
وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، اعترض خفر السواحل الليبي 21700 مهاجر في عام 2024 أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا. وعند إعادتهم القسرية إلى ليبيا، يجد الكثير منهم أنفسهم مسجونين ويتعرضون لمعاملة غير إنسانية. في عام 2024، اعترضت القوات البحرية الليبية 21700 مهاجر في البحر الأبيض المتوسط، وفقًا لأرقام المنظمة الدولية للهجرة. ويمثل هذا الرقم زيادة عن عام 2023 بـ 17000 حالة، وكان من بينهم 1500 امرأة و700 طفل.
يكون العبور بقوارب خشبية أو معدنية متهالكة غير صالحة لمثل هذه الرحلات البحرية الخطيرة. وعادة ما يتم اعتراض المهاجرين في المياه الوطنية أو الدولية من قبل خفر السواحل الليبي، الذي يتلقى التمويل والتدريب من الاتحاد الأوروبي. منذ عام 2017، بموجب اتفاق بين ليبيا وإيطاليا بدعم من بروكسل، فوضت أوروبا تنسيق عمليات الإنقاذ البحرية بالقرب من ساحل ليبيا إلى السلطات الليبية. في السابق، كانت هذه المسؤولية على عاتق روما أو فاليتا في مالطا. كان الاتفاق يهدف إلى وقف تدفق المهاجرين الوافدين إلى أوروبا. وبموجب هذه الصفقة، تقدم إيطاليا التدريب والمعدات للسلطات الليبية لاعتراض المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط.
لطالما انتقدت المنظمات الحقوقية هذا التنسيق، ليس فقط بسبب نتائجه المأساوية المحتملة – مثل حادثة 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، حيث غرق 15 رجلاً وامرأة وطفلا بسبب تقاعس السلطات الليبية وافتقارها إلى الخبرة، ولكن أيضا بسبب مصير المهاجرين الذين أعيدوا قسرا إلى ليبيا. ينتهي الأمر بالعديد منهم في السجن حيث يتعرضون لانتهاكات مروعة، بما في ذلك التعذيب والضرب والاغتصاب وحتى القتل.
سفينة خفر السواحل الليبية وسط البحر الأبيض المتوسط في 26 نوفمبر 2024
خلال ليلة 3 إلى 4 يناير/كانون الثاني، طردت القوات الليبية 613 مهاجرا وصلوا إلى بلدة ديركو في النيجر. وكان من بينهم حوالي 63 قاصرا. وقد تم القبض على هؤلاء المواطنين النيجيريين في أماكن مختلفة في جميع أنحاء ليبيا، في الشوارع أو المساجد أو في أماكن عملهم وأُعيدوا قسرا، وفقًا لمنظمة Alarme Phone Sahara، المنظمة التي تساعد المهاجرين في صحاري المنطقة.
وأضافت المنظمة: صادرت القوات الليبية جميع ممتلكاتهم، بما في ذلك الهواتف والأموال. وتظهر الصور التي نشرتها منصة المساعدة على وسائل التواصل الاجتماعي مهاجرين منهكين يجلسون على الرمال، ويرتدي بعضهم أغطية أو أقمشة فوق رؤوسهم والبعض الآخر حافي القدمين.
كتبت المنظمة على موقع X: قدم أعضاء منظمة Alarme Phone Sahara ومتطوعون آخرون في منظمات المجتمع المدني والهياكل الحكومية والدولية التمر والبسكويت والماء للمهاجرين. ولم تتم تلبية احتياجات العديد منهم بعد.
ومن المتوقع نقل المهاجرين إلى أغاديز في الأيام المقبلة. غالبًا ما تكون ديركو، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 15000 نسمة، بمثابة نقطة الاستقبال الأولى للمهاجرين المطرودين من ليبيا. تستضيف مركز عبور تديره المنظمة الدولية للهجرة، لكن هذا المرفق لا يوفر سوى 30 مكانا وهو ممتلئ أصلا.
ومع اكتظاظ ملاجئ الأمم المتحدة، يضطر العديد من المهاجرين في ديركو إلى النوم في الهواء الطلق في ظروف قاسية، محرومين من الماء والغذاء ولوازم النظافة. في منتصف نوفمبر/تشرين الأول، عاش ما يناهز 400 مهاجر، لعدة أشهر التشرد في ديركو. كان معظمهم من الرعايا النيجيريين، وقد أقاموا لفترة طويلة خارج أسوار مركز المنظمة الدولية للهجرة. وقد أعرب العديد منهم عن رغبتهم في العودة إلى بلدانهم الأصلية، ولا تزال عمليات النقل التي تنظمها الأمم المتحدة متوقفة.
إن عمليات الطرد من ليبيا إلى النيجر هي جزء من سياسة يدعمها الاتحاد الأوروبي بهدف الحد من الهجرة إلى أوروبا. تمول الحكومات الأوروبية تدريب قوات الأمن في دول شمال إفريقيا مثل ليبيا وموريتانيا والمغرب وتونس، مما يضمن اعتراض المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا وإعادتهم قسرا. لكن هذه الجهود تجعل المهاجرين عُرضة للخطر، وغالبا ما يتم التخلي عنهم في مناطق صحراوية نائية بدون موارد، مما يؤدي إلى صعوبات شديدة ووفيات بسبب الجفاف والإرهاق والعنف.
في عام 2024، حدثت عمليات طرد مماثلة واسعة النطاق في أساماكا بالنيجر، بعد ترحيل المهاجرين من الجزائر، مما يسلط الضوء بشكل أكبر على الظروف الخطيرة التي يواجهها المهاجرون في رحلاتهم عبر شمال إفريقيا. تعكس هذه العمليات الجارية الواقع المميت لسياسات الهجرة المصممة لردع المهاجرين عن الوصول إلى أوروبا. في كل عام، يختفي عدد لا يحصى من المهاجرين في الصحراء الكبرى.
منذ سقوط معمر القذافي عام 2011، تعيش ليبيا فوضى كبيرة. تقوم الجماعات المسلحة باختطاف المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى من الشوارع أو من منازلهم، وغالبا ما تبتز الأموال من عائلاتهم. يقول ديفيد يامبيو، الناشط الحقوقي من جنوب السودان والمؤسس لـ لاجئون في ليبيا: هذا هو واقع ليبيا اليوم. لا يكفي أن نطلق عليها فوضى، فهذا سيكون لطيفا للغاية.
مهاجرون في ديركو، النيجر، في يناير/كانون الثاني 2025.
وفي حديثه لموقع مهاجر نيوز، يوضح يامبيو أن المسؤولين عن الاتجار في البشر، هم مزيج من قطاع الطرق بالإضافة إلى بعض المرتبطين بوزارة الداخلية، وخاصة خفر السواحل الليبي. كما أنه من المألوف أن يبيع الحراس في مراكز الاحتجاز الرسمية المهاجرين للمتاجرين، في حين تشارك الميليشيات في تجارة البشر، حسب تعبيره.
يواصل يامبيو، وهو الآن لاجئ في إيطاليا، توثيق الانتهاكات الوحشية التي يعاني منها المهاجرون المسجونون في مراكز الاحتجاز الرسمية والسرية في ليبيا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ومن الأمثلة الحديثة صورة تم نشرها في 6 يناير/كانون الثاني 2025، تظهر امرأة إثيوبية مقيدة ومكممة في زنزانة. ويطالب خاطفوها بدفع 6000 دولار أمريكي من عائلتها لإطلاق سراحها.
لا يزال مصير نعيمة، ومصير الضحايا الخمسين الآخرين مجهولا، وعائلاتهم تحاول جمع الأموال التي يطلب بها المختطفون حسب ما نشرته منظمة اللاجئين في ليبيا على مواقع التواصل الاجتماعي. ويتابع المنشور، إن الاتجار في البشر صارت تجارة مزدهرة في ليبيا، وذلك في صمت تام من الدول، وبمساعدة الأنظمة المتواطئة، وبسبب العنصرية التي تجرد السود من إنسانيتهم.