
لازالت إيران تحتجز ثلاثة مواطنين فرنسيين في سجونها، بينهم سيسيل كوهلر (40 عاما) التي تقبع في سجن “إيفين” بطهران منذ 1000 يوم بعدما تم توقيفها برفقة شريك حياتها بتهمة “التجسس“. هذه المدرسة والناشطة في نقابة “القوة العمالية” لم تتصل بعائلتها منذ شهر أبريل/نيسان 2024، ليزداد القلق بشأن مصيرها. ما جعل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو يصعد لهجته ويطلب من السلطات الإيرانية إخلاء سبيل جميع المواطنين الفرنسيين المحتجزين لديها.
يمر الجمعة ألف يوم، منذ اعتقال المواطنة الفرنسية سيسيل كوهلير في إيران بتهمة “التجسس“.
هذه المرأة (40 عاما) التي تعمل مدرسة للغة الفرنسية في ثانوية بإحدى ضواحي باريس، تم توقيفها في 7 أو 8 مايو/أيار 2022 برفقة شريك حياتها جاك باريس في طهران. ولاتزال لغاية اليوم تقبع في سجن “إيفين” في العاصمة الإيرانية.
وبمناسبة مرور ألف يوم على اعتقالها، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الأربعاء السلطات الإيرانية إلى الإفراج عن مواطنيه الثلاثة، واصفا إياهم “بالرهائن” وداعيا طهران إلى “إطلاق سراحهم بسرعة في حال أرادت تخفيف العقوبات المفروضة عليها“. وقال بارو على القناة الفرنسية الخامسة العمومية: “فرنسا لن تتخلى أبدا عن رهائنها”، مضيفا: “نطلب من السلطات الإيرانية إطلاق سراح الرهائن لكي يعودوا إلى عائلاتهم“.
ولدت سسيل كوهلير في كولمار قرب مدينة ستراسبورغ، في شرق فرنسا، عام 1984. وهي عضو في نقابة “القوة العمالية” اليسارية منذ 2011، وتم تعينها في 2016 مسؤولة العلاقات الخارجية في اتحاد التعليم والثقافة التابعة للمنظمة. سافرت هذه المرأة إلى إيران في نزهة سياحية برفقة شريك حياتها، وتم توقيفها في مايو/أيار 2022 من قبل السلطات الإيرانية التي لم تبلغ عائلتها ولا السلطات الفرنسية إلا بعد خمسة أشهر من احتجازها.
ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول 2022، نشر التلفزيون الإيراني شريط فيديو تظهر فيه سيسيل كوهلير وهي تدلي باعترافات تحت الإكراه وتزعم بأنها “تعمل لصالح الاستخبارات الخارجية الفرنسية”. لكن التلفزيون الإيراني لم يقدم أي دليل على ذلك. وردت السلطات الفرنسية آنذاك على الاتهامات الإيرانية ووصفتها بأنها “مفبركة” و”غير المقبولة”، وأنها لا “تتماشى مع القانون الدولي“.
من جهتها، أكدت منظمة العفو الدولية في 26 يونيو/حزيران 2024 أن سيسيل كوهلير وضعت في زنزانة انفرادية خلال عدة شهور وربما تكون قد تعرضت للتعذيب”، مضيفة أن “آخر مكالمة هاتفية جرت بينها وبين عائلتها تعود إلى 13 أبريل/نيسان 2024“.
وأشارت المنظمة إلى أن سيسيل كوهلر تعاني من “الاختفاء القسري” وتعيش حاليا في ظروف صعبة للغاية وداخل زنزانة لا تتعدى مساحتها 9 أمتار مربع برفقة ثماني سجينات وتفترش الأرض، إضافة إلى عدم خروجها من الزنزانة سوى ثلاث مرات في الأسبوع ولمدة 30 دقيقة في كل مرة.
في مطلع يناير/كانون الثاني 2025، عبرت الناشطة الحقوقية الإيرانية (المسجونة) نرجس محمدي والتي أحرزت جائزة نوبل للسلام في عام 2023، عن مخاوفها من “تدهور صحة سيسيل كوهلر” كونها تعرف شخصيا ظروف الاعتقال في السجون الإيرانية لأنها سجنت عدة مرات. فيما دعت إلى إطلاق سراحها دون أي شرط أو انتظار. وقالت:” أن تجد [سسيل كوهلر] نفسها خلال ثلاث سنوات دون أن تستطيع أن تتحرك وفي زنزانة انفرادية أمر صعب ولا يطاق أبدا“.
كانت سيسيل كوهلير تمارس عملها التدريسي بإتقان كبير إلى درجة أنها شاركت في عدة جلسات نظمتها اللجنة المكلفة بالتربية الوطنية في الجمعية الوطنية الفرنسية. إلى ذلك، قالت نويمي كوهلير، وهي أخت سيسيل، في تصريحات إعلامية الخميس “انقطع الاتصال مع العائلة بشكل مفاجئ في أبريل/نيسان 2024. لكن قبل هذا التاريخ كانت (سيسيل) ترسل لنا يوميا صورا سياحية لعدة مواقع أثرية زارتها في إيران“.
وأسست نويمي كوهلير هيئة تدعى “الحرية لسيسيل” لمساندة أختها وللضغط على السلطات الإيرانية لكي تخلو سبيلها. فقد نظمت سابقا عدة وقفات احتجاجية في باريس وعدة مدن فرنسية أخرى. كما قامت هذه الهيئة ومقربين منها بإرسال أكثر من 700 رسالة تضامن في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى سيسيل كوهلير “مع أمل أن تستلم على الأقل رسالة أو رسالتين”، وفق أختها.
ومن المقرر أن تنظم منظمة العفو الدولية السبت وقفة جديدة في باريس لحث السلطات الفرنسية على بذل جهود أكثر لتحرير الرهينة.