
كشفت مصادر أمنية ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، صباح اليوم الخميس، أن إسرائيل تُسلّح بالفعل مجموعات محلية في قطاع غزة، بهدف تشكيل ثقل موازن لحركة حماس.
وبحسب قولهم، الذي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» في تقرير لها، فقد نوقشت هذه القضية في إحدى اللجان السرية في الكنيست. ومع ذلك، نفت المصادر نفسها أي صلة بين الميليشيا المعنية وتنظيم داعش، بل زعمت أن أعضاءها قاتلوا سابقًا ضد خلايا داعش في سيناء.
وأفادت الصحيفة بأن جهاز الأمن العام (الشاباك) بادر إلى العملية وقادها، ونُفّذت بموافقة القيادة السياسية، حيث كان رئيس الأركان، ووزير الجيش، ورئيس الوزراء، والوزير ديرمر، من بين آخرين، مطّلعين على الأمر.
وقال ليبرمان، صباح اليوم، في مقابلة مع القناة الثانية: «برأيي، لم يحظَ هذا بموافقة مجلس الوزراء. كان رئيس الشاباك على علم بالأمر، لكنني لا أعرف مدى اطلاع رئيس الأركان».
وحذر ليبرمان من أنّ «في نهاية المطاف، ستُستخدم هذه الأسلحة ضدنا». وأشار إلى أن هذه الأسلحة، في الغالب، خفيفة وبنادق هجومية، نُقلت من غنائم استولت عليها حماس، ثم سُلّمت إلى الميليشيا بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي والشاباك.
ورداً على ذلك، لم ينفِ مكتب رئيس الوزراء الأمر، بل قال: «تعمل إسرائيل على هزيمة حماس بشتى الطرق، بناءً على توصية جميع رؤساء الأجهزة الأمنية». وردّ ليبرمان في تغريدة قصيرة على شبكة «إكس» (تويتر سابقًا): «لا تُعطوهم أسلحة».
بحسب الصحيفة الإسرائيلية، يأتي في قلب هذه القضية ياسر أبو شباب (32 عامًا)، من سكان رفح ومن أصل بدوي، والذي يُصوَّر على مواقع التواصل الاجتماعي كزعيم لميليشيا مسلحة في جنوب قطاع غزة.
أبو شباب، الشخصية المثيرة للجدل في غزة، اعتقلته حماس قبل اندلاع الحرب بتهم السرقة والاتجار بالمخدرات، لكنه فرّ من السجن بعد قصف جوي لمقر أمني تابع لحماس.
بعد فراره، أسّس جماعة مسلحة تُدعى «القوات الشعبية»، زعم أنها تهدف إلى حماية السكان وتوزيع المساعدات الإنسانية، إلا أن تقارير فلسطينية ودولية أشارت إلى أنها ميليشيا تعمل بالتنسيق مع إسرائيل في المناطق الخاضعة للسيطرة العسكرية، وخاصة شرق رفح قرب معبر كرم أبو سالم.
واتهمته كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، بقيادة مجموعة من العملاء الذين جنّدتهم إسرائيل لنشر الفوضى. وقد ورد اسمه في مذكرة داخلية للأمم المتحدة باعتباره مسؤولًا عن النهب الممنهج للمساعدات الإنسانية.
وبعد ضغوط شعبية، أعلنت عائلته في غزة، الشهر الماضي، براءتها منه علنًا، وأعلنت نبذها له بعد اعترافها بتورطه في أنشطة أمنية لصالح إسرائيل.
ونشرت الصحيفة أنه بثّ مقطع فيديو استثنائيًا أعلن فيه أنه يعمل «بموجب الشرعية الفلسطينية» – في إشارة إلى السلطة الفلسطينية – وزعم أنه حظي بمباركة قيادتها ويعمل بتنسيق كامل معها.
وقال إن المنطقة الشرقية من رفح «طُهِّرت» وهي الآن تحت سيطرة قواته، داعيًا السكان إلى العودة لمنازلهم، وأضاف: «سنضمن لكم المأوى والطعام».
وبحسب تقارير فلسطينية ودولية، يُعتبر أبو شباب تاجر مخدرات وله صلات بعالم الجريمة، ويقود حاليًا قوة مسلحة تعمل برعاية إسرائيلية.
وتظهر وثائق منشورة على الإنترنت أبو شباب بزي عسكري، يحمل السلاح بجوار نقاط تفتيش مؤقتة، ورجاله يرتدون خوذات تحمل رمز «جهاز مكافحة الإرهاب». لكن صندوق GHF الأميركي أوضح أنه لا يوظّف مسلحين فلسطينيين ولا يعمل ضدهم.
وتفيد مصادر إنسانية أن الميليشيا متورطة في نهب شاحنات المساعدات وفرض رسوم حماية، وهو نشاط يتم على مرأى من الجيش الإسرائيلي.
من جهتها، أعلنت حماس أن الميليشيا عدو، ونشرت وثائق تظهر أفرادها وهم يُفجّرون عبوة ضد مقاتلي أبو شباب، تمامًا كما يفعلون ضد جنود الجيش الإسرائيلي، مما أكّد وجود هذه القوة.
وذكرت «يديعوت أحرونوت» أن بعض كبار المسؤولين يحذّرون من أن هذه الخطوة قد تُشكّل خطرًا استراتيجيًا طويل الأمد، لكن إسرائيل تبدو مصممة على إيجاد بديل لحماس – حتى لو استدعى الأمر استخدام عناصر محلية مشبوهة طالما أنها لا تنتمي لحماس.
ويقول هؤلاء إن أحد الأسباب الرئيسية لتسليح هذه العشائر هو منع حماس من السيطرة على قوافل المساعدات، وخصوصًا الموجهة إلى مراكز توزيع GHF. وقد هاجم حزب الليكود والحكومة ليبرمان بشدة، متهمين إياه بكشف الحقائق. وصرح مسؤول حكومي: «هذا الرجل مجنون ببساطة. لقد تسبب في أضرار جسيمة. لا حدود لتصرفاته».
وزعم مسؤولون كبار في الليكود أن ما فعله يعد انتهاكًا لأمن إسرائيل والجيش، معتبرين أن ليبرمان يكشف نفسه مجددًا كشخص ساخر وغير مسؤول، مستعد لكشف معلومات حساسة وتعريض الجنود والمختطفين للخطر – فقط لتحقيق مكاسب سياسية.
قالت حركة حماس إنّ تصريحات رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان تكشف عن حقيقة دامغة وخطيرة، تتمثّل في تسليح جيش الاحتلال الإسرائيلي لعصابات إجرامية في قطاع غزة، بهدف خلق حالة فوضى أمنية ومجتمعية، وتسويق مشاريع الاحتلال لهندسة التجويع والسرقة المنظّمة للمساعدات الإنسانية.
وأضافت، في بيان لها اليوم الخميس، «إننا في حركة المقاومة الإسلامية حماس نؤكد أن هذا الاعتراف الرسمي يُثبّت ما كشفته الوقائع الميدانية طوال الأشهر الماضية، من تنسيقٍ واضح بين عصابات اللصوص والمتعاونين مع الاحتلال، وبين جيش العدو نفسه، في نهب المساعدات وافتعال أزمات إنسانية تزيد معاناة شعبنا المحاصر».
وأشارت الحركة إلى أنّ «هذا الاعتراف يؤكد أن جيش الاحتلال لا يكتفي بالقصف والقتل الجماعي، بل يتولى تنظيم ورعاية عمليات السرقة والتجويع بشكل مباشر عبر تلك العصابات العميلة، في محاولة لكسر إرادة شعبنا والتأثير على بيئته المقاومة».
كما أكدت حماس أنّ هذه العصابات التي امتهنت الخيانة والسرقة تتحرك تحت إشراف أمني صهيوني مباشر، وهي أدوات رخيصة بيد العدو، وعدوٌّ حقيقي لشعبنا الفلسطيني، وستتم ملاحقتها ومحاسبتها بحزمٍ من قوى شعبنا والأجهزة المختصة.
المصدر: الغد