
اكتشف باحثون صينيون فيروس كورونا جديدا يصيب الخفافيش ويمكن أن ينتقل إلى البشر، ما يحيي المخاوف من جائحة جديدة في العالم بأسره. أطلق عليه اسم إتش كي يو 5 – كوف 2، واكتشف عند الخفافيش. هذا الفيروس الجديد يحمل إحدى صفات مشابهة لتلك التي تميز كوفيد-19، ويمكن أن ينتقل إلى البشر.
هذا الاكتشاف توصل إليه فريق من الباحثين الصينيين الذي تديره عالمة الفيروسات شي زهينغلي، والتي يطلق عليها اسم “السيدة الخفاش” لعملها على الفيروسات المتأتية من هذه الحيوانات.
وشارك في إنجاز هذه الدراسة التي نشرت في المجلة العلمية الأمريكية “سيل”، عدة معاهد صينية، منها مخبر غوانغزهو وأكاديمية العلوم في غوانغزهو، وأيضا معهد الفيروسات في ووهان، التي يقال إنها منشأ كوفيد-19، بسبب ارتباطها المفترض باكتشاف الجائحة التي انتشرت في العالم بأسره.
إتش كي يو 5 – كوف 2 ينتمي إلى عائلة ” ميربكوفايروس”، والتي تضم الفيروس المسؤول عن المتلازمة التنفسية الحادة للشرق الأوسط (ميرس-كوف 2) الذي ينتقل بالأساس من الجمال إلى البشر عبر اللمس وتبلغ نسبة الوفيات بسببه إلى 35 بالمئة، وفق منظمة الصحة العالمية.
توجد المئات من الفيروسات ذات احتمال ضعيف في انتقالها إلى البشر، على غرار سراس وسراس-كوف 2 وميرس-كوف. وفق البحوث الصادرة إلى حد الآن، فإن فيروس إتش كي يو 5-كوف 2، تماما مثل فيروس سارس ـ كوف 2 المعروف باسم كوفيد-19، يستخدم نفس بروتينات الاستقبال “إي سي إي 2” للولوج إلى الخلايا البشرية.
وعلى الرغم من أن هذا الفيروس الجديد لم يكتشف بعد لدى البشر، إلا أن البحوث تشير إلى قدرته في نقل العدوى للبشر، ما يؤكد على ضرورة المتابعة المستمرة.
وكشفت البحوث الصينية الأخيرة بأن الخلايا البشرية تمتلك مستويات عالية من هذا البروتين في أنابيب الاختبار، التي شملت أجزاء من الأمعاء أو الجهاز التنفسي لدى البشر، والتي تعرضت للإصابة بهذا النوع الجديد من فيروس كورونا.
بينما تؤكد البحوث وجود خطر لانتقال إتش كي يو 5 ـ كوف 2 من الخفافيش إلى البشر، لم يتم تسجيل أية حالة لدى الإنسان لغاية الساعة. وقلل الدكتور مايكل أوسترهولم، مدير مركز البحوث حول الأمراض المعدية في جامعة منيسوتا، من خطر هذا الفيروس، مؤكدا بأن المخاوف من نشوء جائحة جديدة بسبب هذا الفيروس “مبالغ فيها”.
ووفق أوسترهولم، فإن المناعة التي تكونت لدى البشر ضد فيروسات مشابهة لسارس والارتباط الضعيف بين إتش كي يو 5 ـ كوف 2 ومستقبلات “إي سي إي 2” البشرية يمكن أن تساهم في التقليل من احتمال تكيفه وانتقاله على نطاق واسع بين البشر.
أما البروفيسور كريستيان جاكوب، رئيس جمعية الميكروبيولوجيا في كيبيك، فشدد على ضرورة متابعة البحوث حول هذا الفيروس لفهم احتمال انتقاله للبشر وإعداد استراتيجية صحية للتعامل معه.
“من المحتمل أنه (هذا النوع من فيروس كورونا) ليس مهما (كثيرا). لكن إذا ما وجدنا بعد خمس سنوات نفس طريقة التفاعل، فذلك سيسهل العثور على حلول” وفق تصريح البروفيسور لـ”جورنال دي مونريال”.
اكتشاف إتش كي يو 5 ـ كوف 2 تسبب في تداعيات فورية على الأسواق المالية. فعندما نقلت وكالة بلومبيرغ الدراسة الجمعة الماضية، سجلت أسهم شركات صناعة الأدوية مثل موديرنا وبيونتيك وبفايزر ارتفاعا في أسهمها وصل إلى 5 في المئة، بسبب المخاوف التي أيقظها هذا الفيروس الجديد واحتمال ارتفاع الطلب على اللقاحات.
في المقابل، لم يتم التأكد من أن اللقاحات الحالية ضد كوفيدـ19 ستكون فعالة ضد إتش كي يو 5 ـ كوف 2. فيما كشفت بحوث وجود أجسام مضادة أحادية النسلية وأدوية مضادة للفيروسات تستهدف فيروس الخفافيش.
تستخدم الأدوية المضادة للفيروسات التي صنعت لوقف انتشار الفيروس في الجسم، لعلاج الإنفلونزا وكوفيد-19 بالأساس، ويمكن لها أن تخفف الأعراض وتقلص مدة المرض.
أما الأجسام المضادة الأحادية النسلية، فهي عبارة عن بروتينيات مصنوعة في المخابر بهدف علاج عدد كبير من الأمراض، منها السرطان. وهي تتكيف مع بروتيين “سبايك” المسؤول عن كوفيد-19، وهدفها منع إصابة الخلايا البشرية. ويشكل ذلك علاجا مهما جدا لأصحاب المناعة الضعيفة، والذي لا يمتلكون بالضرورة حماية كافية باللقاحات لوحدها.
تقييم تأثير فيروس كورونا الجديد هذا على صحة البشر يحتاج لمزيد من البحوث، في الأثناء يدعو الخبراء إلى اليقظة والمتابعة الصارمة لتفادي أزمة صحية عالمية إضافية. إلى حد اليوم، شملت جائحة كوفيد-19 كل دول العالم تقريبا، مع تسجيل 785 مليون إصابة مؤكدة ووفاة 7 ملايين شخص.
فرانس 24
النص بالفرنسية بولين روكيت / اقتباس إلى العربية عمر التيس