لماذا تأخر استبعاد إلهان عمر من لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس؟

لا تزال تداعيات استبعاد النائبة إلهان عمر من لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب تتواصل في الداخل الأمريكي، بعدما صوَّت الكونغرس بأغلبية 218 نائباً لصالح قرار يقضي باستبعادها من عضوية اللجنة، على خلفية تصريحاتها السياسية التي صدرت عام 2019 واتهمت فيها الجمهوريين بأن الدعم لإسرائيل كان مدفوعاً بتبرعاتٍ من جماعات الضغط، وتحديداً لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، بالإضافة إلى تصريحاتها السابقة التي هاجمت فيها إسرائيل، واتهمت خلالها تل أبيب بأنها “نومت العالم مغناطيسياً”، وحضت الناس على فتح أعينهم على “الأفعال الشريرة” لحليفة الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من اعتذار إلهان عن تصريحاتها ومواقفها السابقة، التي قالت إنها لم تكن على دراية في ذلك الوقت بالتعابير المعادية للسامية، فإن اعتذارها لم يلقَ قبولاً على نطاقٍ واسع، خاصة وأن التصريحات التي نشرتها عبر حسابها على “تويتر”، وحذفتها لاحقاً، لاقت انتقاداتٍ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي آنذاك، في وقتٍ حاولت فيه إلهان تجنب جزء من الانتقادات بإعلانها صراحة “إدانة معاداة السامية”، والتأكيد على التحالف القوي والشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

وحاولت إلهان عمر -خلال كلمتها في الجلسة التي جرى فيها استبعادها من عضوية اللجنة- إظهار أن الأمر مرتبط بكونها سيدة مسلمة سمراء مهاجرة من أصول إفريقية، فيما رد النائب ماكس ميلر الذي شارك بصياغة القرار متسائلاً “كيف يمكن لشخص لم يرحب به أحد أهم حلفائنا أن يعمل كمبعوث للسياسة الخارجية الأمريكية بلجنة الشؤون الخارجية؟”.

وقال رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي إن إقالة إلهان عمر من اللجنة تأتي تنفيذاً لوعدٍ قطعه على نفسه قبل أن يحصل الجمهوريون على الأغلبية، فيما حاول عدد من النواب الديمقراطيين تبني وجهة نظر إلهان باعتبارها ضحية للتمييز، ومن بينهم زميلتها ذات الأصل الفلسطيني رشيدة طليب، بوقتٍ وصفت فيه سكرتيرة البيت الأبيض كارين جان بيير القرار بأنه “حيلة سياسية، وخطوة ليست في خدمة الشعب الأمريكي”.

لم يكن القرار مفاجئاً، بحسب المحلل السياسي الأمريكي ماك شرقاوي، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن إلهان عمر على صلة ورابط مع الكثير من الرموز الإسلامية المتطرفة، مشيراً إلى أن القرار متخذ على خلفية تصريحاتٍ سابقة لها عديدة، من بينها تصريحات شبهت الولايات المتحدة بالدول الإرهابية، فضلاً على التسبب في إحراج الولايات المتحدة مع حلفاؤها.

يدعم هذا الرأي، حسين عبدالحسين، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، متخصص في شؤون الشرق الأوسط والخليج، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن التوقيت كان ينتظر فقط حصول الجمهوريين على الغالبية داخل الكونجرس، وهو ما تحقق في انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، مشيراً إلى أن القرار سيحرمها من الاطلاع على التقارير المعدة للجنة الشؤون الخارجية، أو طلب الاطلاع على تقارير من الوكالات الفيدرالية المتخصصة بالشؤون الخارجية، بجانب حرمانها من التواجد بالرحلات الخارجية الممولة من الكونجرس أو عقد لقاءاتٍ مع مسؤولين أجانب بصفة رسمية.

توقيت القرار مقصود، بحسب المدير السابق لبرنامج الشرق الأوسط، بمعهد دراسات معاداة السامية والسياسية العالمية، د.رامي عزيز الذي يقول لـ”كيوبوست”: إنها رسالة مقصودة من الجمهوريين للتأكيد على عودة سيطرتهم داخل مجلس النواب مجدداً، بعد الانتخابات الأخيرة التي فشلوا في السيطرة على مجلس الشيوخ بها، مشيراً إلى أن الجمهوريين يسعون إلى تحقيق فوزٍ كاسح على الديمقراطيين نتيجة لأداء الرئيس بايدن المتواضع، ومن ثم فالأمر حدث كـ”انتقام سياسي” من الديمقراطيين والمسلمين الذين يصوتون لهم في شخص إلهان عمر.

وأضاف أن بموجب القرار ستكون إلهان عمر عضوة “منزوعة الصلاحيات”، خصوصاً أن اللجنة التي كانت عضوة بها، كان لها صلاحيات موسعة، تجعل الكثير يتطلع لبناء علاقتها معها للاستفادة من موقعها، لافتاً إلى أن دعم الحزب الديمقراطي لها وتصويته لصالحها، ومساندته لها، تعني أنه ستتم إعادة انتخابها مرة أخرى، وتعود لنفس اللجنة في حال فقدان الجمهوريين لأغلبيتهم داخل المجلس.

يختتم ماك شرقاوي حديثه بالتأكيد على أن رئيس مجلس النواب ناقش الأمر، وجاء القرار ليقصيها من اللجنة، مع إمكانية أن تنضم إلى لجنةٍ أخرى داخل المجلس، وهو أمر يمكن تفهمه في ضوء مواقفها وتصريحاتها السابقة

كيوبوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *