روسيا تمدّ يدها لمالي الغارقة في أزمة محروقات بسبب حصار تنظيم القاعدة

زار وفد روسي العاصمة المالية باماكو، الجمعة، والتقى مع الرئيس الانتقالي الجنرال آسيمي غويتا، حيث أبلغه بقرب موعد وصول شحنات من الوقود والحبوب، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة خانقة بسبب حصار يفرضه تنظيم «القاعدة» على المدن الكبرى، خصوصاً العاصمة باماكو. وأعلنت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، الموالية لتنظيم «القاعدة»، مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، منع حركة شحن البضائع من مواني دول غرب أفريقيا نحو مالي، وبدأت تستهدف بشكل خاص صهاريج الوقود.

وتمتد طوابير السيارات والدراجات لساعات طويلة من الليل أمام محطات الوقود في باماكو والمدن الكبيرة في البلاد، للحصول على كميات ولو محدودة من المحروقات، فيما يسعى الجيش المالي جاهداً لحماية صهاريج الوقود القادمة من مواني الدول المجاورة، خصوصاً دكار وأبيدجان، وفي كثير من الأحيان ينتهي بها المطاف مشتعلة على أيدي الإرهابيين. وفي خضم هذه الأزمة، وصل إلى باماكو وفد روسي يرأسه أليكسي كوليكا، مدير التنسيق والعمليات في هيئة رؤوس الأموال الأفريقية، وهي هيئة تمويل روسية موجهة إلى الدول الأفريقية، التي تقيم شراكة استراتيجية مع موسكو، وفي مقدمتها مالي والنيجر وبوركينا فاسو (دول الساحل).

وأجرى الوفد مباحثات مع الرئيس الانتقالي المالي في القصر الرئاسي، بحضور وزير الاقتصاد في حكومة مالي ألسيني سانّو، وفي ختامها أعلن المسؤول الروسي، أليكسي كوليكا، أن الهدف كان إبلاغ سلطات مالي بقرب وصول شحنات من الحبوب والأسمدة، ضمن تعاون طويل الأمد يعكس الصداقة التاريخية بين البلدين منذ الحقبة السوفياتية.

وأكد البلدان ارتباطهما بشراكة استراتيجية»، وهو ما أسفر عن «إعلان حزمة دعم حيوية، تشمل تزويد باماكو شهرياً بما بين 160 ألفاً و200 ألف طن من المنتجات النفطية والزراعية، من بينها القمح والأسمدة، في وقت تشهد البلاد شحّاً حاداً في المحروقات وانقطاعاً متكرراً في الإمدادات. ولم يكشف الطرفان كيف ستصل هذه الإمدادات إلى مالي، وسط حصار تنظيم «القاعدة»، وهي الدولة الحبيسة التي تعتمد بشكل شبه تام على مواني الدول المجاورة، رغم أن الجيش المالي يخوض بدعم من القوات الروسية المتمثلة في «فيلق أفريقيا»، منذ أسابيع عملية عسكرية واسعة لكسر الحصار.

ووصف المسؤول الروسي في تصريحات، عقب المباحثات مع الرئيس الانتقالي المالي، دولة مالي بأنها «شريك استراتيجي» بالنسبة لروسيا، مضيفاً أنها أيضاً «تشكل جسراً اقتصادياً لروسيا نحو دول غرب أفريقيا». وفي سياق التعاون الاقتصادي، تناولت المباحثات أيضاً مشروع مصفاة للذهب في مالي، يتولى الروسيون العمل عليه، وهو المشروع الذي وُضع حجره الأساس قبل أشهر. وأكد كوليكا أن المشروع «يشهد تقدماً ملموساً»، كاشفاً عن عقد اجتماع أول لمجلس إدارته الشهر المقبل خلال زيارة موسعة لوفد روسي جديد إلى باماكو.

ويرى مراقبون أن هذه الزيارة الروسية تأتي في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة للسلطات الانتقالية، التي تواجه تحديات أمنية واقتصادية متشابكة، وتبحث عن شركاء قادرين على تأمين احتياجاتها الاستراتيجية في ظل القطيعة مع الشركاء الغربيين السابقين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *