنه تمّ شنّ غارات إضافية في عمق لبنان على مبانٍ يستخدمها حزب الله لتخزين الأسلحة وتنفيذ العمليات.

وفي سياق منفصل، أعلن الجيش الإسرائيلي استهدافه عنصراً من حزب الله في منطقة الطيبة جنوب لبنان. ووفقاً للوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، استهدفت عدة غارات مناطق جبلية في جنوب وشرق البلاد. ولم يتضح بعد ما إذا كانت هناك إصابات.

جاءت الهجمات في وقت كان من المقرر أن يعقد فيه مسؤولون فرنسيون وسعوديون وأمريكيون محادثات في باريس مع قائد الجيش اللبناني بهدف وضع اللمسات الأخيرة على خارطة طريق لآلية نزع سلاح حزب الله، وفقًا لما أفاد به دبلوماسيون.

وقال رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل المتحالفة مع حزب الله، نبيه بري، إن الضربات تمثل “رسالة إسرائيلية” إلى مؤتمر باريس، حسبما ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.

وقد صعّدت إسرائيل عملياتها العسكرية في لبنان خلال الأسابيع الأخيرة، وسط تقارير عن هجوم إسرائيلي واسع النطاق محتمل يستهدف حزب الله، على الرغم من وقف إطلاق النار الذي بدأ في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وجاء وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة مع حزب الله بعد شهرين من الصراع المفتوح في لبنان، بما في ذلك عملية برية للجيش الإسرائيلي في جنوب البلاد في محاولة لتمكين عودة آمنة لنحو 60 ألفًا من سكان شمال إسرائيل الذين نزحوا جراء هجمات الحزب شبه اليومية. بدأت الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي بعد يوم من غزو حركة حماس، المدعومة من إيران، جنوب إسرائيل، مما أشعل فتيل الحرب في غزة.

اشترط وقف إطلاق النار على كل من إسرائيل وحزب الله إخلاء جنوب لبنان، على أن تحل محلهما القوات المسلحة اللبنانية. وقد انسحبت إسرائيل من جميع المواقع الحدودية باستثناء خمسة مواقع استراتيجية.

مع تزايد المخاوف من انهيار وقف إطلاق النار، يهدف اجتماع باريس إلى تهيئة ظروف أكثر فعالية لتحديد ودعم عملية نزع السلاح والتحقق منها، وردع إسرائيل عن التصعيد، وفقًا لما صرّح به أربعة دبلوماسيين ومسؤولين أوروبيين ولبنانيين لوكالة رويترز.

ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في لبنان عام 2026، تتزايد المخاوف من أن يؤدي الشلل السياسي والانقسامات إلى تفاقم عدم الاستقرار، ما يقلل من احتمالية إقدام الرئيس جوزيف عون على خطوة نزع السلاح، بحسب ما أفاد به الدبلوماسيون والمسؤولون.

وقال مسؤول رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن هويته: “الوضع بالغ الخطورة، ومليء بالتناقضات، ولن يتطلب الأمر الكثير لإشعال فتيل الأزمة”.

وأضاف: “لا يرغب عون في جعل عملية نزع السلاح علنية للغاية خشية أن يؤدي ذلك إلى استعداء الطائفة الشيعية في جنوب البلاد وإثارة التوترات معها”.

نظراً لافتقار الجيش اللبناني للقدرة على نزع سلاح حزب الله، فإن الفكرة المطروحة هي تعزيز آلية وقف إطلاق النار الحالية بمشاركة خبراء عسكريين فرنسيين وأمريكيين، وربما آخرين، إلى جانب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وفقاً لما ذكره دبلوماسيون ومسؤولون.

وتأمل الأطراف في تنظيم مؤتمر مطلع العام المقبل لتعزيز قدرات الجيش اللبناني، بالإضافة إلى مؤتمر آخر لدعم إعادة الإعمار، ولا سيما في الجنوب.

ومنذ وقف إطلاق النار، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه قتل أكثر من 380 عنصراً من حزب الله وأعضاء في جماعات متحالفة معه في غارات جوية، واستهدف مئات المواقع التابعة لحزب الله، ونفذ أكثر من 1200 عملية عسكرية صغيرة في جنوب لبنان.

ويتعرض حزب الله، الذي أضعفته الحرب ولا يزال يواجه غارات إسرائيلية منتظمة، لضغوط داخلية ودولية لتسليم أسلحته، وقد وضع الجيش اللبناني خطة لنزع سلاحه.

ومن المقرر أن يجتمع وزيرا خارجية لبنان وإيران قريباً لمناقشة هذه القضية.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *