ألمانيا لن تقبل طالبي لجوء جدد وفقا لآلية التضامن الأوروبية!

ذكرت ألمانيا إنها لن تستقبل في عام 2026 طالبي لجوء من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بموجب ما يعرف بآلية التضامن الأوروبية، التي تم التوافق عليها بين هذه الدول. كما أنها لن تقدم مساعدات مالية وفقا لهذه الآلية.

أكد وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت (من الحزب المسيحي الاجتماعي) اليوم الاثنين (الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2025) عقب اجتماع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أن بلاده لن تسقبل، في العاد القادم 2026، أي طالبي لجوء إضافيين بموجب آلية التضامن الأوروبية الجديدة المصممة لتخفيف الضغط على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. كما لن تقدم جمهورية ألمانيا الاتحادية أية مساعدة مالية العام المقبل.

يُشكل ما يُسمى بآلية التضامن جزءًا من الاتفاق، وينص على أن دول الاتحاد الأوروبي التي تُعاني من “ضغط هجرة كبير”، مثل إيطاليا أو اليونان، يُمكنها نقل اللاجئين إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي. وبموجب هذه الآلية، يتعين على ألمانياعادةً إما قبول اللاجئين أو دفع 20,000 يورو لكل لاجئ لا يتم قبوله في الدول المعنية.

ووافقت دول الاتحاد الأوروبي على إعادة توطين ما يصل إلى 21 ألف طالب لجوء داخل الاتحاد الأوروبي لتخفيف الضغط على الدول الأعضاء، وفقًا لما حدده وزراء داخلية الدول الأعضاء في الاتحاد.

ومع ذلك، ووفقًا لتحليل أجرته مفوضية الاتحاد الأوروبي، يمكن لألمانيا الإشارة إلى أنها ترعى بالفعل عددًا كبيرًا من طالبي اللجوء الذين ستكون دول أعضاء أخرى في الاتحاد الأوروبي مسؤولة عنهم فعليًا.


بشق الأنفس توصلت الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي إلى اتفاق على تقاسم أعباء طالبي اللجوء بعد مفاوضات مضنية نجحت في دفع إيطاليا واليونان للانضمام إلى اتفاق استعصى على التكتل لما يقرب من عشر سنوات. ما هي بنود الاتفاق؟

استغرقت مفاوضات وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 27 في اجتماعهم في لوكسمبورغ الخميس (التاسع من حزيران/يونيو 2023) بطوله حتى اتفقوا على صيغة للإصلاح الشامل لإجراءات اللجوء وملف الهجرة المطروحة منذ سنوات. وكانت رئيسة مجلس الاتحاد الأوروبي، السويدية ماريا مالمر ستينرغارد، قد علقت الاجتماع ثلاث مرات وتم تعديل نصوص الاتفاق عدة مرات بعد البيانات الرافضة من الوفود المختلفة فيما بينها على عدة نقاط.

وبعد جهد جهيد وافقت دول الاتحاد الأوروبي الكبيرة مثل ألمانيا وإيطاليا على مشروع الاصلاحات، بينما امتنعت دول صغيرة. في النهاية، لم يحظ القرار بالإجماع، غير أنه حصل على أغلبية مؤهلة من الدول الأعضاء، التي تمثل 65 بالمائة على الأقل من سكان الاتحاد الأوروبي. وصوتت بولندا والمجر (هنغاريا)، اللتان ما زالتا لا تريدان الامتثال لقواعد الهجرة المشتركة في الاتحاد الأوروبي، ضد القرار.

بدوره أعلن وزير الداخلية البولندي القومي المحافظ ماريوس كامينسكي، أن بلاده لن تدفع أي تعويض في صندوق الاتحاد الأوروبي لطالبي اللجوء الذين لن تستقبلهم بلاده. هذا التعويض الذي يبلغ 20 ألف يورو عن كل طالب لجوء، يجب دفعه بموجب قواعد التضامن الجديدة، إذا لم تستقبل دولة ما العدد الذي يتناسب مع عدد سكانها من طالبي اللجوء.

في هذا السياق تكشف الخبيرة في الهجرة هيلينا هان من مركز أبحاث “مركز السياسة الأوروبية” (European Policy Centre) أن الشكوك تساورها من أن الاتفاق سيجري تطبيقه بسلاسة: “لقد رأينا أن الاتفاق قوبل حتى لحظة إقراره بمقاومة من قبل بعض الدول الأعضاء، بما في ذلك بولندا. وتقول الدول المعارضة إن التكاليف باهظة للغاية، لذلك يمكننا توقع مزيد من المعارضة“.
مركز استقبال أولي في برلين – صورة بتاريخ 10 مارس 2022


في عام 2022، قدم 850 ألف شخص طلب لجوء في دول الاتحاد الأوروبي

على الرغم من المعارضة الشديدة لـ “التضامن الإلزامي” مع اليونان وإيطاليا وقبرص ومالطا، وهي دول الاتحاد التي يدخلها في البدء معظم طالبي اللجوء ما يثقل كاهلها، تعتبر وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر القرار المتفق عليه في لوكسمبورغ “تاريخياً” ولم يكن سهلاً على الجميع. ووافقت الوزيرة على إجراءات اللجوء السريع على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، والتي كانت مثيرة للجدل في الائتلاف الحاكم في ألمانيا.

حسب الإجراءات الحدودية الجديدة، سيجري فرز طالبي اللجوء الذين ليس لديهم فرصة للحصول على الحماية نظراً لأنهم ينحدرون من دول آمنة نسبياً في غضون 12 أسبوعاً كحد أقصى ومن ثم العمل على ترحيلهم. ينطبق هذا الأمر على جميع البلدان التي يقل معدل الاعتراف بلجوء مواطنيها في الاتحاد الأوروبي عن 20 بالمائة كباكستان وألبانيا وبعض دول أفريقيا.

وفق القواعد الجديدة، يمكن إرجاع طالبي اللجوء المرفوضين من الحدود الخارجية للاتحاد بسرعة إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلد ثالث. في المستقبل، يتعين أن تكون الدول المُرحِّلة، أي اليونان وإيطاليا، قادرة على أن تقرر بنفسها ما إذا كان الوضع في الدول التي يتعين الترحيل إليها مناسبة أم لا. وسينتهي العمل بالقائمة الموحدة للدول الآمنة التي يقرها الاتحاد الأوروبي وتنطبق على جميع دوله.

وستنطبق الإجراءات الجديدة على الأطفال والقصر غير المصحوبين بذويهم، ما أثار انتقادات من جانب حزب الخضر الشريك في الائتلاف الحاكم في برلين. وعلقت وزيرة الداخلية نانسي فيزر في بيان على الانتقادات بالقول إنها ستستمر في الدفاع عن حقوق الأطفال واستثناء بعض الحالات الصعبة من الإجراءات. من غير الواضح ما إذا كان هذا سيرضي حزب الخضر.

وفق الإجراءات اللجوء المقرة، يجب إنشاء مراكز استقبال جديدة مغلقة في بلدي الدخول الأولين، اليونان وإيطاليا. وتعتبر المنظمات المدافعة عن حقوق اللاجئين وحزب الخضر وأجنحة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي تلك المراكز مراكز احتجاز” غير مقبولة. ولم توافق إيطاليا على الاتفاق إلا بعد عدد خفض من ستشملهم الإجراءات اللجوء السريع بشكل كبير خلال المشاورات الصعبة يوم الخميس.

اقترحت الرئاسة السويدية للاتحاد في بداية المفاوضات أن تتم إجراءات اللجوء في تلك المراكز لـ 120.000 طالب لجوء في كل عام، غير أنه لم تجر الموافقة بعد المفاوضات المضنية إلا على 40.000 طالب لجوء، أي الثلث. وبذلك ينخفض عدد الأشخاص الذين يتعين نقلهم من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى أو إيطاليا أو اليونان كجزء من “إعادة التوزيع” من “مراكز الاحتجاز”. وحتى الآن لم تبد غير ألمانيا والبرتغال وأيرلندا ولوكسمبورغ الاستعداد لاستقبال طالبي اللجوء الذين يمكن أن تنطبق عليهم الشروط الجديدة.

سيتعين على جميع الدول الأعضاء الأخرى دفع تعويضات إلى صندوق للاتحاد الأوروبي لتغطية تكاليف حماية الحدود وغيرها من النفقات لمنع الهجرة. وقالت باحثة الهجرة هيلينا هان لـ DW: “تحتاج الدول الأعضاء التي تدخلها أعداد كبيرة من الوافدين الجدد إلى الاتحاد الأوروبي (اليونان وإيطاليا) إلى زيادة قدراتها بشكل كبير حتى تتمكن من التعامل مع هذه الإجراءات الحدودية بشكل صحيح“.

لن يتأثر طالبو اللجوء من سوريا أو أفغانستان، وهم الكتلة الرئيسة من المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي، بالقواعد الجديدة لأن معدل الاعتراف بطلباتهم يبلغ حوالي 50 بالمائة. وسينطبق الإجراء “الطبيعي” على السوريين والأفغان. هذا يعني أنهم سيسجلون في اليونان أو إيطاليا ثم يتابع في الغالب طريقهم نحو ألمانيا.

هذه “الهجرة الثانوية”، التي لا يُسمح بها في الواقع بموجب قانون الاتحاد الأوروبي ولكنها ممارسة شائعة، لن تتأثر بالكاد بالقواعد الجديدة التي تم التوصل إليها بشق الأنفس. ولا تعد دول الاتحاد الأوروبي – كما كان الحال في كثير من الأحيان من قبل – إلا باستعادة طالبي اللجوء الذين دخلوها كأول دول في التكتل الأوروبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *