هل يشعل اتحاد ثوار ليبيا فتيل الحرب الأهلية من جديد؟

دخلت ليبيا النفق المظلم واحترقت في أتون الحرب الأهلية منذ بدء ما يعرف بثورات الربيع العربي، التي اندلعت مطلع عام 2011، إذ باتت ساحة للاحتراب الداخلي، وملعبًا لأجهزة المخابرات المختلفة التي ساهمت في زيادة حدة الأزمة.

الأيام القليلة الماضية شهدت إعلان عدد من قادة الميليشيات العسكرية في غرب ليبيا، تشكيل ما يسمي باتحاد ثوار ليبيا، والتأكيد على رفضهم التعديل الدستوري رقم 13، الذي وافق عليه مجلسا النواب والدولة، وقالوا إنهم لن يسمحوا بتطبيقه حتى لو أدى الأمر لاستخدام القوة، بذريعة عدم انزلاق البلاد في الفوضى.

يشار إلى أن الإعلان الدستوري الـ13 جاء في 34 مادة بشأن نظام الحكم، الذي يتألف وفق المادة الأولى من سلطة تشريعية مكونة من غرفتين وسلطة تنفيذية يترأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب، بالإضافة إلى مواد متعلقة بالأحكام الانتقالية والمرأة.

وبحسب التعديل الثالث عشر فإن السلطة التشريعية تكون تحت مسمى «مجلس الأمة» وتتكون من غرفتين؛ الأولى هي مجلس النواب ويكون مقره بنغازي، والغرفة الثانية هي مجلس الشيوخ ويكون مقره طرابلس.

كما يحدد التعديل الاختصاصات التشريعية للمجلسين وطريقة وشروط الترشح والانتخابات الخاصة بهما، أما السلطة التنفيذية فيرأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب يكلف رئيسًا للوزراء أو يقيله.

ويحدد التعديل اختصاصات السلطة التنفيذية ومهامها وطريقة مساءلتها ومحاسبتها.

ونصت المادة 31 من التعديل الدستوري على حكم انتقالي بشأن انتخابات مجلس الأمة ورئيس الدولة والتي تنص على: “أن تجري العمليتان خلال مدة أقصاها 240 يومًا من دخول قوانين الانتخابات حيز التنفيذ، وفي حال تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية لأي سبب كان تعتبر كل الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية كأن لم تكن”.

ونصت المادة 32 على أن: “يضمن أي نظام انتخابي نسبة 20% من مقاعد مجلس النواب للمرأة مع مراعاة حق الترشح في الاقتراع العام”.

وألزمت المادة 33 كل المسؤولين وأعضاء المجلسين بتقديم إقرارات الذمة المالية لهم وأزواجهم وأولادهم القصر.

يقول محمود الأفندي، الباحث المختص في العلاقات الدولية، إن إعلان ميليشيات غرب ليبيا، تشكيل اتحاد ثوار ليبيا يأتي بالتزامن مع محاولات المجتمع الدولي المكثفة لإنجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد خلال العام الجاري.

وأشار في تصريح لـ«المرجع» إلى أن ذلك يعكس خوف ميليشيات غرب ليبيا من استكمال خارطة الطريق، والتي ينتج عنها توحيد المؤسسة العسكرية، الأمر الذي لا يلقى قبولًا لدى الصادق الغرياني، مفتي ليبيا المعزول الذي يعد عراب عدد كبير من الميليشيات المسلحة في غرب البلاد، وأكبر دليل على ذلك رفضهم الإعلان الدستوري رقم 13 الذي تم إقراره في فبراير 2023، والذي ينظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها خلال العام الجاري.

وأكد الأفندي أن تدشين اتحاد ثوار ليبيا، قد يؤجج المشهد الأمني مجددًا، إذ من شأنه تقويض التفاهمات التي تقودها البعثة الأممية والقوى الغربية، لإنجاح خارطة الطريق وعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال هذا العام، وإفراغ الاتفاق على تشكيل قوة مشتركة في جنوب ليبيا تكون نواة توحيد المؤسسة العسكرية من مضمونه.

وأشار الخبير في العلاقات الدولية، إلى احتمالية أن تشهد الفترة المقبلة إطلاق خريطة طريق جديدة تستند للمبادرة التي يقودها عبدالله باتيلي، المبعوث الأممي في ليبيا، لاسيما بعد التقارب المصري التركي في الملف الليبي الذي أكدته تصريحات مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، والتي لمح فيها إلى خريطة طريق جديدة يجرى التوافق عليها مع مصر والمجتمع الدولي، لإنجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا.

وأكد “الأفندي” أن التقارب المصري التركي يقلق الغرياني وميليشياته إذ يقتات الأخير على الخلافات بين البلدين، كما أن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا قبل نهاية 2023، قد ينتج عنه سلطة تنفيذية قوية قادرة على تهميش مفتي ليبيا السابق وتحجيم دوره، خاصة بعد التفاهمات بين حكومتي فتحي باشاغا، وعبد الحميد الدبيبة، للتحضير للانتخابات المقبلة، عبر الإشراف المشترك بين الحكومتين على العملية الانتخابية.

وأشار الخبير الدولي إلى أن خطوة تدشين “اتحاد ثوار ليبيا” التي تمت بمباركة الغرياني قد تؤدي إلى تدهور الأوضاع الداخلية وإشعال الحرب الأهلية، وكل ذلك بغرض عرقلة خارطة الطريق حتى يحافظ مفتي ليبيا السابق على مصالحه وأهدافه الرامية إلى الاستمرار في صدارة المشهد.

المرجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *