مصر والسعودية تتعقب وتستهدف المعارضين بالخارج

جرأة السلطات السعودية ازدادت مؤخرا وباتت مخيفة وتعطي انطباعا أنها لم تتعلم الدرس بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي هكذا صرح الناشط والمعارض السعودي عبد الله العودة لموقع “الحرة” الأمريكي الناطق بالعربية عن تزايد حالات القمع العابر للحدود الذي يستهدف السعوديين وغيرهم داخل الولايات المتحدة.

ويضيف العودة، وهو نجل سلمان العودة الداعية السعودي المتشدد المعتقل منذ عدة سنوات، أن “السعودية طورت آلياتها في هذ المجال”، مبينا أنهم كانوا في السابق “يرسلون قتلة ماهرين لتنفيذ عملياتهم ضد المعارضين”. ويتابع: “اليوم بدأوا بتجنيد أشخاص يبدون كأنهم مواطنون عاديون ليس لديهم علاقة بالحكومة يمارسون هذه العمليات، حتى يقولوا إنها أعمال فردية وليس لنا علاقة بها”.

هاجر العودة من بلده الأم في عام 2017 بعد سلسلة مضايقات تعرض لها من قبل السلطات هناك لمواقفه السياسية ومطالباته المتكررة بالإصلاحات. واستقر حاليا في الولايات المتحدة وأكمل دراسته فيها بحصوله على الدكتوراه في مجال القانون الدستوري المقارن من جامعة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا. ويعمل العودة حاليا في “مبادرة الحرية” وهي منظمة حقوقية غير ربحية مقرها واشنطن، أسسها الناشط الأميركي من أصول مصرية محمد سلطان.

في الأسبوع الماضي، نشرت المنظمة دراسة استقصائية شملت 72 شخصا تربطهم صلات شخصية أو مهنية بمصر أو السعودية، وكثير منهم من مواطني الولايات المتحدة وأعضاء في الشتات المصري والسعودي. ورسمت الدراسة، التي شارك العودة في كتابتها، صورة للجهود التي تبذلها الحكومتان لترهيب المنشقين والمنتقدين في الولايات المتحدة. وأشارت إلى أن القاهرة والرياض “أصبحتا أكثر ابتكارا وجرأة” في تنفيذ القمع العابر للحدود واستهداف المنتقدين في الخارج.

على سبيل المثال تقول الدراسة إن السعودية احتجزت أو فرضت حظرا على سفر مواطنين أميركيين ظلما. كذلك أفاد ثمانية مشاركين بأن السلطات السعودية احتجزت أو أخفت أفراد عائلاتهم.  وقال أربعة إنهم تعرضوا للملاحقة الجسدية أثناء وجودهم في الولايات المتحدة، وأفاد خمسة بتلقي مكالمات هاتفية أو رسائل تهديد.

وبالنسبة لمصر نقلت الدراسة عن دعاة حقوق إنسان وطلاب دراسات عليا القول إنهم تعرضوا للمراقبة من قبل عملاء مصريين في المطاعم والأماكن العامة في واشنطن.  وقال آخرون إن السفارة المصرية حرمتهم من الخدمات القنصلية، فيما تلقى بعضهم تهديدات بالقتل، أحيانا من قبل متصلين عرفوا أنفسهم بأنهم ضباط أمن مصريون. 

وأشارت الدراسة إلى أن مصر حكمت أيضا على نشطاء حقوق إنسان ومعارضين يعيشون في الولايات المتحدة غيابيا، مما جعلهم غير قادرين على العودة إلى ديارهم. من بين هؤلاء الناشطة المصرية الأميركية في مجال حقوق الإنسان ساميا هاريس، التي أُضيفت مؤخرا إلى “قائمة الإرهاب” في مصر نتيجة نشاطها المعارض وانتقاداتها المتكررة لنظام الحكم في مصر.

تقول هاريس في حديث لموقع “الحرة” إن إضافة اسمها لـ”قوائم الإرهاب” هي “آخر محاولات للسلطات” لإسكاتها والتأثير عليها وعلى آرائها. وتضيف هاريس، التي هاجرت من بلدها في سبعينيات القرن الماضي، “للأسف، هذه الخطوة ستسبب لي المشاكل سواء عند السفر لبلدان أوروبية أو عربية وليس فقط لمصر”.

“وحتى هنا في الولايات المتحدة ستخلق لي مشاكل، لإني أعمل في مجال التعليم وهذا يسبب لي مشاكل اقتصادية واجتماعية”، وفقا لهاريس. بدأت هاريس نشاطها السياسي والاجتماعي في وقت مبكر من عمرها، لكنها هاجرت من بلدها بعد تخرجها مباشرة من جامعة القاهرة قسم الفلسفة وعلم النفس عام 1973.

استقرت في البداية في كندا وثم انتقلت إلى الولايات المتحدة، حيث أكملت دراستها الجامعية وحصلت على شهادة الدكتوراه في التعليم والتسويق وإدارة الأعمال من جامعات كندية وأميركية. وتعمل حاليا في مجال إدارة المدارس والأعمال وتكتب أحيانا على مواقع التواصل الاجتماعي حول مسائل الاقتصاد وتمكين المرأة وتعليم الشباب.

لكن هذا لم يرق للسلطات وفقا لهاريس التي أشارت لتلقيها تهديدات منذ قدوم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للحكم، حيث “كنت حينها أكرر أن ما جرى هو انقلاب وحذرت من عودة حكم العسكريين”. وتبين هاريس أن “التهديدات لم تقتصر عليّ فقط، بل طالت حتى أفراد عائلتي في مصر، مما اضطرني لتغيير اسمي ورفعهم من صفحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي”.

التهديدات اقتصرت في البداية على مواقع التواصل الاجتماعي وما تزال مستمرة، “وتتحول أحيانا لتجاوزات وقلة أدب”، وفقا لهاريس. كذلك تبين هاريس أنها تعرضت “لهجمات لفظية وتهديدات من قبل مسؤولين في السفارة المصرية في واشنطن وفي الأماكن أو التجمعات العامة”.

على الرغم من استمرار التهديدات، إلا أن هاريس تقول إنها لم تقدم شكوى ضد الأشخاص الذين هددوها ليقينها أن تهديداتهم “فارغة” وتهدف فقط للتخويف وأنهم “لن يتمكنوا من إلحاق الأذى بها لأنها تعيش بأمان في الولايات المتحدة”. ووفقا للدراسة فإن هذه التكتيكات تجعل المعارضين المصريين والسعوديين يشعرون بعدم الأمان، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه في العالم.

وتنقل عن العديد ممن شاركوا في الدراسة القول إنهم عانوا من مشاعر العزلة أو الكوابيس المتكررة، أو قالوا إنهم غيروا خطط عملهم أو دراستهم. بالنسبة لعبد الله العودة لم تتوقف التهديدات بالقتل ومحاولات استدراجه للعودة للسعودية من قبل السلطات أو من يقف خلفها.

يقول العودة إن “السلطات السعودية استخدمت شتى الوسائل لإخافتي أو إجباري على السكوت”. ويؤكد أن “عمليات المضايقة استمرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تأتيني تهديدات يومية بالقتل والتعذيب والتقطيع وأنهم سيعبثون بأهلي ويتحرشون بي ويغتصبوني، وأشياء مريعة أخرى يشيب لها الرأس”.

ويضيف العودة: “قبل يومين على سبيل المثال كتب لي أحدهم ما نصه: إننا نريدك أن تأتي للسعودية أو سنحضرك بالقوة إذا اقتضى الأمر، ثم نعلق جثتك بعد تقطيعها على الأعمدة في الشوارع”.ولم ترد السفارتان السعودية والمصرية في واشنطن على طلبات موقع “الحرة” للتعليق. 

الحرة / خاص – واشنطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *