العائدون من جحيم الإخوان … حكايات من رحم التنظيم

بعبارة الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور “لا أدري…كيف ترعرع في وادينا الطيب هذا القدر من السفلة والأوغاد”، يبدأ الكاتب المصري السيد الحرَّاني كتابه الجديد «العائدون من جحيم الإخوان – مطاريد الجماعة» الذي صدر قبل أسابيع عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

اختار الكاتب أن يكون إهداء كتابة لـ”كل المغرَّر بهم من شبابنا داخل جماعة الإخوان والجماعات الإسلامية”، مقدماً في كتابه تجارب العائدين من جحيم الإخوان، وبعض مطاريد الجماعة، وذلك “حتى لا يسلك الشباب دروبَ الشر وتضيع أعمارهم ليس في صالح الرسالة الربانية، ولكن في صالح قيادات تتاجر بهم وبالدين والوطن”. 

يقول الصحافي المصري السيد الحرَّاني لـ”كيوبوست” إنه عمل على إعداد الكتاب بناء على مقابلاتٍ شخصية مع منشقين من الجماعة، بالإضافة إلى تحليلاتٍ ودراسات، تناولت الأمر انطلاقاً من رغبته في تقديم صورة أعمق وأشمل عن هذه القضية، مشيراً إلى أنه فكَّر بالكتاب ليكون استكمالاً لكتابه الأول «الناجون من الإخوان.. سيرة المنشقين» لذا فضل الحديث والنقاش مع منشقين غير معروفين من قيادات الصفين الثالث والرابع بالمدن المصرية.وأضاف أن الانشقاقات، مثلما ظهرت إعلامياً على مستوى القيادات، كانت موجودة أيضاً على مستوى القواعد في المدن المصرية المختلفة، خاصة بعد ثورة 30 يونيو 2013 وما تبعها، مشيراً إلى أن تحليله الشخصي لأسباب انشقاق المجموعات التي التقاها يرجع إلى خلافٍ مع الجماعة حول المصالح الشخصية أو أنهم وجدوا سفينة الجماعة تغرق فقرروا القفز منها والابتعاد عنها، لكن هناك جزءاً أيضًا ليس بالقليل انشق عن الجماعة لصدمته في قناعاتها، وأنها جماعة دنيوية وليست دينية.

وأضاف أن هولاء الأفراد تسببت صدمتهم في اتخاذهم قراراً بالانحياز لصفِّ الدولة المصرية والوقوف ضد الجماعة، مؤكداً أنه لا يستطع الحكم على تصرفات الشخص وقناعاته الحقيقية، لذا حرص على توضيح المواقف كما سردها أصحابها لكي يكون الحكم للقارئ، خاصة وأن هناك شخصيات منشقة لمس فيها بقاء فكر الجماعة وعقيدتها بداخلهم.

لم يجد الحرَّاني مشكلة في التواصل مع المنشقين عن الجماعة، وهو ما يرجعه إلى رغبة قطاعٍ منهم من الاستفادة مما قاموا بها، خاصة من كانوا نجوماً أو يسعون للشهرة، وهو الأمر الذي يفسر اتجاه بعضهم لمجال الكتابة وتأليف الكتب للحديث عن الجماعة، والفترة التي قضوها بها.

يرى السيد الحرَّاني أن ما يجمع المنشقين هو شعورهم بـ”عظمة الذات” بشكلٍ واضح، وحرصهم على إظهار أهميتهم في التنظيم، وأنهم لعبوا أدواراً كبيرة داخل الجماعة خلال الفترة التي قضوها، مشيراً إلى أن هذا الأمر يجمع بين القيادات التي كان لها دور حقيقي، وبين القواعد الشعبية التي لم يكن لها دور مؤثر، وحتى القيادات الوسيطة.يتطرق الكتاب لسلوكيات الجماعة من خلال محاولة رصد الطريقة التي كانت تُدار بها، وفق ما اطلع عليه المنشقون خلال فترة انضمامهم لها، فيرصد الكاتب وجود نقص بالمعلومات لدى جميع الأطراف، بما فيها بعض القيادات التي كانت تحجب عنها بعض المعلومات، فقمة الهرم التنظيمي يكون لديها قرارات وسلوكيات لا تعرف بها القاعدة الوسيطة في الوقت الذي لا تعرف فيه القواعد الشعبية كثيراً مما تفعله القيادات لدرجة أن بعضهم لا يصدق ما يُقال له عن قرارات اتخذت أو تصرفات حدثت خلال فترة وجوده في الجماعة.

يقول السيد الحرَّاني إن العمل التنظيمي داخل الجماعة اتسم بالدقة الشديدة، وبتقييد تدفق المعلومات، بحيث تحصل كل شريحة على المعلومات التي ترغب الجهة الأعلى في إبلاغها بها، مشيراً إلى أن الجماعة لم تنته لأنها فكرة، والفكرة لابد أن تواجه بالفكرة ، فحتى لو اختفت القيادات من المشهد، يبقى تأثير أفكارهم هو الأمر الذي يجب أن يتم التعامل معه بشكلٍ مستمر.يشير الحرَّاني إلى أن بعض الشباب لم يكونوا على علمٍ بما تفعله القيادات داخل مكتب الارشاد وبقراراتها، لدرجة أن بعضهم سارع لتكذيب معلومات صدرت بالفعل عن حاضرين لاجتماعات مكتب الإرشاد، لافتاً إلى وجود تمييزٍ، على سبيل المثال، في المعلومات التي كانت تصل لمحمد حبيب نائب المرشد قبل انشقاقه، مقارنة بخيرت الشاطر الذي كان يعلم كل كبيرة وصغيرة.

يعتزم مؤلف «العائدون من جحيم الإخوان – مطاريد الجماعة» استكمال سلسلة كتاباته التوثيقية عن المنشقين بكتبٍ جديدة يتناول فيها المنشقين من الشباب وحكاياتهم، بالإضافة إلى كتابٍ آخر عن المنشقات داخل الجماعة، وهو الكتاب الذي سيركِّز فيه على السيدات اللاتي انشققن عن الجماعة، ودوافعهن، وتوقيت اتخاذ قراراتهن، خاصة وأن منهن سيدات انشققن مع أزواجهن في نفس الوقت، فضلاً على كتابٍ آخر حول المنشقين عن الجماعة عالمياً.

كيوبوست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *