القمح.. ورقة روسيا لتعزيز نفوذها في إفريقيا

تعمل روسيا في الوقت الراهن على توظيف دبلوماسية القمح لتعظيم حضورها في إفريقيا، وزاد الاعتماد على هذه المقاربة بعدما باتت الدولة الأوروبية من أهم موردي القمح للقارة السمراء خلال الآونة الأخيرة.

وحسب تقرير مركز فاروس للاستشارات، زادت روسيا من إمدادات السلة الاستراتيجية في سلة غذاء الدول للأسواق الإفريقية التقليدية، مثل مصر والجزائر، كما وصلت إلى بعض الأسواق الجديدة على غرار المغرب وجنوب إفريقيا والنيجر وتشاد وآخرها توجو، التي باتت سوقًا جديدة لصادرات القمح الروسي.

وفرت دبلوماسية القمح لروسيا فرصًا كبيرة لتحقيق اختراقات غير مسبوقة على الساحة الإفريقية، كونها تأتي في ظل الأفول الفرنسي في إفريقيا، وتتزامن مع تراجع محتمل للنفوذ الأمريكي، خصوصًا وأن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، معروف بعدم اهتمامه بإفريقيا، وقد تقتصر إداراته على توظيف الشبكات الدبلوماسية التقليدية في مواصلة العلاقة مع القارة السمراء.

ووصل حجم الصادرات الروسية من القمح لإفريقيا إلى نحو 30 مليون طن بنهاية 2024، ما يمثل زيادة بنحو 35% مقارنة بنفس الفترة من 2023، وذلك وفقًا لتقديرات تقرير مركز تنمية صادرات المنتجات الزراعية الروسية “أغرو إكسبورت”، الصادر في ديسمبر 2024.

كما استوردت الدول الإفريقية من روسيا منتجات زراعية بقيمة 4 مليارات دولار في 2020، حوالي 90% منها عبارة عن قمح، و6% زيت دوار الشمس، وتجدر الإشارة إلى أن شركة  “Uralchem”، وهي إحدى أكبر الشركات الروسية العاملة في القارة في مجال الزراعة، تقوم  بتوريد العديد من المنتجات، خاصة الأسمدة، لعدد من دول الجنوب الإفريقي، خاصةً زامبيا وزيمبابوي.

يرتبط التحرك الروسي لتوظيف دبلوماسية الحبوب لتطوير العلاقة مع إفريقيا بجملة من الأهداف، أبرزها تصاعد مكانة إفريقيا دوليًا، فقد أدى تزايد التوترات السياسية العالمية بجانب تصاعد حدة التنافس بين الاقتصاديات الكبري إلى تحويل القارة الإفريقية إلى نقطة جذب، فبالإضافة إلى الموارد البشرية الرخيصة، فإنها تعوم على موارد هائلة من المعادن النادرة ومكامن الطاقة، والتي تعد أولوية للصناعات الروسية الدفاعية والتكنولوجية.

فتح أسواق اقتصادية جديدة: في رؤية موسكو، فإن تطوير العلاقة مع إفريقيا يمثل فرصة لفتح أسواق جيدة أمام المنتجات الزراعية الروسية، خصوصًا في ظل استمرار العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي، وكان الإنجاز المهم في السنوات الأخيرة حصول زيادة كبيرة في الصادرات الروسية إلى إفريقيا.

استقطاب دول إفريقيا بعيدًا عن الموقف الغربي: سعت موسكو من خلال توظيف ورقة القمح إلى استقطاب دول القارة الإفريقية بعيدًا عن الموقف الغربي المضاد لروسيا، وظهر ذلك، بشكل أو بآخر في رفض إفريقيا الانخراط في العقوبات الغربية على موسكو، بالإضافة إلى رفض التصويت لمصلحة المشاريع الغربية التي تستهدف موسكو داخل أروقة المؤسسات الأممية والدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *