
على عكس التنصّل العلني الذي أبدته “حركة حماس” من نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وترحيبها بسقوطه، نشر الجيش الإسرائيلي رسائل داخلية للحركة، تكشف ما يدور خلف الكواليس بشأن العلاقة بين الطرفين. جاء نشر هذه الرسائل مع قرب الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الأسد، وهو الحدث الذي رحبت به “حماس” في تصريحاتها للإعلام، لكن ما نشره الجيش الإسرائيلي من وثائق داخلية لـ “حماس”، تُبرز الأهمية التي أولتها الحركة للتعاون مع نظام الأسد.
الوثائق تتضمن مراسلات بين كبار مسؤولي “حركة حماس”، منهم يحيى السنوار وإسماعيل هنية، والأمين العام السابق لـ “حزب الله” حسن نصر الله، بالإضافة إلى محمد سعيد إيزدي، قائد “فيلق فلسطين” ضمن “الحرس الثوري” الإيراني.
وتظهر إحدى الرسائل، أن السنوار شدد على أهمية بقاء نظام الأسد في السلطة، وكتب: “سوريا ضرورية لنا كأساس للملاذ وكمساحة للبناء والنشر، ومن خلالها يمكننا المشاركة في برنامج المقاومة لمحور القدس (المحور الإيراني) ”.
وفي محاولة لتخفيف الانتباه على “حماس”، تم ترتيب اجتماع بين الأسد وعدد من الفصائل الفلسطينية واستغل إسماعيل هنية هذا اللقاء، لطلب الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لدى النظام السوري السابق. وبحسب الوثائق المنشورة، فقد أكد هنية، أن هذه الخطوة ستساهم في “تخفيف الغضب الشعبي” بشأن تجديد العلاقات بين “حركة حماس” ونظام الأسد.
الوثائق تضمنت أيضا، محاضر اجتماع جمع إيزدي مع مسؤولي “حماس” و”حزب الله”، حيث ناقشوا خطط تجديد العلاقات مع نظام الأسد، بالإضافة إلى سبل تقليل رد الفعل الشعبي تجاه هذا التعاون المستقبلي. وفي يوليو 2022، كتب السنوار إلى هنية، أن “حماس” لم تقاطع النظام السوري قط، وأنها كانت دائما تحظى بمعاملة طيبة منه. وفي وثيقة أخرى، يشكر هنية، الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله، على توسطه لعقد اللقاء الناجح مع الأسد.
في وثائق إضافية، يُعبّر كبار مسؤولي “حماس”، عن خشيتهم من سقوط نظام الأسد، ويشددون على أهميته بالنسبة للحركة بشكل خاص، وللمحور الإيراني بشكل عام. وفي رسالة أخرى، انتقد شيخ مقرب من قيادة “حماس”، الانتقادات العربية لتجديد العلاقات مع النظام السوري السابق، وقال: “نتوقع من حماس أن تقف ضد إيران في العراق، وضد بشار الأسد ونظامه في سوريا، وضد الحوثيين. حماس ممنوعة من إقامة أي علاقات ودية أو تعاون مع هؤلاء. هذا تراجع استراتيجي، وإذا تم قبوله فلن يؤدي إلا إلى انهيار حماس”.
أخيرا، تُبرز هذه الوثائق الروابط المعقدة والعميقة التي جمعت “حركة حماس” بالنظام السوري السابق كما تلقي الضوء على مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية التي قد تواجه الحركة نتيجة استمرار هذه العلاقات، وسط مخاوف من أن تؤدي ردود الفعل العربية والدولية إلى تأثيرات سلبية على استقرار “حماس” السياسي والعسكري.
