الإسلام هو السبب الأول  والأساسي في فشل الدراما والفن في مصر

كتب وجيه فلبرماير

الثقافة الاسلامية ضد الفن والابداع

تستوحي المجتمعات الاسلامية عامة ثقافتها من دينها الاسلامي وترفض معظم المصادر الاخرى للحضارة والثقافة والفن معتبرة إياها وضعية انسانية علمانية كافرة وفاسدة ، واعتبرتها ضد العقيدة الإسلامية ومؤامرة ضد الاسلام نفسه، ومن هنا بدأت في العقود الأخيرة قفزة فكرية في عقل الانسان المصري جعلته يضع كل مايتعلق بالفن في إطار اسلامي وضوابط دينية وتعليمات رقابية وسلطوية تحد من حرية الفن والإبداع. وهو ماأثر على الدراما المصرية بالسلب وجعل مستوى معظم المسلسلات مستوى هابط ومنحط واشبه بخطب الجمعة حيث انه لايخلو مسلسل من التعبيرات الدينية والآيات القرآنية والاحاديث النبوية وهذا غير ان عناصر بناء السيناريو لاتخلوا من دعم الشريعة الاسلامية وارتداء الحجاب والنقاب فتحولت معظم المسلسلات اشبه بالدعوة الاسلامية لأفكار الباكبورتات السلفية والوهابية والاخوانية وليست منابر للتنوير والابداع والفن الحقيقي.

وتستطيع ان تقول ان الدراما المصرية (في اغلب اعمالها) لها دور رئيسي في دروشة وسلفنة المجتمع المصري بشكل كامل لان القائمين على المسلسلات من اول المنتجين الى الفنانين هم من دعاة الدين وليس الفن، وبعد ان تم ذلك منذ الثمانيات، بدات المسلسلات تقدم لنا الحارة المصرية والشارع المصري بالشكل الذي صنعته هذه الدراما، وهو التعصب والرجعية الدينية مدعية ان هذا هو الواقع، والحقيقة انا هناك دور للدراما المصرية (طبعا بجوار السياسة والتعليم والاعلام) في خلق هذا الواقع الاسلامي المتشدد الرجعي العنيف.

ولاننسى ابدا ان المنظومة الفكرية الاسلامية في اصلها هي منظومة مخربة للمجتمع فهي تدعم كره المخالفين في العقيدة وتقمع المرأة وتشجع تعدد الزوجات بل وتقدم لنا البلطجية والاشرار على انهم ابطال وفتوات جدعان اي تعكس معايير الخير بالشر وهذا اصبح ملحوظاً في العمل الدرامي.

ادوات القمع لفن الدراما في مصر

الدين الإسلامي خلق لنفسه ادوات قمعية للرقابة والمنع والتحكم في الدراما بتحالف واضح بين نظام الدولة الحاكم (السياسة) وكيانات متخصصة في الرقابة (أجهزة الدولة) وكيانات دينية متمثلة اولاً في الأزهر، حيث ان مؤسسة الأزهر لو رفضت مسلسل مصري سوف تقوم الجهات الرقابة للدولة بايقافه ومنعه على الفور واحيانا قبل ان يعرض، وعادة تكون هي الرقابة على المصنفات الفنية او وزارة الثقافة او الاعلام او احيانا النقابات الخاصة بالفنانين. وعادة تدعي كل هذه الجهات الرقابية ان العمل الدرامي لايتناسب مع قيمنا التربوية والمجتمعية والاسلامية وكثيرا مايضاف لبعضها صفة ازدراء الدين الاسلامي.

الرقابة الذاتية للفنانين وكتاب السيناريو

معظم القائمين على فن الدراما وان لم يكن جميعهم مسلمون وهم يعلمون جيدا منذ نعومة الطفولة ماهي المحرمات والخطوط الحمراء فيما يتعلق بالدين الاسلامي وبناء عليه لديهم مايشبه قائمة في عقولهم لايجب تجاوزها حتى لاتتوقف اعمالهم او بعضهم يرون انها فعلا خطوط حمراء شرعية لانها تتعلق بعقيدتهم وايمانهم، عدم المساس بالنبي ولا الصحابة ولا اهل بيت الرسول وعندم نقد القرآن او السنة وعدم نقد الحجاب او النقاب وغيرها من من المعايير الاسلامية التى يمارس فيها المبدع او الفنان فيها بالرقابة الذاتية بنفسه على نفسه وحتى في تصريحاته خارج العمل الفني لابد ان يكون حريص في كلامه عن هذه الامور حتى لو كان رأي شخصي وبالتالي اي مبدع له نظرة نقدية للاسلام او التاريخ الاسلامي او القيم الاسلامية لاوجود له اصلا لان الجميع يعلمون ان مثل هذه الامور سوف توقف الاعمال الفنية او تمنعها او تعرض اصحابها للمحاكمة.

بلطجية الاسلام من المحاميين والشيوخ واليوتيوبر

نعم كما ذكرت في العنوان ، هناك متأسلمين شغلتهم البلطجة على اهل الفن، ورفع القضايا على الفنانين والمخرجين واصحاب السيناريو والاعمال الفنية بحجة انهم حراس الفضيلة امثال المحامي العربجي نبيه الجحش ومرتضى منصور وسمير صبري وغيرهم من المحامين اللى لسانهم زي المبرد، وبعض هؤلاء المحامين مجندين من الازهر وكأنهم بلطجية فعلا لترهيب الفنانين في اللقاءات والمواجهات التوك شو او في ساحات المحاكم حتى يخاف الفنانين ويرتعبون ويتراجعون عن الابداع والحرية. وكثير منهم اتجرجروا في المحاكم واتبهدلوا.

بلطجة الشيوخ ضد الفنانين

بعض شيوخ الاسلام بكل اصنافهم متخصصين في البلطجة على الفنانين فتارة يكفرونهم واخرى يفضحونهم ويصفونهم بالعري والخلاعة واحيانا الدعارة ، ووصل الامر احيانا بان احد الشيوخ طالب بتطبيق حد الحرابة على الفنانين بسبب فسقهم وفجورهم، وعادة معظم شيوخ الاسلام لديهم عداوة شديدة للدراما المصرية ويتمنون لو لم يكن هناك شئ اسمه دراما وتعود كل الفنانات ليقرن في بيوتهن بالحجاب.

بلطجة اليوتيوب على الدراما المصرية والفن المصري

هناك بعض اليوتيوبر المرتزقة والذين تم توظيفهم في اليوتيوب للهجوم على الدراما المصرية والفنانين والتشهير بهم وواخدينها حلوانة في سلوانة ولاتجدهم مثلا لا يتحدثون عن مشاكل الشعب او السياسة ولكن كل كلامهم عن الفجور والدعارة في الوسط الفني وملابس الفنانين وفساتين المهرجانات ويستغلون اخبار اهل الفن للتشهير بهم.

بلطجي ذو وضع خاص في المانيا أحد اللاجئين المصريين صاحب قناة فيض الحب

هذا اليوتيوبر متخصص في الهجوم الاسلامي على الفنانين فاغلب كلامه هو ان الفنان اللى مايعجبوش يقولك مات بطريقة درامية او مات وهو يشرب الخمر والفنانة اللى تعجبه مثلا واتحجبت يقولك ماتت على سجادة الصلاة او ظهرت لها الملائكة والرسول ولو فنانة بتؤدي ادوار قوية يقولك اغتصبها الامير فلان وانفجر فرجها او اي اخبار وقحة ، الخلاصة فيما ينشره هو انه يشيطن الفنانين والفن في قناته والغريبة ان المشتركين في قناته يتخطون المليون مشترك.

سواء الازهر او مرتزقة الازهر من المحاميين او اليوتيوب او شيوخ الاسلام من كافة الاصناف هم يحاولون شيطنة الدراما المصرية وعايزين يكرهوا المصريين في هذا الفن ويمنعوه ويجبروا الفنانات على السلفنة والحجاب حتى تنشرح صدورهم وتهدأ.

التدخل الوهابي الاصولي في الدراما المصرية

يتميز هذا التدخل بالازدواجية اي فعل الشئ وعكسه، والهدف من ذلك هو ان السعودية تغار من مصر بسبب عمق تاريخها الفني وتقدمه في وقت من الاوقات فكانت تريد هدم الفن المصري ومسحه من الوجود او تشويهه ، وبدأت حرب السعودية ضد الفن المصري بما في ذلك الدراما المصرية في السبعينات ايام السادات.

بدا التدخل الوهابي بالاغراءات المالية لصناع السينما وزرع الاسلاميين داخل صناعة السينما والدراما واستغلوا علاقتهم الودية مع الرئيسين الفاسدين السادات ومبارك، الذي سمح للسعودية بحشر نفسها في الفن المصري بطريقة سافرة ووقحة.

الشيخ الشعراوي والصبي بتاعه عمر عبد الكافي وتحجيب الفنانات

اطلقت السعودية هذين الشيخين بميزانيات ضخمة في مصر لتحجيب الفنانات وبدأ الشيخان يستخدمان كل الاغراءات المالية لاستمالة بعض الفنانات وتأمين مستقبلهن المادي نظير ارتداء الحجاب والاستكانة في المنزل واعتزال الفن، وكان اشهر من استخدمهون الفنانة عفاف شعيب والفنانة سهير البابلي والفنانة شمس البارودي ، وطبعا كل منهن ادعت ان الرسول جالها في المنام والشيخ زيد وعبيد ظهروا لهم في ثياب ابيض والقصص الخرافية،  ثم بعد ذلك “كرت بكرة الخيط” لكثير من الفنانات وكانت ضربة قوية للفن المصري باموال سعودية وبعد ذلك بدأ توظيف السعودية للدعاة الجدد امثال عمرو خالد لتحجيب العديد من الفنانات والمشاهير.

خطة سرقة الافلام المصرية من السعودية عن طريق وسطاء

السينما المصرية انتجت منذ بدايتها في عشرينات القرن الماضي ما يقارب 3100 فيلم فقد وتلف منه اكثر من الف فيلم ومعظم الباقي تم بيعه للسعوديين وبذلك اصبح 80% من تراث السينما المصرية لدي السعوديين، ولم يتبق إلا الفتات في أيدي المصريين ، الشيخ صالح كامل لديه 2000 فيلم منها 1500 فيلم مصري قديم و500 فيلم جديد ، أما الوليد بن طلال فلديه 1300 فيلم منها 850 فيلما اشتراها من الشركة القابضة فنون والبقية مابين أفلام جديدة شاركت روتانا في إنتاجها وأفلام قديمة اشترتها قبل ذلك، بينما تمتلك شركة مصر للصوت والضوء والسينما 256 فيلما أنتجتها من قبل مؤسسة السينما في الستينيات، ويمتلك المنتج والموزع وائل عبدالله حوالي 400 فيلم جمعها خلال السنوات الماضية ورفض بيع النيجاتيف ” الخاص بها الي الشركات السعودية. وطبعا تم تشويه الكثير من هذه الافلام وحذف المقاطع التى تتعارض مع الاسلام ليتم عرضها مشوهة او ناقصة.

القواعد التى فرضتها السعودية على الفن المصري في الدراما والسينما

  1. عدم إرتداء الممثلين سلاسل ذهبية أو غيرها في رقابهم وأيديهم
  2.  منع التدخين بكافة صوره
  3. إحتشام ملابس السيدات
  4. عدم القسم بغير الله
  5. عدم إحتضان الممثل للممثلة
  6. تلافي مشاهد لقاء ممثل وممثلة بالسرير
  7. منع الرقص بكافة أنواعه
  8. تلافي تصوير مشاهد لقاء علي البلاچ، ومنع ظهور ملابس البحر
  9. تلافي ظهور الخمر أو شربها
  10. ممنوع غناء السيدات
  11. عدم إستخدام أغان كخلفية
  12. محظور تصوير مشاهد سرادق العزاء ويقتصر الحداد علي زوجة المتوفي فقط
  13. ممنوع إستخدام لفظ كلمتي ( بابي ومامي)
  14. عدم إستخدام كلمتي المرحوم والمرحومة والله يرحمه / يرحمها
  15. يضاف كلمة بإذن الله أو إنشاء الله قبل أي فعل مستقبلي
  16. عدم إستخدام إتكل علي الله وعلي، لأن الإتكال علي الله فقط
  17. عدم إستخدام” بعيد عنك “عند ذكر المرض أو الموت لانها ليست بعيدة عن أي مخلوق
  18. عدم إستخدام كلمة”ربنا إفتكره ” فذلك يعني أن الله قد نسيه
  19. عند لقاء رجل وإمرأة غير متزوجين فلابد من وجود شخص ثالث يشترك في الديالوج 20
  20. يصرح بتصوير المتزوجين في غرفة النوم، ولكن بدون أن يتحاوروا علي نفس الفراش.

زرع الخرافات والخزعبلات في الدراما المصرية

دأبت السعودية بدعم المسلسلات المصرية التى تنشر افكار الشريعة الاسلامية وكذلك بعض الالفاظ والمصطلحات الوهابية التى يتحدث بها المجتمع البدوي لتحل محل اللغة المصرية، بل وشجعت السعودية المسلسلات المصرية التى في جوهر اهدافها نشر افكار السحر والجن والخرافات وكذلك الزار والاعمال السحرية.

زرع فكرة البلطجة والعنف والرقص الشرقي والمخدرات

كذلك معظم المسلسلات التى تنتجها شركات انتاج لها علاقة باموال النفط تفعل الشئ وعكسه فهي التى تدعم أسلمة المجتمع وفي نفس الوقت هي نفسها التى تدعم الرقص الشرقي والعنف والبلطجة وتجارة المخدرات والادمان، والفكرة واضحة وفيها سوء نية واضح ، ان صناع هذه الدراما يستخدمون الشئ وعكسه فعلا للتأثير على المجتمع بشكل مخرب.

الخاتمة

في هذا التحقق انا تناولت فقط احد اهم العوامل الرئيسية التى تسببت في تدهور مستوى الدراما المصرية ولا شك ان هناك اسباب اخرى كثيرة سوف اتناولها في التحقيقات القادمة وبجانب هذه التحقيق نشرت ايضا تحقيقات اخرى في السنوات السابقة اتمنى قرائتها ومتابعتها في ارشيف الموقع الالكتروني  https://wagih-felbermayer.com

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *