
في خطوة وُصفت بأنها الأكثر صرامة منذ سنوات، أعلنت سويسرا عن حظر شبه كامل على سفر اللاجئين وطالبي اللجوء خارج أراضيها، بما في ذلك دول منطقة شنغن الأوروبية. وبينما برّرت الحكومة القرار بأسباب “أمنية وإجرائية”، أثار القانون الجديد انتقادات واسعة من منظمات حقوقية اعتبرته تقييدًا غير مبرر لحرية التنقل، وسط استثناء لافت للاجئين الأوكرانيين.
أعلنت الحكومة السويسرية عن حزمة تعديلات جديدة على لوائح اللجوء، تتضمن فرض قيود صارمة على سفر طالبي اللجوء واللاجئين المعترف بهم إلى الخارج. ووفق القوانين المقترحة، لن يُسمح لهم بالسفر إلى بلدانهم الأصلية أو إلى أي دول أخرى إلا في حالات استثنائية محددة، بينما سيُستثنى اللاجئون الأوكرانيون من معظم هذه القيود.
تأتي الخطوة في إطار تعديل تنظيمي أعدّته الحكومة تنفيذًا لقرار صادر عن البرلمان، بهدف تقييد حركة الأشخاص المشمولين بإجراءات اللجوء في مختلف مراحلها. وبموجب التعديلات، لن تُمنح تصاريح السفر إلا لأسباب “شخصية مهمة” مثل الحالات الطارئة أو وفاة أحد الأقارب المقربين في بلد المنشأ.
وأكدت الحكومة أن تحديد المقصود بـ“الأسباب الشخصية” سيجري تفصيله لاحقًا قبل دخول القواعد الجديدة حيز التنفيذ. كما منحت السلطات الكانتونات والجمعيات والأحزاب السياسية مهلة حتى الخامس من فبراير المقبل لتقديم ملاحظاتها واقتراحاتها على اللوائح، تمهيدًا لاعتمادها رسميًا مطلع العام القادم، بعد أن بقيت مجمدة منذ عام 2021.
ووفق التعديلات الجديدة، سيُطبق الحظر ليس فقط على السفر إلى بلد الأصل، بل أيضًا إلى أي دولة أخرى، بما في ذلك دول منطقة شنغن، باستثناء حالات محدودة. ومن بين هذه الحالات: الرياضيون المشاركون في بطولات دولية، أو الأطفال القاصرون الراغبون في زيارة أحد والديهم المقيمين في الخارج، على ألا تتجاوز مدة كل رحلة 30 يومًا كحد أقصى.
كما سيُراعى مدى اندماج طالب اللجوء أو اللاجئ في المجتمع السويسري عند النظر في منح الإذن بالسفر، في خطوة تهدف، بحسب الحكومة، إلى منع محاولات العودة غير المباشرة إلى بلدان المنشأ عبر المرور بدول أخرى.
يتضمن مشروع القانون استثناءً خاصًا للاجئين الأوكرانيين الذين استقبلتهم سويسرا مؤقتًا عقب الغزو الروسي لبلادهم عام 2022. وبموجب التعديل الجديد، سيسمح لهم بالبقاء في أوكرانيا لمدة تصل إلى 15 يومًا كل ستة أشهر، بعدما كان يُسمح لهم سابقًا بالسفر لمدة مماثلة كل ثلاثة أشهر. ويُذكر أن الاتحاد الأوروبي – الذي لا تنتمي إليه سويسرا – لا يفرض أي قيود على سفر الأوكرانيين إلى وطنهم.
أعربت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) عن رفضها للقيود الجديدة، ووصفتها بأنها “غير متناسبة”، مشيرة إلى أنها لا تراعي أوضاع العائلات التي فُصلت بسبب الحروب أو الاضطهاد، والتي قد لا تتمكن من الاجتماع إلا في دول ثالثة.
في المقابل، دافع عضو البرلمان السويسري غيرهارد فيستر، أحد أبرز الداعمين للتعديل منذ طرحه عام 2021، عن الخطوة قائلًا إنها تهدف إلى “تصحيح الوضع القانوني للأشخاص الذين رُفضت طلبات لجوئهم ولا يحق لهم البقاء في البلاد، لكن لا يمكن ترحيلهم أيضًا إلى أوطانهم”. وأضاف فيستر: “من الصادم أن نرى بعض هؤلاء الأشخاص يقضون عطلاتهم في بلدانهم الأصلية التي فرّوا منها”، مشيرًا إلى أن من يُضبط أثناء عودته إلى بلده الأم سيُدرج تلقائيًا على قوائم الترحيل.
وأشارت منصة Brussels Signal إلى أن الجدل حول حرية تنقل اللاجئين في سويسرا بدأ منذ عام 2015، بعد تقارير عن لاجئين من إريتريا كانوا يسافرون بانتظام إلى وطنهم رغم حصولهم على الحماية في سويسرا، ما أثار تساؤلات حول مصداقية نظام اللجوء وفعالية إجراءات الحماية.
