ماذا وراء حركة إم 23 في الكونغو؟

قالت الأمم المتحدة إن تقدم جماعة المتمردين إم 23 نحو أكبر مدينة في شرق الكونغو أدى إلى نزوح أكثر من 178 ألف شخص في الأسبوعين الماضيين، حيث اقترب مقاتلو الجماعة من مدينة جوما على الحدود مع رواندا. ووفقًا لوكالة أسوشيتد برس، فإن جماعة إم 23 هي واحدة من نحو 100 جماعة مسلحة تتنافس على موطئ قدم في شرق الكونغو الغني بالمعادن في صراع دام عقودًا من الزمان، مخلفًا واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.

قالت مجلة “وورلد بوليتكس ريفيو”، في تقرير نشرته الخميس 23 يناير 2025، إن هذا الهجوم الأخير يمثل التقدم الإقليمي الأكثر أهمية الذي حققته حركة إم 23، أو حركة 23 مارس، منذ ظهورها ثانيةً في أواخر عام 2021 بعد ما يقرب من 10 سنوات من السكون. وأضافت أن التقدم الأخير لحركة إم 23 يؤكد نقاط قوتها وزخمها، لكنه يسلط الضوء أيضًا على القدرة المحدودة للقوات الكونغولية على احتواء الجماعة، حتى مع المساعدات المتعددة الأطراف، ففي العام الماضي، طلبت الكونغو سحب بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي استمرت لعشرات السنوات، ولكن بسبب التقدم الذي أحرزته حركة 23 مارس، توقف هذا الانسحاب.

وأشارت إلى وجود قوات لمجموعة تنمية جنوب إفريقيا على الأرض في شرق الكونغو، وأرسلت مجموعة شرق إفريقيا بعثة لمدة عام واحد إلى المنطقة في أواخر عام 2022، كما دفعت الكونغو لبعض قوات المرتزقة الأوروبية للمساعدة ودعمت الميليشيات المحلية التي وافقت على القتال ضد حركة 23 مارس.

أوضحت المجلة أن هناك بُعدٌ عابر للحدود الوطنية للصراع، ففي هذه المرحلة، تم توثيق أن رواندا تدعم حركة 23 مارس بالمعدات والقوات على الأرض، رغم أن كيجالي تواصل نفي هذه المزاعم، وصرحت الأمم المتحدة العام الماضي أن أوغندا تدعم المجموعة أيضًا.

وأضافت أن كلا من أوغندا وبوروندي نشرتا قوات في شرق الكونغو بإذن ودعم من كينساشا لمحاربة جماعات متمردة أخرى استهدفت أراضيهما، والواقع أن هناك أكثر من 100 جماعة مسلحة في المنطقة، بعضها له مصالح متداخلة وبعضها الأخر له مصالح تنافسية.

مثلت منطقة شرق الكونغو بؤرة للعنف لعشرات السنين، وذلك بسبب ثروتها من الموارد الطبيعية، مثل الذهب والقصدير والتنتالوم والتنجستين، التي تشكل أهمية بالغة لسلاسل توريد التكنولوجيا العالمية، وأدت بالتالي إلى تأجيج المنافسة بين الجماعات المسلحة وجذب التدخل الأجنبي.

وتعكس عودة حركة إم 23 التحديات التي تواجه الكونغو، حيث تبذل الحكومة قصارى جهودها لفرض سيطرتها على أراضيها الشرقية، ورغم اتفاقيات السلام المتكررة، تواصل الجماعات المسلحة عملها في ظل إفلات من العقاب، واستغلال السكان المحليين والموارد.

ويزيد الدعم المزعوم من جانب رواندا لحركة إم 23 الأزمة تعقيدًا، ويؤجج التوترات التاريخية بين البلدين، حيث تستشهد الحكومة الرواندية بالمخاوف الأمنية الناجمة عن ميليشيات الهوتو الكونغولية، التي شارك بعضها في الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، كمبرر لتدخلها في شرق الكونغو. ومع ذلك، يزعم المنتقدون أن الدوافع الحقيقية لرواندا تكمن في تأمين الوصول إلى ثروات الكونغو الغنية.

لفتت المجلة إلى وجود بعد جيوسياسي، لأن شرق الكونغو منطقة غنية بالموارد، بما في ذلك بعض المعادن الحيوية التي تدعم التحول الأخضر، ولم تؤد التجارة في هذه المعادن إلى تأجيج الصراع فحسب، حيث تتنافس الجماعات المحلية على الوصول إليها كمصدر للإيرادات، بل ربطتها أيضًا بشكل غير مباشر بالمنافسة بين القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين، اللتين تتطلعان إلى هذه الاحتياطيات.

وأضافت أن المستويات والامتدادات المختلفة للصراع في شرق الكونغو لم تؤد إلى تفاقم القتال والأزمة الإنسانية فحسب، بل جعلت من الصعب معالجة الأمرين، ومع تخلي الأمم المتحدة ببطء عن دورها في حل الصراعات، فمن غير المرجح أن يحصل سكان شرق الكونغو الذين يتحملون وطأة العنف على هدنة قريبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *