سوريا: استهداف العلويين مستمر

“رغم تعهدات السلطات السورية بضمان أمن جميع الطوائف، تتواصل الانتهاكات الدموية بحق العلويين على يد قوات الأمن الحكومية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أعلن الأربعاء مقتل ثمانية مدنيين علويين برصاص أطلقه عناصر حاجز أمني في محافظة حماة. كما تم العثور على جثث خمسة شبان من الطائفة نفسها بعد يومين من احتجازهم من قبل قوات الأمن. وفي سياق متصل، نشرت صحيفة “لوموند” الخميس تقريرا يسلط الضوء على غياب الثقة بلجنة التحقيق التي شكلتها السلطات، على خلفية المجازر التي شهدتها منطقة الساحل السوري في آذار – مارس.

إعدامات ميدانية

فقد أفاد المرصد السوري عن “إقدام عناصر حاجز أمني على إعدام ميداني لثمانية مدنيين، بينهم ثلاث نساء، وإصابة خمسة آخرين بجروح، جميعهم من أبناء الطائفة العلوية” كانوا على متن حافلة في الريف الغربي لمحافظة حماة في وسط سوريا.

وأوضح أن عناصر الحاجز “أوقفوا الحافلة وأطلقوا النار عليها، ثم قاموا بإنزال الركاب الأحياء منها وأطلقوا الرصاص عليهم كذلك”.

وفي حادث منفصل، أفاد المرصد بأنه “عُثر على جثث خمسة أشخاص من أبناء الطائفة العلوية” في مستشفى المجتهد في دمشق بعدما “فُقدوا لمدة يومين” إثر توقيفهم على حاجز أمني. وأشار الى أنه تم “إعدامهم ميدانيا بالرصاص”.

وأوضح المرصد: “كان الضحايا عائدين إلى منازلهم في حي عش الورور” الذي يقطنه علويون، على متن حافلة صغيرة “تضمّ سبعة أشخاص مع سائقها، قادمين من عملهم في مطعم بحي برزة بدمشق” قبل احتجازهم على حاجز أمني فجر الأحد.  وأضاف أن سائق الحافلة أصيب بجروح وهو يمكث في مستشفى المجتهد، بينما لا يزال شخص آخر من ركابها مفقودا.

275 جثة في بانياس

إلى ذلك، أعدت صحيفة “لوموند” تقريرا التقت خلاله بعدد من عائلات الضحايا وشهود العيان في مدينة بانياس السورية، عبّروا فيه عن استيائهم من صمت لجنة التحقيق التي شكلتها السلطات السورية للنظر في مجازر الساحل التي وقعت مطلع شهر آذار/مارس. واعتبر هؤلاء أن قرار تمديد عمل اللجنة حتى مطلع تموز/يوليو زاد من حالة الغموض وأثار مشاعر من الشك والريبة وعدم الثقة.

وتناول التقرير دفن حوالي 275 جثة في بانياس، تعود لضحايا المجزرة التي استهدفت أبناء الطائفة العلوية في المدينة ومحيطها، مشيرا إلى أن عملية الدفن جرت بإشراف مباشر من جهاز الأمن، الذي حضرها ومنع أي محاولة للتعرف على هوية القتلى، ما جعل معظمهم يُدفنون دون أسماء، مضيفا بذلك معاناة جديدة إلى أهاليهم.

“لا أثق بهم”

من جانبها، قالت سوزان خليل لصحيفة لوموند: “لا أثق بهم. لماذا لا يعلنون شيئا؟ ولا حتى كلمة. ولو مجرد تأكيد أنهم لا يزالون يحققون”. تجدر الإشارة إلى أن خليل فقدت زوجها وابنيها على يد مجموعة من ثلاثة رجال ملثمين “كانوا يتحدثون بلهجة بانياس”، كما تؤكد خليل، مضيفة: “الشيء الوحيد الذي سألونا عنه هو إن كنا من العلويين”. ثم طالبوا بالمال و”مفاتيح السيارة”. “لم يكن لدينا لا المال ولا المفاتيح. نحن موظفون حكوميون، أشخاص كان النظام السابق يحتقرهم”، وهي لا تزال تراودها صورة الجثث الممتدة في الشارع، بالقرب من سيارة بيك أب تعود للمهاجمين، حيث كان السائق يحدق بها ضاحكا.

وتواصلت الصحيفة الفرنسية مع لجنة التحقيق للاستفسار عن تأخر صدور تقريرها، فأكدت اللجنة عبر متحدثها الرسمي أنها “لا تزال تواصل عملها الميداني وتكثف لقاءاتها مع الشهود”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن “أي إعلان رسمي لن يصدر قبل شهر تموز/يوليو”.

وتقول خليل: “لقد أدّيت واجبي حين ذهبت للإدلاء بشهادتي، كان ذلك أقل ما يمكن أن أقدمه لزوجي وولدي. لست خائفة”.

خوف من الإدلاء بالشهادات

لكن الشهود الآخرين لم يتحلوا بجرأة سوزان خليل للإدلاء بشهاداتهم، وقد تطلب الأمر جهودا كبيرة من بعض الناشطين لإقناعهم بذلك. وأشار التقرير إلى أنه تم إقناع أعضاء اللجنة بنقل مركز عملهم في بانياس — الذي كان يقع داخل مبنى البلدية في قلب الحي السني — إلى المركز الثقافي في المدينة قرب الأحياء التي تعرّضت للمجازر. ورغم حضور عدد من أهالي بانياس للإدلاء بشهاداتهم، بقي هذا الأمر استثناء، إذ خاف معظم سكان البلدات المجاورة من التنقل عبر الطرقات المليئة بالحواجز الأمنية.

أما منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” فقد عبرت عن مخاوفها بشأن قدرة اللجنة على إجراء تحقيقات مستقلة وفعالة، قائلة: “لم تُشكّل اللجنة من قبل هيئة تشريعية مستقلة أو سلطة قضائية عليا، بل من قبل رئاسة الجمهورية، ما يثير شكوكا حول استقلاليتها. من غير المرجح أن تُصدر لجنة شكلها الجهاز التنفيذي تقريرا يضر بمصالح رئاسة الجمهورية والدولة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *