مخاوف من اضطرابات في مراكز احتجاز عناصر “داعش” في سورية

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أمس الأحد، تقريراً سلّطت فيه الضوء على المخاطر المتزايدة في مراكز الاحتجاز السورية التي تضمّ الآلاف من عناصر تنظيم داعش، وسط تراجع في المساعدات الأميركية، ما يهدد بإثارة اضطرابات في مراكز الاحتجاز. ووصفت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الظروف في مخيمي الهول وروج بأنها غير إنسانية ومهينة، مشيرة إلى قضايا مثل عدم كفاية الرعاية الصحية وحالات العنف ضد المرأة.

وخفضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا العام ما لا يقل عن 117 مليون دولار من المساعدات الأميركية لشمال شرقي سورية، بما في ذلك ما لا يقل عن 15 مشروعاً في الهول وخمسة مشاريع في روج، وفقاً لمنتدى المنظمات غير الحكومية في شمال شرقي سورية، وهو تحالف لمنظمات الإغاثة في المنطقة. وفي السياق، قالت مديرة مخيم الهول جيهان حنان إن البرامج التي فقدت التمويل شملت دعم المرافق الطبية وإعادة التأهيل الصحي، بالإضافة إلى توفير الدعم النفسي والمساحات الآمنة للأطفال. وأضافت أن فقدان البرامج سيجعل الأطفال في المخيم أكثر عرضة للتطرف.

وأشارت إلى أن الأمم المتحدة والجهات المانحة الأوروبية سدّت جزءاً من النقص، لكنه لا يقترب من مستوى التمويل الذي كانت تقدّمه الولايات المتحدة سابقاً. من جانبه، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية: “لن تبقى المساعدات الأميركية المقدّمة للمخيمات مسؤولية مفتوحة إلى أجل غير مسمّى.

لقد تحملت الولايات المتحدة هذا العبء لوقت طويل جداً”. وفي وقت تستمرّ فيه الإدارة الأميركية بتمويل ترحيل المحتجزين إلى بلدانهم الأم، قالت حنان إن التنظيم سعى لاستغلال المناخ السياسي الهش وتخفيض المساعدات، لإثارة الاضطرابات داخل مرافق الاحتجاز.

وتحدثت الصحيفة عن سعي تنظيم داعش لنشر دعايته في مخيم الهول، مشيرة إلى رسالة صوتية اطلعت عليها، دعا فيها التنظيم أتباعه إلى الانتفاض، و”خوض الجهاد والقتال حتى بشكل فردي إذا لزم الأمر”، لمساعدة المحتجزين. وجاء في الرسالة: “هل ترتاح أرواحهم، وتعيش نساؤهم وأطفالهم بسلام، بينما نساء وأطفال المؤمنين خلف الجدران؟ أشعلوا الحرب. استلّوا سيوفكم.

واضربوا ضربة بعد ضربة”. وفي السياق، نقلت الصحيفة عن أحد المحتجزين، ويدعى حسين صالح، قوله إن تنظيم داعش حاول اغتياله أربع مرات بسبب مساعدته شرطة المخيم الكردية، واتهامه بالخيانة، لافتة إلى أنه يعيش الآن في “منطقة آمنة” داخل المخيم مع آخرين تلقوا تهديدات مماثلة. ولفت صالح إلى أن هناك الكثير من القتلة في المخيم، لأنهم بدأوا يؤمنون بأيديولوجية التنظيم، وقال: “ليس لديهم مال، والتنظيم يدفع لهم داخل المخيم. قد يقتلون شخصاً مقابل 50 دولاراً”.

وفي سجن الصناعة في مدينة الحسكة السورية، يعيش المحتجزون في تعتيم شبه كامل، حيث سأل أحدهم، وفق الصحيفة: “هل ما زال (جو) بايدن رئيساً للولايات المتحدة؟”، مشيرة إلى أنه يُطلب من الصحافيين الزائرين عدم الإجابة عن أي أسئلة يطرحها السجناء حتى لو كانت معلومات عادية، كما يُمنع الحراس من التحدث إليهم عن الأحداث الجارية. ولفتت الصحيفة إلى أن محتجزي سجن الصناعة لا يعلمون حتى من هو الرئيس السوري، وأن رئيس النظام السابق بشار الأسد قد رحل. وفي السياق، قال مسؤولو السجن: “كلما قلّت معرفتهم، ازداد أمن سجن الصناعة ​​وسورية”.

وحذّر قادة عسكريون أميركيون وخبراء أمن إقليميون، وفق “وول ستريت جورنال”، من أن المعتقلين يشكّلون معضلة أمنية معقّدة تهدد سورية. وازدادت محاولات الهروب من أكبر معسكر اعتقال في شمال شرقي سورية، الهول، هذا العام. وأشارت الصحيفة إلى نشاط خلايا نائمة داخل المعسكرات، ومصادرة أسلحة خلال عمليات تفتيش نفذتها القوات الكردية والأميركية، وفقاً لمديري المعسكرات، ومسؤولين عسكريين أكراد في مكافحة الإرهاب، ومحققين من الأمم المتحدة، ومقابلات مع محتجزين.

وقال المدير التنفيذي لمركز صوفان، وهو مركز أبحاث غير ربحي يُركز على مكافحة الإرهاب كولين كلارك: “إنه أمر كارثي نراه بوضوح يحدث أمام أعيننا، ومع ذلك ما زلنا نكافح من أجل اتخاذ أي إجراء حياله”. وأضاف: “إذا نجح داعش في تنفيذ عملية هروب من سجن أو مركز احتجاز، فسيكون ذلك كارثياً”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *