الطنطاوي يؤجل عودته حتى لايقبض على المزيد من أقاربه وأنصاره

أعلن المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية أحمد الطنطاوي، اليوم، تأجيل عودته من بيروت، التي كان مقررًا لها ظهر اليوم إلى موعد لاحق لم يحدده، وذلك تفاديًا للقبض على أنصاره الراغبين باستقباله بمطار القاهرة، مشيرًا إلى أنه سيعود قبل نهاية الأسبوع الجاري.


ودانت عشر منظمات حقوقية استهداف أقارب الطنطاوي ومؤيديه، معتبرة أن استمرار استهداف أقارب المعارضين السياسيين بالتزامن مع بدء الحوار الوطني  يعد مؤشرًا على أن السلطات المصرية تفتقر تمامًا للإرادة السياسية لإحداث انفراجة وانفتاح سياسي، على عكس ما تروج له محليًا ودوليًا، ما يعيد للأذهان أجواء الانتخابات الرئاسية عام 2018 عندما  اعتقلت السلطة منافسي الرئيس الجادين، وأجبرت آخرين على الانسحاب.

وقال الطنطاوي عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، إنه مع إلحاح عدد كبير (من المؤيدين) منذ أن أعلن في 21 مارس الماضي عودته للبلاد، وإصرارهم على التوجه لمقابلته بالمطار، حاول كحل بديل استئجار قاعة للمؤتمرات بالقاهرة ليخرج من المطار إليها ويلتقي بهم، مشيرًا إلى أنه طلب من أكثر من جهة تملك مثل هذه القاعات استئجارها غير أن طلباته قوبلت جميعها بالرفض.

 وأضاف طنطاوي الذي أعلن في 20 أبريل الماضي، رغبته في الترشح للرئاسة في الانتخابات الرئاسية المقرر انطلاقها بداية العام المقبل إنه رجا أمس الجميع (أنصاره ومؤيديه) بأن يقدموا الحرص على سلامتهم الشخصية على رغبتهم في استقباله بالمطار، إلا أن الرسائل التي وصلته تشير إلى زيادة عدد الراغبين في الحضور إلى المطار، وليس العكس، ما دفعه إلى تأجيل موعد عودته.

وبرر الطنطاوي في بيانه قراره  بأن «الواقع الحالي والأوضاع التي لا تخفى على أحد، والتي كان من بين أعنف نتائجها وأقساها ما جرى لعدد من أحب أهلي وأصدقائي وأنصاري، وذلك على الرغم من أنهم جميعًا كانوا ممن استجابوا لرجائي، ولم يكن أي منهم ينوي الحضور إلى المطار، وهي جوهر التهمة التي وجهت إليهم: أنهم كانوا ينوون إثارة الشغب أثناء استقبالي بالمطار، وهو أمر ليس له أي صلة بالحقيقة لا من قريب ولا من بعيد». 

وظهرا عم وخال الطنطاوي وعدد من أنصاره بمحافظة كفر الشيخ كمتهمين بـ«الانضمام لجماعة إرهابية»، فضلًا عن عدة تهم أخرى، وقررت نيابة أمن الدولة  الخميس الماضي حبسهم 15 يومًا على ذمة قضية برقم 2397 لسنة 2021 ،وذلك بعد القبض عليهم في مواعيد مختلفة خلل الأيام الماضية، بحسب المحامي ناصر أمين.

وبحسب اثنين من المحامين الذين حضروا التحقيقات مع عم وخال الطنطاوي و13 من أنصاره أمام نيابة أمن الدولة الخميس الماضي، وتحدثوا لـ«مدى مصر» بشكل منفرد، لا يعرف أحد بدقة إجمالي المقبوض عليهم خلال الأيام الماضية من محافظة كفر الشيخ بسبب تأييد الطنطاوي، لافتين إلى أنه بخلاف عم الطنطاوي، محمد نجيب الطنطاوي، وخاله، محمد سيد أحمد عطية، هناك الكثير من الشباب المقبوض عليهم، والذين لا تربطهم أي علاقة بطنطاوي سوى أنهم من دائرته الانتخابية بمحافظة كفر الشيخ.


ولفت المحاميان إلى أن النيابة وجهت لمن ظهر من المقبوض عليهم أمامها تهم مختلفة، بينها «حيازة منشورات تروج لدعمهم ترشح الطنطاوي للرئاسة بالقوة، وأخرى تروج لمقولات لمؤسس الإخوان حسن البنا، وأخرى مكتوب فيها `لا تخافو الإخوان إنهم يخافون الله واستعدوا لعودة أحمد الطنطاوي لو مكنش بالحسنى سيكون بالقوة`”، وهناك من وجهت له النيابة اتهامات بـ«حيازة شماريخ وأسلحة»، مشددين على أن المقبوض عليهم أنكروا معرفتهم بتلك المنشورات خلال التحقيقات وحيازتهم أية أسلحة غير أن النيابة قررت حبسهم.

وجاء القبض على أقارب طنطاوي وأنصاره بعد يوم واحد من الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني الذي دعا له الرئيس السيسي لرسم ملامح الدولة الديمقراطية الحديثة على أساس أن «الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية»، وقبل يومين من الموعد الذي كان مقررًا لعودة الطنطاوي من لبنان.

ومن جانبها قالت تسع منظمات حقوقية إن اعتقال أقارب الطنطاوي وأنصاره، يعكس عدم رغبة السلطات المصرية في معالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، ويبرهن أنه لا نية لتمرير إصلاحات ذات مغزى قد يسفر عنها الحوار الوطني، وأنه لا استعداد للسماح بإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة بعد بضعة أشهر.

واعتبر الباحث بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة بمنظمة هيومن رايتس ووتش، عمرو مجدي، في بيان أصدرته المنظمة أمس، أن اعتقال السلطات المصرية ما لا يقل عن 12 من أفراد أسرة  البرلماني السابق أحمد  الطنطاوي ومن يُعتقد أنهم من مؤيديه، بعد أن قال إنه  سيرشح نفسه للرئاسة في انتخابات 2024، يظهر أن «حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي مصممة على خنق المعارضة السلمية، ووصف جميع المنتقدين بأنهم تهديدات»، مضيفًا أن تلك «التهديدات تحد بشدة من احتمالات تحول البلاد للديمقراطية وحقوق الإنسان لسنوات عديدة قادمة».

وشددت المنظمة الحقوقية الدولية على أن  انتقام السلطات المصرية من عائلات النشطاء والمعارضين السياسيين الذين يعيشون خارج البلاد، باستخدام مداهمات غير قانونية للمنازل، والاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري، والاحتجاز المطول لأفراد الأسرة دون محاكمة أو توجيه اتهامات هو نمط واضح سبق ووثقته في العديد من الوقائع. 

وأشارت «هيومن رايتس» إلى أن ملاحقة أقارب وأنصار الطنطاوي بعد إعلانه عن رغبته في الترشح يعيد إلى الأذهان الاعتقالات التي طالت مرشحين رئاسيين قبيل الانتخابات الرئاسية عام 2018، التي فاز بها الرئيس السيسي بـ97% من الأصوات، مشددة على لسان مجدي: «لن تكون هناك انتخابات نزيهة أو حرة في مصر ما دامت السلطات مستمرة في خنق الحريات الأساسية وسحق حكم القانون لترهيب المنتقدين».

وشهدت الفترة السابقة على الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2018 عدد من الملاحقات الأمنية لمرشحين محتملين للرئاسة، بينهم الرئيس السابق لأركان القوات المسلحة الفريق، سامي عنان، فبعد إعلان عنان نيته الترشح، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، في خطاب علني، إن هناك من يعرفون بفسادهم، ولن يُسمح لهم بالوصول لمنصب الرئاسة. بعدها جرى القبض على عنان، والاعتداء على هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، والذي كان قد اختاره عنان مستشارا له، في الشارع قبل القبض عليه هو الآخر. كذلك، ألقت السلطات الإماراتية القبض على أحمد شفيق، رئيس الوزراء الأسبق، في ديسمبر 2017، عقب ساعات من بثه فيديو أعلن فيه ترشحه في الانتخابات الرئاسية، وتم ترحيله إلى مصر، حيث وُضع قيد الإقامة الجبرية في منزله. كما اعتُقل العميد أحمد قنصوة، الذي تم القبض عليه والحكم عليه بالسجن ست سنوات من قِبل محكمة عسكرية، بعد إعلانه عن نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *