
بعد انتشار فيديو لرجل الأعمال المصري ووكيل مجلس النواب محمد أبو العينين وهو منفعل ومستاء من مندوب إسرائيلي خلال اجتماع أعضاء البرلمان الأورمتوسطي مع مسؤولي لجنة مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة، استضفنا النائب في حوار خاص في برنامج كلام بزنس للحديث ليس فقط عن موقفه السياسي والإنساني من القضية الفلسطينية، بل أيضاً قصة إمبراطوريته الصناعية التي تحمل اسماً مصرياً خالصاً: سيراميكا كليوباترا.
أبو العينين، وقبل 40 عاماً بدأ رحلته الصناعية من الرمل، في صحراء جرداء نعرفها اليوم في مصر باسم العاشر من رمضان. لم يكن المشهد درامياً بقدر ما كان قدراً، شاب في العشرينيات من عمره، يقف وسط صحراء جرداء في العاشر من رمضان، وقف وقال لنفسه: “هنا سأبني مصنعي“.
وقال أبو العينين خلال لقائه على كلام بزنس إنه لم يكن حوله شيء، لا كهرباء ولا مياه ولا طريق معبّداً، فقط الرمال والحلم، ابتسم وهو يستعيد الذكرى وقال: “قالوا عليّ مجنون! بس أنا كنت شايف حاجة محدش شايفها“.
من تلك الصحراء انطلقت إمبراطورية سيراميكا كليوباترا، التي صارت اليوم من أكبر الشركات في الشرق الأوسط وإفريقيا، تُصدر منتجاتها إلى أوروبا وآسيا واليابان. وتذكر أبو العينين بدء نجاح وعالمية مصانعه، مؤكداً أنه حين عُرض عليه أن يعمل باسم شركات أجنبية، رفض.
وقال، قالوا لي اشتغل باسمنا، قلت لهم لا، أنا عايز أعمل اسم مصري، عايز أعمل براند مصري اسمه كليوباترا“. ذلك القرار كان بداية حكاية نجاح عالمية. “شركة توتو اليابانية عملت محطة القطارات في طوكيو بمواصفات خاصة من كليوباترا، لما وثقوا فينا، حسّيت إن دي لحظة فخر لبلدي قبل ما تكون ليا”.
وبالحديث عن سر النجاح، أجاب بجملة تلخص فلسفته في الحياة: “سر النجاح هو لما أسأل نفسي: هل أديت حق الله، وحق البلد، وحق أسرتي؟ كل يوم بحاسب نفسي على التلاتة دول”. ويضيف: “النجاح بيولد النجاح، بس لازم يكون وراه مجهود، الإدارة دي أهم حاجة؛ إدارة الوقت والمكان والفرص“.
وقال أبو العينين إنه كان يبحث عن التكنولوجيا الأحدث دائماً، ومنذ بداية عمله، ووضح أنه يكرس على الأقل 15% من ميزانيته للتكنولوجيا والأبحاث والابتكار. وكشف أبو العينين أنه كان يبحث عن أحدث الماكينات والمتخصصين منذ بدايات أولى مصانعه، مستعيناً بتخصصين من إيطاليا ودول أوروبية أخرى لجلب أحدث التكنولوجيا.
وقال „كل ما هو جديد في التكنولوجيا كنت أجيبه، حتى لو كلفني كتير، لأن التكنولوجيا هي اللي بتخلي الإنتاج أرخص والجودة أعلى“. ويذكر بفخر أنه أول من أدخل نظام الحرق الأحادي (Single Fire) في صناعة السيراميك بمصر: „ما خدتش تكنولوجيا قديمة، خدت الأحدث، وده اللي خلاني أبدأ من حيث انتهى الآخرون“.
وعندما سئل عن أكبر التحديات التي واجهها في حياته، قال أبو العينين إنها كانت في عام 2011 وخلال حكم الإخوان بعد ذلك. وقال „تعرضت لمحاولات ضغط خمس مرات عشان أبيع مصانعي، قالوا هاندفع 100 ألف جنيه لكل عامل عشان يوقفوا الشغل، قلت لهم: مش حبيع مصانعي، اللي يبيع أولاده يبيع مصانعه“. كانت الخسائر وقتها ضخمة، حيث كشف أنها بلغت 400 مليون جنيه خسائر في أول عام. وعندما سئل متى انتهت هذه الأزمة، قال “بثورة 30 يونيو“.
على الرغم من العروض المغرية التي تلقاها من رؤساء دول عالمياً، ظلّ قراره ثابتاً: „قالوا لي تعالى نديك الأرض ببلاش ونعفيك من الضرائب وابني مصانع عندنا، قلت لهم لا، أنا مش حسيب بلدي، اللي يحتاجه البيت يحرم عليه الجامع“. „كل جنيه استثمار في مصر بيشغل عمالة مصرية، وده أهم من أي أرباح في الخارج“.
„أنا دخلت البرلمان بقرار من رئيس الجمهورية سنة 95، وكان لازم أثبت نفسي، شغلي في البرلمان زي شغلي في المصنع، لازم أدي كل حاجة حقها“. وحين سُئل إن كان يقبل منصب الوزير، أجاب بابتسامة الواثق: „لا، أنا أفضل أكون في البرلمان، ومنصب وكيل مجلس النواب أعلى بروتوكولياً من نائب رئيس الوزراء، وأنا راضي بمكاني“.
أكد أبو العينين مراراً خلال هذه الحلقة من كلام بزنس أهمية الصناعة للنهوض بالاقتصاد في أي دولة.
„إحنا ما بقيناش دول زراعية، إحنا لازم نبقى دول صناعية، الصناعة هي الإبداع، هي الإنتاج، هي القيمة المضافة“. وفي ما يتعلق بالمؤتمر الذي شارك فيه كسياسي، كان موقفه من القضية الفلسطينية حازماً وواضحاً، إذ قال: „لازم في المؤتمر ده الناس تعرف الحقيقة، الحقيقة حاجة مؤلمة جداً لأننا نشوف أطفال رُضع ويتضربوا بالصواريخ، بس موقف مصر حاسم وواضح“.
وأكد أن موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي من القضية هو موقف „بطولة عالمية تُسجل للتاريخ“، قائلاً: „السيد الرئيس وقف وحط خطوط حمراء، مش هنهجر الشعب الفلسطيني، ومش هنتنازل عن متر أرض من عندنا، ومش هنسمح إن الشعب الفلسطيني يتعامل كدولة تانية“. كما عبّر عن استعداد رجال الأعمال المصريين للمشاركة في إعادة إعمار غزة، لكن فقط إذا انتهت الحرب وأتيحت الفرصة.
سي إن إن الإقتصادية
