
أيدت محكمة الاستئناف في المغرب الإثنين سجن الناشطة النسوية ابتسام لشكر سنتين ونصف بتهمة الإساءة للدين الإسلامي، بينما طعن دفاعها بالحكم وطالب بعقوبة بديلة بسبب وضعها الصحي، وسط انتقادات حقوقية واسعة. أصدرت محكمة الاستئناف في الرباط الإثنين حكما يؤكد سجن الناشطة النسوية ابتسام لشكر لمدة سنتين ونصف إثر إدانتها بتهمة “الإساءة للدين الإسلامي”، فيما أعلن فريق الدفاع عن نيته تقديم طعن على القرار.
وتم اتخاذ إجراءات قضائية بحق لشكر، البالغة من العمر خمسين عاما، عقب توقيفها منذ الثاني عشر من آب/أغسطس بسبب صورة نشرتها نهاية تموز/يوليو على منصة “إكس”، حيث ظهرت وهي ترتدي قميصا يحمل عبارة “الله” بالعربية متبوعة بجملة بالإنكليزية “إيز ليسبيان”. وشهدت قاعة المحكمة انهيار سهام لشكر، شقيقة ابتسام، بالبكاء أثناء تلاوة الحكم.
وأوضح وكلاء الدفاع خططهم لتقديم التماس لتحويل عقوبة السجن إلى عقوبة بديلة إضافة إلى الطعن القانوني، وذلك وفق ما صرحت به المحامية غزلان مأموني لوكالة الأنباء الفرنسية عند مغادرتها المحكمة. وعبرت مأموني، من فريق الدفاع، عن استيائها قائلة إن “هذا اليوم يعد يوما أسودا للحرية في المغرب”، ووصفت القرار بأنه “كارثة”.
وخلال الجلسة، طالبت مأموني بتبرئة ابتسام لشكر أو على الأقل استبدال السجن بعقوبة بديلة مثل السوار الإلكتروني أو الأشغال ذات المصلحة العامة، حتى يتسنى لموكلتها الحصول على العلاج الطبي. وظهرت علامات التعب على لشكر أثناء مثولها أمام المحكمة، وهي تتعافى من مرض السرطان وقد وضعت جبيرة على ذراعها اليسرى.
لفتت مأموني إلى أن الحالة الصحية لموكلتها قد تشهد تدهورا داخل السجن. وأشارت المحامية إلى عدم وجود مبرر لحرمان ابتسام من عقوبة بديلة، مؤكدة أنها مؤهلة لذلك، ولم ترتكب جريمة أو تشكل خطرا على المجتمع، وكل ما قامت به هو التعبير عن رأيها.
وأحدث المنشور الذي شاركت به لشكر، والتي تعرف باسم “بيتي”، جدلا واسعا على الإنترنت تخلله دعوات لتوقيفها وتهديدات بالاغتصاب والجلد. وفي الثالث من أيلول/سبتمبر، أصدرت المحكمة الابتدائية حكما بسجن لشكر ثلاثين شهرا إضافة لغرامة تقدر بنحو خمسة آلاف يورو، معتبرة المنشور “إهانة للذات الإلهية”.
ودعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى إلغاء العقوبة، معتبرة الحكم “ضربة شديدة لحرية التعبير في المغرب”.
واستهلت لشكر الجلسة بإعادة التأكيد على براءتها، موضحة أن تصميم القميص يحمل شعارا نسويا يستخدم منذ سنوات لمناهضة التمييز والعنف ضد النساء، ولا يمت بصلة للإسلام. وأنكرت الناشطة أي نية للإساءة للدين الإسلامي، وأشارت إلى حاجتها لإجراء عملية جراحية في ذراعها قد تصل إلى البتر إذا لم تتلق العلاج.
وطالب الادعاء في المقابل بتشديد العقوبة بزعم الإضرار بالنظام العام. وينص القانون الجنائي المغربي في المادة 267-5 على عقوبة بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين لمن يتورط في “الإساءة للدين الإسلامي”، وقد تصل العقوبة إلى خمس سنوات إذا ارتُكبت علناً أو عبر وسائل إلكترونية.
وأثار هذا القانون انتقادات بين نشطاء حقوق الإنسان الذين يطالبون بإلغاء العقوبات السجنية في قضايا التعبير والنشر. وتُعد ابتسام لشكر من مؤسسي “الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية” (مالي) منذ عام 2009، وقد نظمت عدة حملات بارزة للتنديد بالعنف ضد النساء واستغلال الأطفال في المواد الإباحية.
وعلق حكيم صيكوك، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، بأن لشكر “عبّرت عن رأيها سواء اتفقنا معه أم لا”، مشيرا إلى أن “هذا الحكم القاسي يمثل انتهاكا لحرية التعبير”.
فرانس24/ أ ف ب
