الاغلاق الحكومي قد يطول، شلل الموازنة في الولايات المتحدة

مع دخول الشلل في الوكالات الفدرالية الأمريكية أسبوعه الثاني، علماً أن الإغلاقات الحكومية ليست بجديدة في الولايات المتحدة، يحذر محللون هذه المرة من استمراره لفترة طويلة بسبب المواقف المتصلّبة للديمقراطيين والجمهوريين. والخلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وخصومه الديمقراطيين يُتوقع أن يطول.

أما أسباب هذه الأزمة المتجددة تعود أصلاً إلى خلافات حول الموازنة في الكونغرس.  من بين أبرز أسباب الإغلاق مطالبة الديموقراطيين بتمديد حُزم الدعم للرعاية الصحية التي تنقضي مهلتها قريبا، ما سينعكس بزيادة كبيرة في التكاليف الصحية بالنسبة لملايين الأميركيين. 

لكن ترامب حمّل الأقلية الديموقراطية في الكونغرس مسؤولية عرقلة قراره بشأن التمويل الذي يتطلب تمريره عددا من أصواتهم. قالت ترامب في البيت الأبيض “إنهم يتسببون بالأمر. نحن على استعداد للعودة “، في تصريحات تشي بأنه متصالح مع فكرة تواصل الإغلاق.  صرّح  ترامب كذلك بأن إدارته بدأت بالفعل إقالة الموظفين الفدراليين، وليس تسريحهم مؤقتا فقط، محمّلا خصومه مسؤولية ” التسبب بخسارة الكثير من الوظائف”.

وفي آذار/مارس، عندما واجهت الحكومة خطر الإغلاق آخر مرة، بادر الديمقراطيون للتراجع عن موقفهم وصوتوا لصالح قرار مدته ستة أشهر لتجنّب الشلل الفدرالي رغم المخاوف السياسية.

لكن تشاك شومر، رئيس كتلة الديموقراطيين في مجلس الشيوخ والزعيم الديمقراطي الذي يعدّ في صلب الخلاف، واجه انتقادات شديدة وقتها من قاعدة الحزب، وسيتردد في الخضوع هذه المرة لمطالب الجمهوريين خصوصا وأنه يواجه تحديات كبيرة من اليسار.

في السياق، اعتبر أندرو كونيستشوسكي، الناطق السابق باسم السناتور تشاك شومر “أن هذا الإغلاق يمكن أن يتواصل لأسابيع وليس لأيام فقط”، وأضاف بأن “الطرفين متشبثين حاليا بمواقفهما والحديث عن تسوية محدود للغاية”. ويعتمد الجمهوريون في مجلس الشيوخ حاليا على إمكانية تراجع معارضيهم الديموقراطيين ويصرّون مرارا على التصويت.

وقال المسؤول الرفيع السابق في كاليفورنيا جيف لي الذي تفاوض مع إدارة ترامب الأولى “يمكنني رؤية اتفاق مؤقت من الحزبين بحلول أواخر تشرين الأول/أكتوبر”. أضاف جيف لي أن إطالة أمد الإغلاق لأكثر من شهرين “سيوقف عمليات الحكومة بشكل جدي ومن شأنه أن يؤثر على اعتبارات الأمن القومي والوطني ويؤدي بالتالي إلى تحميل الحزبين المسؤولية”.

وتباينت استطلاعات الرأي حتى الآن، رغم أن الانتقادات تطال الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين بشكل عام.  وشهدت الحكومة أطول فترة إغلاق في تاريخها في ولاية ترامب الأولى بين العامين 2018 و2019 عندما توقفت الوكالات الفدرالية عن العمل لمدة خمسة أسابيع. ويكثّف الرئيس الأمريكي هذه المرة الضغط عبر تهديد أولويات الليبراليين والتوعد بعمليات تسريح كبيرة لموظفي القطاع العام.

يرى أستاذ السياسات لدى “جامعة روتشستر” جيمس دراكمان بأن تعنّت ترامب  سيؤدي هذه المرة إلى إغلاق أطول من ذاك الذي تم في 2019. حيث قال إن “إدارة ترامب ترى بأن لديها تفويض غير محدود وبالتالي فإنها لا تتنازل بالمجمل”. وأضاف بأن “الديموقراطيين واجهوا انتقادات لأنهم لم يواجهوا بالقوة الكافية ولم يفض آخر تنازل إلى أي نتيجة إيجابية بالنسبة للديموقراطيين. لذا، فإنهم يميلون سياسيا للتمسّك بموقفهم”.

وكلّف إغلاق 2018-2019 الاقتصاد 11 مليار دولار في الأمد القصير، بحسب مكتب الكونغرس للموازنة. ولم يتم استرداد مبلغ قدره ثلاثة مليارات دولار. وحذّر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت من أن الإغلاق الأخير قد يؤثر بشكل كبير على نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وبالنسبة للمحلل المالي مايكل آشلي شولمان الذي يتّخذ من كاليفورنيا مقرا، فإن الواقع الاقتصادي للإغلاق قد يجبر الطرفين على التوصل إلى تسوية. يقول شولمان ” إذا انتاب الفزع وول ستريت وارتفعت عوائد سندات الخزانة، فسيكتشف حتى أكثرهم تشددا فكريا فجأة التزاما عميقا بالحلول التي يمكن أن ترضي الحزبين”.

أما بالنسبة لرئيس قسم الرقابة والتحقيقات في الكونغرس لدى شركة المحاماة العالمية “هوغان لوفيلز” آرون كاتلر الذي كان موظفا في مجلس النواب، فهو يعتقد بأن الإغلاق سيدوم 12 يوما كحد أقصى. يرى كاتلر أن ” الديموقراطيين في مجلس الشيوخ سيتراجعون أولا.. مع تواصل الإغلاق، ليس هناك أي جلسات استماع في الكونغرس وسيتم إيقاف الكثير من العمل في الوكالات الفدرالية”. وأضاف “هذا انتصار بالنسبة للكثير من الديموقراطيين في الكونغرس لكنهم لا يريدون بأن يتم تحميلهم مسؤوليته”.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *