اليابان: ساناي تاكايشي، المحافظة المتشددة تحلم أن تصبح المرأة الحديدية

تولت ساناي تاكايشي، زعيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي رئاسة الحكومة اليابانية، لتصبح أول امرأة تصل إلى هذا المنصب في تاريخ البلاد. هذه السياسية اليمينية المتشددة، المعجبة بمارغريت تاتشر والتي كانت عازفة طبول في فرقة ميتال الشبابية، نجحت في فرض نفسها في ساحة سياسية يهيمن عليها الرجال، رغم مواقفها المحافظة المثيرة للجدل ونزعتها القومية المتشددة.

هدفي أن أصبح السيدة الحديدية. خلال الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2024، تعمّدت ساناي تاكايشي المقارنة برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر. فارتدت عقدا من اللؤلؤ وبدلة زرقاء داكنة، وكرّرت خطاب الحزم والصرامة. وفي 21 من الشهر نفسه، صوّتت لها الغرفة السفلى في البرلمان لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في اليابان.

تنحدر تاكاتشي من أسرة متواضعة. كانت والدتها شرطية ووالدها عاملا في مصنع للسيارات. واجهت صعوبات جمة في عالم سياسي يسيطر عليه الرجال وكانت ضحية التحامل والازدراء من زملاء ينظرون إليها بنوع من الكبرياء. كما تحلم بالبقاء لمدة طويلة في الحكم، على خطى تاتشر التي حكمت بريطانيا 11 عاما، في بلدٍ تغيّر فيه 15 رئيس حكومة خلال عقد واحد فقط.

منذ دخولها البرلمان، اقتربت تاكاتشي من شينزو آبي، الزعيم المحافظ الذي تبنّت أفكاره. وعارضت تولي النساء العرش الإمبراطوري، ورفضت الزواج للجميع. كما اعترضت على السماح للنساء بالاحتفاظ بأسمائهن بعد الزواج.

في عام 2006، انضمت تاكايشي إلى حكومة آبي كوزيرة لسياسات الطفولة والمساواة بين الجنسين. ثم تولت عام 2014 وزارة الداخلية والاتصالات. بقيت في المنصب لغاية 2017. عادت بعدها إلى الحزب لتشغل مناصب استراتيجية، قبل أن تعود مجددا إلى الحكومة في 2019. هزّها اغتيال شينزو آبي في 8 يوليو/تموز 2020 في مدينة نارا، مسقط رأسها. وتعهّدت حينها أن “تعمل بجد حتى لا تضطر إلى الاعتذار لروحه“.

في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024، فازت برئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي بعد أن تقدمت على وزير الزراعة الشهير شينجيرو كويزومي، لتفتح أمامها الطريق واسعا نحو رئاسة الحكومة. وصف أليكسيس بريجير، مراسل فرانس24 في طوكيو تاكايشي بأنها “رمز قوي في بلد يصعب على النساء فيه الوصول إلى مواقع القرار“.

فيما أضاف أن انتخابها يعد “انتصارا لليمين المحافظ”، بالنظر إلى مواقفها الصارمة تجاه حقوق المرأة والأقليات الجنسية والمهاجرين. وبفضل تحالف بين حزبها والحزب الياباني للابتكار، وصلت تاكايشي البالغة من العمر 64 عاما إلى رئاسة “بلاد الشمس المشرقة” وسط أزمة اقتصادية خانقة.

من جهته، قال كريستوف دانسيت، وهو محلل اقتصادي لدى فرانس24 إن “تاكايشي ترث نموذجا منهكا”. فالنمو في ثالث أكبر اقتصاد عالمي لن يتجاوز 1.1% عام 2025، بينما تجاوز الدين العام 250% من الناتج المحلي. كما يعاني الين (وهو عملة اليابان) من الضعف والتضخم. كما زاد عامل الشيخوخة التسارع من حدة الأزمة الاقتصادية، إذ أن ربع اليابانيين تجاوزوا سن 65 عاما.

تتعهد تاكايشي بـ”العمل دون توقف”. وقالت في خطابها الأول: “لن نعيد بناء البلاد إلا بتكاتف الأجيال وبمشاركة الجميع. نحن قلة، لذا علينا أن نعمل بجد واجتهاد. سأترك فكرة التوازن بين الحياة والعمل جانبا. سأعمل، وأعمل، وأعمل بلا توقف“.

تخطط رئيسة الوزراء الجديدة لإطلاق “صدمة ثقة” اقتصادية تشمل خفض الضرائب على الأسر والشركات، وإلغاء الضريبة على المواد الغذائية التي تبلغ 10%. كما تسعى إلى استعادة صورة الحزب الليبرالي الديمقراطي التي تضررت بفعل الفضائح، وإلى تنفيذ سياسة نقدية مرنة وإنفاق عام واسع، مستوحاة من سياسات آبي الاقتصادية.

تضع تاكايشي في أولوياتها إصلاح الجيش الياباني، رغم أن دستور 1947 يمنع امتلاك قوات مسلحة هجومية. ترى أن هذا التعديل ضروري في ظل تصاعد التوتر الإقليمي وتنامي القوة العسكرية الصينية وتجارب كوريا الشمالية الصاروخية، والعدوانية الروسية المتزايدة.

لكن الباحثة غيبوغ دولاموت من معهد اللغات الشرقية في باريس تؤكد أن “تعديل الدستور يبقى مستحيلاً مع أغلبية هشة”، رغم أن آبي دعا في السابق إلى تحويل قوات الدفاع الذاتي إلى جيش دفاع كامل. يثير خطاب تاكايشي القومي مخاوف الجيران. فالصين دعت الثلاثاء إلى أن “تحترم التزاماتها” بشأن تايوان.

خلال مسيرتها، أثارت تاكايشي سلسلة من الفضائح. ففي 1994 مثلا، مدحت كتابا عن “الاستراتيجية الانتخابية لهتلر” بدون أن تنتقد جرائم النازية. وفي 2014، ظهرت في صورة مع سياسي ينكر المحرقة. كما أعلنت دعمها لـ “نيبون كايغي”، وهي جماعة قومية يمينية تنكر فظائع الحرب وتدعو إلى استعادة “فخر اليابان“.

ترى ساناي تاكاتشي أن الصين تبالغ في وصف الجرائم اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية. ومؤخرا، أرسلت قربانا إلى معبد ياسوكوني المثير للجدل الذي يكرم قتلى الجيش الإمبراطوري.، ما أثار غضب كوريا الجنوبية والصين. ولم يزر أي رئيس وزراء ياباني هذا المعبد منذ زيارة شينزو آبي عام 2013.

فرانس 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *