
بدأ الإيطاليون يوم أمس الأحد الإدلاء بأصواتهم في استفتاء يستمر يومين، بشأن مقترحات تهدف إلى تخفيف قواعد منح الجنسية وتعزيز قوانين العمل، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، خصوصًا مع معارضة شديدة من حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، التي دعت المواطنين إلى الامتناع عن التصويت.
ويشترط الدستور الإيطالي مشاركة أكثر من 50% من الناخبين لإقرار نتيجة أي استفتاء، وهو ما يجعل فرص تمرير المقترحات الخمسة المطروحة ضئيلة في ظل الإقبال المحدود الذي سُجّل في الساعات الأولى من التصويت.
يركز أحد أبرز المقترحات على تقليص المدة المطلوبة للمقيمين من خارج الاتحاد الأوروبي للحصول على الجنسية من عشر سنوات إلى خمس، ما يقرّب إيطاليا من المعايير المعتمدة في دول أوروبية كفرنسا وألمانيا.
وقد أطلقت هذه المبادرة حملة شعبية تقودها منظمات غير حكومية، مدعومة من الحزب الديمقراطي (يسار الوسط)، وتشير التقديرات إلى أن نحو 2.5 مليون شخص قد يستفيدون من التعديل في حال إقراره.
إلا أن رئيسة الوزراء ميلوني، زعيمة حزب “إخوان إيطاليا” اليميني المتطرف، ترى في هذه المبادرة تهديدًا لرؤية حكومتها بشأن تنظيم الهجرة، معتبرة أن “النظام الحالي قانون ممتاز” وواحد من الأكثر انفتاحًا في أوروبا.
وذكّرت بأن إيطاليا منحت أكثر من 213,500 شخصًا الجنسية في عام 2023، وهو ما يمثل خُمس الإجمالي الأوروبي.
كما سجلت وزارة الداخلية نسبة مشاركة وطنية بلغت 7.41% حتى ظهر الأحد، ما يضعف فرص بلوغ النصاب القانوني اللازم لاعتماد نتائج الاستفتاء. وشجعت أحزاب الائتلاف الحاكم، وفي مقدمتها “إخوان إيطاليا”، المواطنين على المقاطعة كوسيلة لإفشال التعديلات.
لكن بعض الشباب أعربوا عن رفضهم لهذه التوصيات. وقال جيوفاني بوتشيني (18 عامًا)، الذي صوّت للمرة الأولى في روما، إن “الدعوة إلى الامتناع عن التصويت لا تحترم تضحيات أجيال من الإيطاليين الذين ناضلوا من أجل هذا الحق”. واعتبر صديقه بيير دوناديو (21 عامًا) أن تسهيل قوانين الجنسية سيساعد في بناء مجتمع أكثر تنوعًا وانفتاحًا.
ورغم التركيز على تعديل مدة الإقامة للحصول على الجنسية، فإن قوانين الهجرة الأساسية تظل دون تغيير، خصوصًا ما يتعلق بالأطفال المولودين في إيطاليا لأبوين أجنبيين، والذين لا يمكنهم طلب الجنسية إلا عند بلوغهم 18 عامًا.
وكان مغني الراب الشهير “غالي”، المولود في ميلانو لأبوين تونسيين، من أبرز المؤيدين لتغيير هذا الواقع، ودعا متابعيه على “إنستغرام” إلى التصويت بنعم، قائلًا: “نطلب أن تكون خمس سنوات من الحياة هنا كافية، لا عشر سنوات، لنكون جزءًا من هذا البلد“.
ومن المقرر أن يُختتم التصويت ظهر اليوم الاثنين، فيما يترقّب الشارع الإيطالي النتائج وسط انقسام واضح بين القوى السياسية والمجتمعية.
(أنسامد).