
صرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يوم الثلاثاء، خلال لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، بأن الرياض ترغب في الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، لكنها تدعو إلى ضرورة تأمين مسار نحو حل الدولتين. وقال بن سلمان، ردًا على سؤال من الصحفيين في المكتب البيضاوي، بينما كان يجلس إلى جانب ترامب: “نريد أن نكون جزءًا من اتفاقيات إبراهيم، لكننا نريد أيضًا التأكد من تأمين مسار واضح نحو حل الدولتين”.
وأضاف بن سلمان أنه وترامب أجريا “نقاشًا إيجابيًا” حول هذه القضية قبل وقت قصير من ظهورهما أمام الصحفيين. وقال بن سلمان، في إشارة إلى مسار نحو حل الدولتين: “سنعمل على ذلك لضمان قدرتنا على الاستعداد للوضع المناسب في أسرع وقت ممكن”. وتدخل ترامب قائلًا: “لا أريد استخدام كلمة التزام، لكننا أجرينا محادثة جيدة جدًا حول اتفاقيات إبراهيم. تحدثنا عن حلول الدولة الواحدة والدولتين”. وأضاف الرئيس الأمريكي أنهما سيناقشان الأمر بمزيد من التفصيل، مؤكدًا أن بن سلمان “مُعجبٌ جدًا باتفاقيات إبراهيم”.
وقال بن سلمان، متجنبًا التصريح أو الالتزام بهذا الشأن: “نريد السلام للإسرائيليين، ونريد السلام للفلسطينيين. نريدهم أن يتعايشوا بسلام في المنطقة”. لم تكن هذه التصريحات مفاجئة، بالنظر إلى أن السعودية لطالما أكدت للمحاورين أنها لن تُطبّع العلاقات مع إسرائيل دون مسار موثوق ومحدد زمنيًا ولا رجعة فيه. مع ذلك، كانت هناك بعض التكهنات بإمكانية إحراز تقدم في هذه القضية، بالنظر إلى أن شرطًا سعوديًا رئيسيًا آخر للتوصل إلى اتفاق يبدو أنه قد تم الوفاء به عندما نجح ترامب في التوسط لوقف إطلاق النار في غزة الشهر الماضي.
وذكرت تقارير أن بن سلمان أخبر مقرّبين منه أن استعادة الهدوء في غزة ضروري أيضًا للمضي قدمًا مع إسرائيل، حيث أن الحرب قد أثرت سلبًا على نظرة الشعب السعودي إلى إسرائيل، مما دفعه إلى الشعور بالحاجة إلى زيادة أهمية المكون الفلسطيني في أي اتفاق تطبيع محتمل. ولكن إذا كانت رغبة نتنياهو وائتلافه اليميني المتشدد في منح الفلسطينيين أفقًا سياسيًا محدودة قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، فإن هذه الرغبة قد تضاءلت أكثر منذ ذلك الحين.
في الأسبوع الماضي فقط، كرّر نتنياهو وأعضاء آخرون في حكومته تأكيدهم على أنهم لن يسمحوا بإقامة دولة فلسطينية تحت أي ظرف من الظروف. لطالما قلّلت الدائرة المقربة من نتنياهو – وكذلك ترامب نفسه – من شأن مطلب الرياض بحل الدولتين، ظانّين أنه يمكن معالجته من خلال إجراءات رمزية أو خطابية.
صرّح بن سلمان للصحفيين في المكتب البيضاوي أن الرياض “ستساهم بالتأكيد” في تمويل إعادة إعمار غزة، مؤكدًا استعداده لمواصلة الانخراط في القضية الفلسطينية، بغض النظر عمّا إذا كانت بلاده ستنضم فورًا إلى اتفاقيات إبراهيم.
أقرّ ولي العهد بأن الرقم الدقيق للمساعدات السعودية لغزة لم يُحدّد بعد، مما دفع ترامب للتدخل قائلاً: “سيكون مبلغًا كبيرًا”. وفي تصريح منفصل خلال جلسة الأسئلة والأجوبة في المكتب البيضاوي، قال ترامب: “الفلسطينيون في وضع جيد جدًا… نعمل عن كثب مع العديد من الجهات التي تُسعد الجميع، بما في ذلك إسرائيل والفلسطينيون والجميع”.
أفادت تقارير أن إسرائيل سعت إلى حثّ الولايات المتحدة على اشتراط بيع طائرات إف-35 المقاتلة للسعودية بموافقة الرياض على الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم. لكن ترامب ماضي قدمًا في عملية البيع، ويبدو أنه يُقلّل من شأن المخاوف من أنها قد تُلحق الضرر بالتفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة، والذي يلتزم الكونغرس قانونًا بالحفاظ عليه.
عند سؤاله عن الأمر في المكتب البيضاوي، قال ترامب إن الأسلحة التي يخطط لبيعها للسعودية ستكون “مشابهة إلى حد كبير” لتلك التي تقدمها واشنطن لإسرائيل. وقال ترامب مازحًا لبن سلمان: “أعلم أن إسرائيل ترغب في حصولكم على طائرات ذات عيار أقل. لا أعتقد أن هذا يُسعدكم كثيرًا”.
وأضاف ترامب: “في رأيي، أعتقد أن السعودية وإسرائيل وصلتا إلى مستوى يُفترض أن تحصلا فيه على أفضل الطائرات. سنعقد صفقة. سيشترون طائرات إف-35”. وأعلن البيت الأبيض لاحقًا أن الولايات المتحدة والسعودية وقّعتا اتفاقيات بشأن الطاقة النووية المدنية وبيع طائرات إف-35 خلال زيارة ولي العهد.
وقال البيت الأبيض في بيان إن البلدين صادقا على “إعلان مشترك” بشأن الطاقة النووية المدنية “يُرسي الأساس القانوني لشراكة في مجال الطاقة النووية تمتد لعقود من الزمن وبمليارات الدولارات”، بما يتماشى مع “معايير صارمة لمنع الانتشار”. بالإضافة إلى ذلك، وافق ترامب على “حزمة مبيعات دفاعية كبرى”، تشمل تسليم طائرات مقاتلة أمريكية متطورة من طراز اف-35 في المستقبل.
