كشف المركز العربي لدراسات التطرف أن عناصر الإخوان المسلمين المعارضين لتدجين الإسلام في فرنسا تمكنت من اختراق “منتدى الإسلام في فرنسا” (فوريف) الذي أطلقته الحكومة الفرنسية في عام 2022 لمحاربة الإسلاموية وتعزيز الإسلام “المخلص لقيم الجمهورية”، وقال أحد المراقبين إن المنتدى أصبح “ملعباً” للإسلاميين في البلاد.
وقد تسربت مؤخراً أسماء بعض أعضاء منتدى الإسلام في فرنسا إلى مجلة الأخبار الفرنسية “لو بوان”، والتي كشفت عن أن عملاء بارزين من جماعة الإخوان المسلمين “تسللوا” إلى المنتدى، فيما أشار الصحفي كليمنت بيترو إلى “وجود العديد من المسؤولين التنفيذيين من اتحاد المنظمات الإسلامية السابق في منتدى الإسلام في فرنسا”.
ويُعَد اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، الذي غير اسمه إلى “مسلمو فرنسا”، منظمة إسلامية بارزة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بجماعة الإخوان المسلمين.
من بين هؤلاء، بحسب المركز، طارق أوبرو، “الإمام الأكبر” لبوردو، المولود في المغرب، والذي علم نفسه بنفسه، والذي قال إنه ترك اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا في عام 2018، بعد أكثر من ثلاثة عقود هناك، لكنه حافظ على روابط مع المجموعة “لمشاركة قناعاته وعمله”. ويواصل نشاطه في مجموعات مرتبطة بالإخوان المسلمين.
ومن بين خريجي اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية الذين التحقوا الآن بمنتدى الإسلام في فرنسا عز الدين قاسي، وهو إمام مسجد عثمان في فيلوربان بالقرب من ليون، وهو جزائري المولد. وكان قاسي عضواً رئيساً في شبكة الإخوان المسلمين في فرنسا، ورفض التوقيع على ميثاق ماكرون لمبادئ الإسلام الفرنسي.
ومن بين الأعضاء الآخرين في المنتدى عبد الغني بن علي، إمام المسجد الكبير في سانت أوين سور سين، الذي تلقى مئات الآلاف من اليورو في شكل منح خيرية من الحكومة القطرية، وهو أيضاً مدرس في المعهد الأوربي للعلوم الإنسانية في باريس، وهو معهد إسلامي ممول من قطر ويوصف بأنه “أحد درر” جماعة الإخوان المسلمين.
ومن بين الأعضاء الآخرين في المنتدى عبد الحق نبوي، وهو رئيس المدرسة الوطنية للقيادات الدينية والعسكرية الممولة من قطر (إنكرام)، وهي المدرسة التي دربت مئات الأئمة الفرنسيين. وهو أيضاً عضو في الجمعية الإسلامية من أجل إسلام فرنسا (أميف)، وهي جماعة مقربة من جماعة الإخوان المسلمين.
ومن بين الإسلاميين الآخرين المتورطين مع المنتدى: شمس الدين حافظ، إمام المسجد الكبير في باريس، الذي تسيطر عليه الحكومة الجزائرية، والمولود في الجزائر؛ ومحمد موساوي، رئيس اتحاد المساجد الفرنسية، الذي تسيطر عليه الحكومة المغربية، والمولود في المغرب؛ وإبراهيم ألجي، رئيس لجنة تنسيق المسلمين الأتراك في فرنسا، الذي تسيطر عليه الحكومة التركية، والمولود في تركيا.
وهناك إسلامي آخر متورط بشكل مباشر مع منتدى الإسلام في فرنسا، وهو مراد دالي، الذي يشرف على مجموعة العمل الخاصة بالدعاة. وتصف أجهزة الاستخبارات الفرنسية دالي بأنه “سلفي جديد” (مزيج من السلفية والإسلاموية التي يتبناها الإخوان المسلمون)، وهو رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في سان كونتين أون إيفلين، وهي جمعية تضم مساجد إسلامية في إيفلين، إحدى ضواحي باريس. وقد وثق السياسي الفرنسي داميان ريو التاريخ الطويل لهذه المساجد في معاداة السامية، والفصل بين الجنسين، والانفصالية الإسلامية، والثناء على الإخوان المسلمين.
وقد سجل الكاتب الفرنسي المغربي محمد لويزي، وهو عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين، ويكرس نفسه الآن لمحاربة استراتيجية الجماعة في أسلمة فرنسا، جهود الإخوان المسلمين التي استمرت لسنوات للسيطرة على التعيينات المهمة استراتيجياً لرجال الدين المسلمين في السجون الفرنسية، وهي الجهود التي شجعتها المؤسسة السياسية الفرنسية. ويقول إن الإخوان يمارسون الآن نفوذاً مماثلاً على منتدى الإسلام في فرنسا.
أطلق وزير الداخلية جيرالد دارمانين منتدى الإسلام في فرنسا في فبراير / شباط 2022 بهدف “تجديد أساليب الحوار” بين الحكومة و”الجهات الفاعلة والجمعيات التي تمثل العقيدة الإسلامية”. ومن السمات الرئيسة للمنتدى تنسيقه من الأسفل إلى الأعلى، والذي يسعى إلى تعزيز الحوار مع رجال الدين المسلمين والعلمانيين على مستوى القاعدة، وتجاوز ما يسمى بـ “الإسلام القنصلي” الذي تفضله الجماعات الإسلامية المظلية التي تسيطر عليها الحكومات الأجنبية.
وقد حلّ هذا المنتدى محلّ المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي أنشأه وزير الداخلية آنذاك نيكولا ساركوزي في مايو/ أيار 2003 ليكون المحاور الرئيس للحكومة الفرنسية مع الجالية المسلمة في البلاد. وكان الهدف منه هو جعل ممارسة الإسلام في فرنسا متوافقة مع قانون العلمانية الصادر عام 1905، لكنه فشل في منع تجاوزات الإسلاموية.