بوركينا فاسو تواجه الإرهاب بإعلان التعبئة العامة

تعاني جمهورية بوركينا فاسو، غرب إفريقيا، من انتشار الإرهاب واستفحال أنشطته، إلا أن الحكومة الانتقالية في البلاد تحاول اتخاذ إجراءات ناجعة للسيطرة على الأوضاع الأمنية، وإيقاف نزيف الأرواح والموارد الاقتصادية.

وأعلنت حكومة بوركينا فاسو في 13 أبريل الجاري التعبئة العامة لمواجهة الإرهاب كهدف رئيسي للنظام الحالي، حيث نقل موقع أخبار إفريقيا  (Africa News) عن الرئيس الانتقالي، إبراهيم تراوري إن الجماعات الإرهابية تسيطر على ما يقارب الـ40% من مساحة البلاد.

ويسعى “تراوري” لاستعادة السيطرة على الأراضي المنهوبة من قبل الإرهابيين، في ظل منافسة شرسة بين تنظيمي “القاعدة” و”داعش” خلقت مساحات للتوغل جغرافيًّا وعقائديًّا، ما أنهك القوات العسكرية، ودفع وزير الدفاع قسوم كوليبالي للتصريح بأن التحديات التي يفرضها الوضع الأمني الحالي تحتاج لوحدة وطنية  أكثر توطيدًا؛ من أجل  مواجهة ناجعة للتطرف العنيف.

تأتي أنباء التعبئة العامة للجيش البوركيني في ظل مطالبات سياسية بانسحاب فرنسا عسكريًّا من البلاد، ففي يناير 2023 طلبت وزارة خارجية بوركينا فاسو من فرنسا إنهاء الاتفاقية المبرمة منذ عام 2018، والتي تسمح بوجود 400 جندي فرنسي بالبلاد، وعللت ذلك بفشل القوات في مواجهة التنظيمات الإرهابية.

وفي 20 فبراير 2023 احتفلت بوركينا فاسو بانتهاء التعاون العسكري مع فرنسا، ما يمثل مرحلة جديدة في كفاح واجادوجو ضد الإرهاب.

وحول أدوار باريس في مكافحة الإرهاب في إفريقيا يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتور سعيد صادق في  تصريح سابق لـ”المرجع”: إن الحكومة الفرنسية شاركت ضمن التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية ضد “داعش” في معقله الرئيسي في سوريا والعراق، ومن خلال المنهجية ذاتها فإن كفاح فرنسا ضد الإرهاب في إفريقيا يمثل تقويضًا للعنف من خارج الحدود، كما أنها تسعى لتأمين مصالحها في المنطقة.

ومن جانبه، يرى الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، علي بكر أن مكافحة الإرهاب في إفريقيا تحتاج إلى قوات عسكرية مدربة  واحترافية، مشيرًا في تصريح لـ”المرجع” إلى أن ضعف بعض القوات الإفريقية مهد للجماعات المتطرفة، فضلًا عن الأطماع الدولية.

وفي خضم الحديث عن التعبئة العامة وخطاب الوحدة الوطنية فى بوركينا فاسو، سبق وقدم الرئيس السابق للبلاد بول هنري في 28 فبراير 2022 دعوات مشابهة لتوطيد اللحمة الوطنية من أجل مواجهة الإرهاب، وذلك عبر الدعوة لاجتماعات وطنية لمناقشة مسودات الدستور المقترح والخطوات اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية نزيهة وسط حالة توافق سياسي واجتماعي.

ولكن لم تسر الأمور بسلاسة إذ شهدت البلاد انقلابًا عسكريًّا جاء بالرئيس الحالي إبراهيم تراوري إلى سدة الحكم ليتبنى خطابًا مشابهًا عن الوحدة الوطنية، ودورها في مكافحة الإرهاب المستشري بالبلاد.

ولكن الاضطرابات السياسية والصراع على السلطة يؤدي دورًا رئيسًا في توطن الإرهاب بالمنطقة، وينهك القوات العسكرية النظامية، وينزلق بها إلى صراعات تدفعها نحو التقصير في حماية حدود البلاد ومقدراتها، وهو ما ينطبق على بوركينا فاسو.  فبحسب مؤشر الإرهاب الدولي لعام 2023 الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام تدهورت أوضاع الأمن بالبلاد وراح العشرات ضحايا للهجمات الإرهابية، ما جعل بوركينا فاسو من أكثر خمس دول بالعالم تأثرًا بالنشاط  المتطرف، فيما تمثل الثروة المعدنية ومناجم الذهب بالبلاد مطمعًا للإرهابيين ومن يوظفهم، إذ تتزايد هجمات تنظيم القاعدة في مناطق التعدين والمناجم ما يشكل تحديًا أمنيًّا واقتصاديًّا  للحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *