
نفّذت الشرطة البريطانية أولى اعتقالاتها يوم الأربعاء منذ إعلانها عزمها على احتجاز من يهتفون علنًا بشعارات مؤيدة للفلسطينيين تدعو إلى “عولمة الانتفاضة”، وذلك في خطوة جاءت على خلفية مجزرة شاطئ بوندي في أستراليا. وقالت شرطة العاصمة لندن إن شخصين “هتفا بشعارات تدعو إلى الانتفاضة قد اعتُقلا بتهمة الإخلال بالنظام العام بدافع عنصري” خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في العاصمة البريطانية.
وأضافت الشرطة أنها اعتقلت شخصين آخرين لاحقًا بتهمة الإخلال بالنظام العام، بينما احتُجز شخص خامس بتهمة عرقلة الاعتقالات الأولى. جاء ذلك بعد ساعات من إعلان شرطة العاصمة وشرطة مدينة مانشستر شمال غرب إنجلترا أنهما “ستكونان أكثر حزمًا” في التعامل مع مثل هذه الاحتجاجات لمواجهة ما يُزعم من معاداة للسامية والتحريض على العنف عبر الشعارات.
يأتي هذا الإجراء عقب هجوم نفذه أب وابنه، أسفر عن مقتل 15 شخصًا يوم الأحد في احتفالات عيد الأنوار (حانوكا) على شاطئ بوندي في سيدني، وهجوم دموي آخر في أكتوبر/تشرين الأول على كنيس يهودي في مانشستر خلال يوم الغفران (يوم كيبور)، أقدس أيام السنة اليهودية.
وقال قائدا شرطة العاصمة وشرطة مانشستر الكبرى في بيان مشترك: “ندرك قلق المجتمعات المحلية إزاء اللافتات والهتافات التي تدعو إلى عولمة الانتفاضة”.
وأضافا: “لقد وقعت أعمال عنف، وتغير السياق، وأصبحت للكلمات معانٍ وتداعيات. سنتحرك بحزم ونلقي القبض على الجناة”.
ورحبت الجماعات اليهودية بهذا الإعلان، ووصفه الحاخام الأكبر في المملكة المتحدة، إفرايم ميرفيس، بأنه “خطوة مهمة نحو التصدي لخطاب الكراهية الذي شهدناه في شوارعنا، والذي ألهم أعمال عنف وإرهاب”.
لكن بن جمال، من حملة التضامن مع فلسطين، صرّح في بيانٍ له بأن هذا الإجراء يُعدّ انتهاكًا لحق التظاهر.
وأضاف: “يمثل بيان شرطة العاصمة وشرطة مانشستر الكبرى انحدارًا جديدًا في قمع الاحتجاجات المطالبة بالحقوق الفلسطينية”، وذلك قبيل المظاهرة المؤيدة للفلسطينيين التي نظمتها مجموعته في لندن والتي شهدت اعتقالات.
وحضر المظاهرة أكثر من ألف شخص، بحسب حملة التضامن مع فلسطين.
وانتقد جمال غياب التشاور بشأن الموقف الشرطي الجديد، مُشيرًا إلى أن “كلمة انتفاضة في اللغة العربية تعني التمرد على الظلم”.
وادّعى: “برزت هذه الكلمة خلال الانتفاضة الأولى التي اتسمت في معظمها بالاحتجاجات السلمية التي قمعتها الدولة الإسرائيلية بوحشية”.
تشير الانتفاضة إلى الانتفاضات الشعبية الفلسطينية ضد إسرائيل، والتي اندلعت الأولى منها بين عامي 1987 و1993. أما الثانية، التي شهدت قيام جماعات فلسطينية مسلحة بقتل مئات الإسرائيليين في عمليات انتحارية وهجمات أخرى، فقد اندلعت بين عامي 2000 و2005، وهي التي يرتبط بها مصطلح الانتفاضة ارتباطًا وثيقًا.
وقد عززت الشرطة البريطانية بالفعل الإجراءات الأمنية حول المعابد اليهودية والمدارس اليهودية والمراكز المجتمعية في البلاد في أعقاب أحداث العنف التي شهدها هذا العام.
أدان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي تنتمي زوجته إلى الديانة اليهودية، حادث إطلاق النار الذي وقع في أستراليا خلال عطلة نهاية الأسبوع، واصفًا إياه بـ”المقزز”، ومؤكدًا أنه “هجوم إرهابي معادٍ للسامية استهدف عائلات يهودية”.
وقال المدعي العام ليونيل عيدان إن دائرة الادعاء الملكية البريطانية “تعمل بالفعل بتعاون وثيق مع الشرطة والمجتمعات لتحديد جرائم الكراهية المعادية للسامية وتوجيه الاتهامات ومقاضاة مرتكبيها”. وأضاف: “سنواصل البحث عن سبل لتعزيز جهودنا”.
ووفقًا لدائرة الادعاء الملكية، ارتفعت الإحالات المتعلقة بجرائم الكراهية والملاحقات القضائية المكتملة بنسبة 17% لتصل إلى 15,561 بلاغًا خلال العام المنتهي في يونيو 2025.
