ماذا فعل الجيل زد z وماذا حدث في المغرب؟

اندلعت احتجاجات في المغرب منذ نهايات سبتمبر/أيلول الماضي، يقودها شباب “جيل زد” ضد تردي خدمات الصحة والتعليم وضعف فرص العمل، وتباين “أولويات” الحكومة. ظل الحراك سلميًا لأيام، قبل انزلاقه إلى موجة من المواجهات العنيفة بين المحتجين وأجهزة الأمن المغربية

وبينما عاد مشاركون في التظاهرات إلى بيوتهم بسلام، تعرض آخرون للاعتقال والإصابة والدهس والقتل. ويُظهر تحليل لـCNN بالعربية يستند إلى مقاطع فيديو عديدة – أمكن تحديد مكانها – ماذا جرى وكيف واجهت السلطات المغربية الاحتجاجات.

في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، ظهرت دعوات افتراضية عبر المنصات الاجتماعية للاحتجاج في المغرب. اكتسبت الدعوات زخمًا عبر وسم GenZ212#، حيث يشير 212 إلى رقم الاتصالات الدولية للمغرب، و GenZ إلى قوام هذه الحركة من مواليد العقد الأخير من حقبة التسعينيات ومطلع الألفية الجديدة.

ودعت مجموعة “جيل زد”، في منصة “ديسكورد”، إلى “يوم غضب وطني” للتظاهر السلمي في 27 سبتمبر آنذاك، عبّرت التظاهرات في الدار البيضاء ومدن أخرى عن مطالب الاحتجاجات بشعارات تقول: “حرية، عدالة، كرامة اجتماعية، الشعب يريد إسقاط الفساد، ما بغيناش كأس العالم الصحة أولاً“.

ومنعت السلطات المغربية الاحتجاجات في البداية بدعوى عدم وجود ترخيص، قبل أن تسمح بها دون اعتراضها، وتطلق سراح بعض من جرى اعتقالهم في الأيام الأولى. لاحقًا، انزلقت الاحتجاجات إلى موجة من أعمال العنف مع اتساع رقعتها وامتدادها على مستوى المغرب، وسط محاولة السلطات فضها بالقوة

وثق موقع CNN بالعربية أماكن حدوث العديد من حوادث الدهس من قبل قوات مكافحة الشغب، مثيرًا تساؤلات في المغرب حول ما إذا كان ذلك مُبررًا أو يأتي وفق قواعد فض الاحتجاجات. في مدينة وجدة شمالي شرق المغرب، شُوهدت مركبات أمنية في منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء 1 أكتوبر/تشرين الأول، وهي تخرج من شارع محمد السادس إلى ميدان ساحة روما قبل أن تنعطف مُسرعة نحو حشد من المتظاهرين يقفون على رأس شارع مجاور يطل على الميدان القريب من جامعة محمد الأول

وتتطابق ملامح موقع حادثة الدهس مع الطوابع الجغرافية للمكان الذي أمكن لشبكة CNN بالعربية تحديده، هنا في هذه الإحداثيات: 34°39’23.0″N 1°54’00.1″W ويُظهر فيديو مأخوذ من زاوية أخرى أن نفس المركبة صدمت شخصًا ثانيًا على الأقل، سقط على مسافة قصيرة من موقع دهس الشخص الأول. كما بيّنت مقاطع أخرى كيف دهست مركبات أخرى للأمن متظاهرين في نفس الميدان.

صورة مجمعة لدهس شخصين في مدينة وجدة خلال احتجاجات المغرب الأخيرة

وعلى بُعد 370 مترًا تقريبًا من حادثي الدهس، وقعت حادثة أخرى، طالت طالبًا في كلية العلوم بجامعة محمد الأول.

كان أمين بوسعادة (19 عامًا) يسير على رصيف شارع الحرية في مدينة وجدة عندما صدمته إحدى مركبات قوات مكافحة الشغب حتى التصق جسده بحائط مبنى، قبل أن تتراجع السيارة ويسقط الشاب.

وقعت الحادثة تحديدًا في الجهة المقابلة لمقهى “Flamme D’or”، الذي يمكن ملاحظة لافتته في مقطع فيديو للواقعة.  هنا في هذه الإحداثيات: 34°39’24.1″N 1°54’15.8″W يدرس أمين في كلية العلوم بجامعة محمد الأول، ويعمل في بيع الأدوات المدرسية على عربة متنقلة مع صديق له، بحسب والده الذي زار مكان الحادثة بعد وقت قصير من إصابة ابنه.

وأظهر فيديو آخر أمين وهو مُسجى على الأرض وبجواره يقف عناصر من أجهزة الأمن، فيما سُمع صوت شخص يوجه اللوم إليهم على إصابته. في حين حاول أحد عناصر الأمن تقديم المساعدة له،

بحسب المقطع. في وقت لاحق، أفادت وسائل إعلام محلية أن الشاب فقد قدمه اليسرى. لقطة شاشة من فيديو يُظهر أمين وهو مسجى على الأرض (جرى تظليل مكان إصابة الشاب) وحوله عدد من عناصر الأمن المغربي  وأعلنت السلطات المغربية إصابة 263 فردًا من عناصر الأمن، و23 مدنيًا، على هامش الاحتجاجات التي شابها العنف.

وانتشر مقطع فيديو مدته حوالي 5 دقائق، لمشاهد التقطتها كاميرات مراقبة داخل وخارج مركز الدرك في القليعة بإقليم أغادير جنوبي المملكة وتشير الطوابع الزمنية للكاميرات إلى أن عددًا من المتظاهرين هاجموا المركز ما بين الساعة 9:28 إلى الساعة 10:26 مساءً بالتوقيت المحلي

لقطة شاشة من فيديو كاميرا مراقبة يظهر المشهد خارج مركز الدرك في القليعة بإقليم أغادير جنوبي المغرب  كما أظهرت اللقطات لحظة إطلاق عناصر من مركز الدرك مقذوفات وقنابل مسيلة للدموع على متظاهرين خارجه. لحظة إطلاق عنصر أمن مقذوفًا خارج مركز الدرك الملكي في القليعة الساعة 9:35 دقيقة من مساء الأربعاء 1 أكتوبر/تشرين الأول 2025

وأظهر مقطع فيديو آخر تجمع عدد من المتظاهرين خارج مركز الدرك بالقليعة، وقيام أشخاص بحمل شخص مصاب (الدائرة الحمراء أدناه). هنا مكان تصوير الفيديو: 30°18’34.7″N 9°28’16.1″W لاحقًا، أعلنت وزارة الداخلية سقوط 3 قتلى “خلال تصدي قوات الدرك لاقتحام مسلح“.

بينما كذّب البعض الرواية الرسمية وتناقلوا لقطات مصورة – لم يتسن لـCNN بالعربية التأكد منها – وزعموا أنها للحظة إطلاق نار من قبل أفراد أمن بزي مدني في أماكن بعيدة عن مركز الدرك، وقالوا إن ذلك هو ما تسبب في سقوط القتلى، على حد زعمهم.

وعلى الضفة الغربية لنهر أبي رقراق، حيث مدينة سلا الواقعة على بعد حوالي 8 كيلومترات شمالي العاصمة الرباط، وقعت أعمال تخريب لعدد من المنشآت وسيارات للشرطة، ومقار بنوك، منها البنك الشعبي في حي الأمل.

وتوضح لقطات مصورة لمشاهد من موجة التخريب في سلا، لحظة قيام أشخاص بتحطيم سيارات الأمن الوطني في تقاطع شارعي الرباط ومولاي رشيد، وبالقرب من مركز تويوتا وتمكن موقع CNN بالعربية من تحديد مكانها بناء على عدد من الشواهد للمكان.

في حين تبادل محتجون وقوات الأمن تراشق الحجارة في شوارع مدينة إنزكان، 11.5 كيلومتر جنوبي مدينة أغادير في جنوب غرب المغربوقعت أبرز هذه المواجهات الثلاثاء 30 سبتمبر/أيلول، لا سيما في شارع المختار سوسي، الذي يضم العديد من الخدمات المصرفية والتجارية. هنا: 30°21’28.2″N 9°31’57.2″W

وفيما جرى التراشق وجولات الكر والفر نهارًا، أضرم مجهولون النار ليلاً في مقر بنك البريد الكائن في نفس الشارع، مع محاولة اقتحام مركز مرجان التجاري في المدينة.  محتجون وعناصر الأمن المغربي يتبادلون تراشق الحجارة في شارع المختار سوسي بمدينة إنزكان جنوبي غرب المغرب

حتى الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، كان هناك 409 أشخاص قيد تدابير الحراسة بتعليمات من النيابة العامة في المغرب، بحسب وزارة الداخلية المغربية. ووثق مراسلون لحظة اعتقال مشاركين في التظاهرات لدى إدلائهم بآرائهم أمام الكاميرات، وذلك في مناطق متفرقة من البلاد. من بين المقاطع المنتشرة لتلك اللحظات، كان فيديو اعتقال نجاة أنور رئيسة منظمة “ما تقيش ولدي” لحماية الطفولة على الهواء مباشرة.

كانت نجاة متواجدة في ساحة باب الأحد في الرباط، وجرى إلقاء القبض عليها أثناء حديثها عن أهمية التعبير السلمي للاحتجاجات، وتعبيرها عن استيائها من اعتقال عضو في المنظمة. هنا: 34°01’17.9″N 6°50’27.0″W وفي طنجة شمالي المغرب، نفذت أجهزة الأمن حملة اعتقالات واسعة لعدد من الأشخاص على هامش التظاهرات في المدينة.

إذ جرت اعتقالات في مساء 27 سبتمبر/أيلول الماضي عند تدخل الأمن لتفريق وقفة احتجاجية في ساحة رياض تطوان بطنجة وأمكننا تحديد أين حدثت الاعتقالات بمناظرة ما ظهر خلال فيديو، وما أظهرته لقطة مماثلة  للمكان عبر خدمة غوغل ستريت فيو. هنا في هذه النقطة من الإحداثيات: 35°46’36.3″N 5°48’15.5″W

وأعرب أخنوش، الذي طالبت المظاهرات برحيله، عن أسفه لمقتل ثلاثة أشخاص خلال التظاهرات، بينما قال إن “التطورات المؤسفة التي وقعت خلال اليومين الماضيين بعدد من مدن المملكة والتي عرفت تصعيدًا خطيرًا مس بالأمن والنظام العامين وأدى إلى إصابة المئات من أفراد القوات العمومية وإلحاق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة“.

وقال أخنوش إن الأجهزة الأمنية قامت بأداء واجبها الدستوري خلال التظاهرات، موضحًا أن التدخلات النظامية لمختلف الهيئات الأمنية تواصل أداء واجبها الدستوري في حماية الأمن والنظام العامين وصون الحقوق والحريات الفردية والجماعية“.

تواصل موقع CNN بالعربية مع الحكومة المغربية للحصول على تعليق في هذا الشأن.

ورغم اعتبار البعض أن تظاهرات “جيل زد” كانت مفاجئة، إلا أن آراء أخرى ربطت سبب اكتسابها للزخم بحادثة وفاة ثماني نساء خلال شهر واحد في قسم الولادة بمستشفى الحسن الثاني الجهوي بأغادير، وهي وفيات وُصفت بأنها “غير طبيعية، وأثارت احتجاجات واتهامات للمستشفى بالإهمال الطبي

وهو ما تُرجم لاحقًا إلى هتاف ردده مشاركون في حراك “جيل زد”، يقول: “ما بغيناش كأس العالم.. الصحة أولاً”، في إشارة إلى اعتراضهم على الملفات التي تحظى باهتمام الحكومة. وفي 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أن نسخة عام 2030 من كأس العالم سيتم إقامتها في المغرب وإسبانيا والبرتغال.

وهي بطولة قدّر المعهد المغربي لتحليل السياسات أن تُكلّف الدول الثلاث ما بين 15 إلى 20 مليار دولار، معتبرًا في الوقت ذاته أن استضافة كأس العالم 2030 تشكل “تحديًا ماليًا كبيرًا” للدول المستضيفة و”فرصة اقتصادية مهمة للمغرب“.  كما يستضيف المغرب بطولة كأس أمم إفريقيا للمرة الثانية في تاريخه، خلال الفترة ما بين 21 ديسمبر/كانون الأول 2025 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2026.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *