فيلم وثائقي يفضح العنف ضد أطفال المدارس الدينية في إسرائيل

نشرت صحيفة هآرتس تقريرا حول فيلم وثائقي للمخرج الإسرائيلي ميني فيليب، يسلط الضوء على العنف المنهجي الذي يتعرض له الأطفال في المدارس الدينية التابعة لطائفة الحريديم اليهودية المتشددة في إسرائيل. الفيلم الذي يحمل عنوان “لم ينجُ طفل”، يعرض تجارب شخصية مؤلمة لفيليب و11 شخصا آخرين، تعرضوا في طفولتهم لاعتداءات جسدية ونفسية على يد معلميهم، واستخدمت أدوات متنوعة للعقاب كالحزام والمسطرة والعكازة وحتى المطرقة والخرطوم البلاستيكي.

يسترجع فيليب ذكرياته في إحدى المدارس الدينية بمستوطنة “بتاح تكفا” قرب تل أبيب في سبعينيات القرن الماضي، حيث كان الأضعف جسديا بين زملائه، وتعرض لضرب وإذلال شديدين أدى في مرحلة ما لفقدانه ذاكرته مؤقتا. ويؤكد أن الندوب النفسية العميقة الناتجة عن تلك المعاملة ما زالت ترافقه.

من بين الشهادات الصادمة، تحدث الشقيقان ناثان (11 عاما) وماور كولبرغ (16 عاما) عن معاناتهما، حيث أكد ماور أن معلمه كان يجبره على تناول الفلفل الحار، ثم يغلق فمه بشريط لاصق ويقيد يديه خلف ظهره. أما ناثان، فكان يُترك مربوط اليدين ومعلقًا فوق كرسي خلال فترة الاستراحة.

ويشير فيليب إلى أن سوء المعاملة والعنف يؤديان إلى تدمير شخصية الطفل واستقلاليته، مسببين له خوفًا مزمنًا وعجزًا عن التفاعل الاجتماعي، ما يُعرف علميًا بـ”الانسحاب العاطفي”.

ويوضح التقرير أن فكرة الفيلم انبثقت من منشور كتبه شقيق فيليب على منصة فيسبوك، وهو مخصص للذين غادروا مجتمع الحريديم. وعُرض الفيلم مؤخرا في مهرجان حيفا السينمائي ومهرجان إسرائيلي آخر.

وبحسب الصحيفة، فإن فيليب كان في السابق مغنيا ناجحا في المجتمع الحريدي قبل طرده منه، ثم اتجه لدراسة السينما وأخرج فيلما قصيرا بعنوان “الآثم”، عُرض عام 2009 في مهرجان البندقية السينمائي، وحاز جائزة أفضل فيلم أوروبي قصير، تناول فيه قصة اعتداء جنسي تعرض له طفل في مدرسة دينية، مستلهمًا من تجاربه الشخصية.

في السنوات الأخيرة، عاش فيليب في الولايات المتحدة حيث عمل في ترميم وإعادة إصدار أفلام هوليوود القديمة. لكنه عاد اليوم لإثارة النقاش حول العنف الجسدي والنفسي في المدارس الدينية اليهودية المتشددة.

ويلفت الفيلم النظر أيضًا إلى جانب اجتماعي آخر، يتمثل في نزعة الإساءة الموجهة ضد الأطفال السفارديم (يهود الشرق) من قبل معلمي المدارس الأشكنازية (يهود الغرب وأوروبا)، كاشفًا بذلك عن الشرخ المجتمعي العميق داخل إسرائيل.

ورغم الفضائح التي يثيرها الفيلم، فإن معظم الآباء في المجتمع الحريدي ما يزالون يقبلون بنظام التعليم القائم إما رضًا عنه أو لعدم وجود خيارات بديلة.

ويؤكد المخرج فيليب أن هذه التجارب الجماعية المؤلمة التي يعيشها الأطفال في المدارس الدينية تساهم في تشكيل مجتمع كامل يعاني من تبعات الصدمات النفسية، ويفقد قدرته على التواصل الصحي مع الآخرين.

مونت كارلو الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *