
مرة جديدة، لا يترك الواقع لجماعة الإخوان فرصة للاختباء خلف الشعارات، فيسقط القناع تمامًا عن تنظيم لا يعيش إلا على التحريض، ولا يتنفس إلا الفوضى، ولا يُتقن سوى المتاجرة بالشباب، تحت لافتات كاذبة، مثل «نصرة القضية»، و«الدفاع عن فلسطين».
ما جرى فى إسطنبول لم يكن رأيًا سياسيًا ولا غضبًا عابرًا، بل كان مخططًا عدائيًا كامل الأركان، استهدف مؤسسة دبلوماسية مصرية على الأراضى التركية، قبل أن يسقط أمنيًا ويُدفن إعلاميًا.
الفضيحة خرجت من داخل البيت الإخوانى نفسه، عبر اعترافات صريحة أدلى بها الإخوانى أحمد إبراهيم عبدالرحمن، عضو رابطة الإعلاميين التابعة للتنظيم فى إسطنبول، كاشفًا عن تفاصيل خطيرة، عبر تعليق له عن الشباب الثلاثة الذين حرّضهم التنظيم على اقتحام القنصلية المصرية.
الاعتراف الأخطر تمثل فى أن الشباب الثلاثة محبوسون بالفعل منذ سبتمبر الماضى، بينما واصل التنظيم الكذب والمتاجرة بقضيتهم، فى واحدة من أوضح صور الخداع السياسى والانتهازية التنظيمية.
هذه الاعترافات لا تفضح فقط كذبة «المظلومية»، بل تؤكد أن جماعة الإخوان كانت على علم كامل بتوقيف عناصرها، ومع ذلك أعادت تدوير القضية إعلاميًا بعد فشل المخطط، فى محاولة رخيصة لإعادة إنتاج دور الضحية، بينما الحقيقة أن التنظيم هو مَن دفعهم إلى الهاوية ثم غسل يده منهم.
وتزامن هذا التحريض مع دعوات صريحة للفوضى، أطلقها هاربون، على رأسهم أنس حبيب، الشهير بـ«برقوقة»، من هولندا، ويحيى موسى، مؤسس حركة «ميدان» الإرهابية، الذى دعا علنًا إلى حصار السفارات المصرية بالخارج، قائلًا: «لو فى مليون مواطن يحاصرون السفارات فى الخارج الموضوع هيخلص»، فى خطاب لا يحتمل التأويل، ويكشف عن عقلية الإرهاب السياسى التى تحكم هذا التيار.
الأكثر فجاجة أن قضية حبس العناصر الثلاثة، الذين يعملون فى قناة «الشرق» الإخوانية باعتراف التنظيم ذاته، أُعيد نشرها فجأة عبر منشور لأحد أعضاء الجماعة قبل يومين، ليس بدافع إنسانى، بل فى محاولة مكشوفة لتلميع صورة التنظيم، بعد انكشاف مخطط اقتحام القنصلية وسقوطه أمنيًا.
واعترف الإخوانى أحمد إبراهيم عبدالرحمن بأن «كل التفاصيل موجودة لدى رابطة الإعلاميين»، وأنه تواصل هاتفيًا مع أحد الموقوفين مؤخرًا، وأنهم «بصحة جيدة»، فى اعتراف يدمر سرديات الإخوان عن الانتهاكات، ويثبت أن التنظيم كان يعرف كل شىء، واختار الصمت والكذب.
هذه الوقائع تكشف الاستراتيجية الحقيقية للإخوان، المتمثلة فى استخدام الشباب كوقود لمعارك خاسرة، ودفعهم إلى مواجهة مباشرة مع الدول، ثم التخلى عنهم عند أول اختبار، مع الاكتفاء بإصدار البيانات وبكاء المظلومية على الشاشات.
تكشف القضية نموذجًا مكررًا لسياسة التنظيم فى الخارج عبر التحريض، والفشل، والإنكار، ثم المتاجرة الإعلامية، وهى سياسة باتت مكشوفة من إسطنبول إلى لندن، حيث تتحرك الإخوان كشبكة فوضى عابرة للحدود، لا تحترم قانونًا ولا سيادة دول، ولا ترى فى أتباعها سوى أدوات مؤقتة.
وفى اعترافات أكثر خطورة، اتهم الإخوانى عمرو عبدالهادى قيادات داخل التنظيم بشكل مباشر بالإبلاغ عنهم، مؤكدًا أن العناصر الثلاثة يعملون جميعًا فى قناة «الشرق»، وأن أيمن نور تم استدعاؤه من قبل الأجهزة الأمنية التركية وتوبيخه، باعتباره المسئول الإدارى عنهم، وكان واجبًا عليه الإبلاغ عن تحركاتهم. وكشف الإخوانى «عبدالهادى» عن أن أيمن نور أكد خلال استجوابه عدم علمه بالمخطط، وقدم اعتذارًا رسميًا، وتعهد بالإبلاغ عن أى تحركات مماثلة مستقبلًا.
الأخطر أن «عبدالهادى» حذر من إدراج هؤلاء الشباب على قوائم الإرهاب، مشيرًا إلى احتمال تسليمهم لمصر عبر مسارات دولية، كما حدث فى وقائع سابقة، عبر جنوب إفريقيا، فى اعتراف يكشف عن حجم الخيانة داخل التنظيم نفسه، لتتكشف الحقيقة التى تفرض نفسها، بأن الإخوان لا تدافع عن قضايا، بل تصنع أزمات، ولا تحمى شبابها، بل تضحى بهم، ولا تعرف من السياسة إلا طريق الفوضى، ثم الهروب بعد السقوط.
