
تستقبل جزر الكناري أكثر من 5500 قاصر غير مصحوبين على الرغم من أن سعة منشآتها لا تتجاوز الـ2000 مكان فقط، ما دفع الحكومة المحلية وبعض الأحزاب إلى اقتراح إصلاح لقانون الهجرة، يقضي بتوزيع هؤلاء القاصرين على المقاطعات الإسبانية في البر الرئيسي، لكن البرلمان رفض المقترح تاركاً حكومة جزر الكناري تتعامل مع “كارثة إنسانية”.
رفض البرلمان الإسباني الاقتراح الذي قدمه كل من حزب العمال الإسباني الاشتراكي وحزب “سومار” (يسار) وائتلاف كناريا، لإصلاح قانون الهجرة بهدف إنشاء نظام توزيع إلزامي ينقل المهاجرين القاصرين غير المصحوبين إلى محافظات البلاد، بما في ذلك المقاطعات المتمتعة بالحكم الذاتي، بحيث لا يبقى هؤلاء القاصرون في جزر الكناري. وصوّت 177 عضواً ضد الاقتراح، بينما كان 171 عضواً مؤيدين له، وامتنع عضو واحد عن التصويت.
وتتركز أهداف هذا الاقتراح على التعامل مع أزمة التوافد الكبير للقاصرين غير المصحوبين إلى جزر الكناري، وينص الاقتراح على الحد من عدد القاصرين غير المصحوبين في الجزر إلى 2000 شخص، وبالتالي توزيع الفائض على المقاطعات الأخرى.
وبموجب القانون الإسباني، فإن السلطات الإقليمية التي يصل إليها الأطفال هي المسؤولة عن الوصاية عليهم. لكن حكومة جزر الكناري تقول إن أعداد القاصرين غير المصحوبين المتواجدين فيها (5500 قاصر) أكبر من قدراتها (2000 مكان).
وقال فرانسيسكو كانديل، المسؤول الحكومي الإقليمي عن الرعاية الاجتماعية، “إنها كارثة إنسانية”، مشيراً إلى الوضع في الجزر الواقعة على بعد حوالي 1300 كيلومتر (800 ميل) من البر الرئيسي لإسبانيا.
لا تفتقر جزر الكناري إلى المرافق والإمكانيات المادية فحسب، بل إن الحكومة الإقليمية تكافح من أجل توظيف أشخاص مدربين على العمل مع المهاجرين القاصرين. ونتيجة لهذا الوضع، لا يحصل هؤلاء الأطفال والمراهقون على الرعاية التي يحق لهم الحصول عليها بموجب القانون الإسباني والأوروبي، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية.
وتحدثت وسائل إعلام إسبانية عن مراكز مكتظة بالإضافة إلى تسجيل حالات تعرض فيها المهاجرون لسوء المعاملة. وفي جزيرة لانزاروت، نصبت السلطات خياما مؤقتة لاستيعاب الوافدين الجدد بسبب اكتظاظ المراكز.
وحذر كانديل من أنه من المتوقع أن يتدهور الوضع مع استمرار القوارب في الإبحار من سواحل السنغال وموريتانيا والصحراء الغربية إلى الجزر الإسبانية، الواقعة على بعد 100 كيلومتر فقط من الساحل الغربي لأفريقيا.
وخلال يوم الخميس إلى الجمعة، 18 إلى 19 تموز/يوليو الجاري، وصل 377 مهاجرا إلى جزيرة غران كناريا، أكبر جزيرة في أرخبيل الكناري الإسباني. ووزعت فرق الإنقاذ على المهاجرين أغطية، وتم نقل بعضهم على حمالات الطوارئ. كما نُقل 11 مهاجرا إلى المستشفى، بعضهم على متن مروحية، وذكرت رويترز أن أربعة منهم في حالة حرجة.
وقالت وسائل إعلام إن قاصرين اثنين تم نقلهما إلى المستشفى المخصص للأطفال في الجزيرة، لإجراء مزيد من الفحوصات.ووفقا لوزارة الداخلية الإسبانية، وصل ما يقرب من 20 ألف مهاجر إلى جزر الكناري منذ كانون الثاني/يناير، بزيادة قدرها 160% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وفي وقت سابق من هذا العام، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقا بقيمة 210 ملايين يورو مع موريتانيا لمنع المهربين من إطلاق قوارب الهجرة إلى إسبانيا. لكن من الصعب الإقرار بنجاح الاتفاق مع الأعداد الكبيرة للمهاجرين الوافدين.
وقبل إجراء التصويت في البرلمان أمس الثلاثاء، قال كانديل إنه إذا لم تتم الموافقة على مشروع القانون، “فسيكون ذلك بمثابة فشل لإسبانيا وأوروبا”، وشرح “مع عدد سكان يبلغ 48 مليون نسمة (في إسبانيا)، لا ينبغي أن يكون من الصعب على المحافظات في البر الرئيسي لإسبانيا التعامل مع بضع مئات من الأطفال. ستظل جزر الكناري تعتني بأغلبية القاصرين غير المصحوبين”.
ومن جانبه، دعا أمين المظالم الإسباني أنخيل غابيلوندو، الجمعة الماضية، إلى إصلاحات هيكلية وقانونية عاجلة بعد زيارة مركزين للمهاجرين القاصرين في جزيرة تينيريفي
.
وقال غابيلوندو “يكفي الذهاب إلى أحد المراكز لرؤية الشباب والشعور بألمهم. لقد ظلوا في هذه المراكز منذ أشهر ولا يرون أي مستقبل. نحن نتحدث عن بشر، ليسوا سلعاً”.