
تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا مقطع فيديو يظهر وزير العدل في الحكومة السورية الجديدة، شادي الويسي، وهو يشرف على إعدام امرأتين في محافظة إدلب، التي تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام” منذ عام 2015. ويعود هذا المقطع المصور، الذي عاد للظهور في الأيام الأخيرة، إلى 2017، وقد أثار ردود فعل غاضبة ودعوات لإقالة الوزير بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وطرح تساؤلات مشروعة حول شخصية المسؤول الجديد وتوجهاته الإيديولوجية والأخلاقية، التي كانت أصلا موضع حذر وترقب.
وفي أحد المقطعين المصورين اللذين انتشرا على جميع منصات التواصل الاجتماعي، تظهر امرأة في بلدة معرة مصرين الواقعة في محافظة إدلب، محاطة بمقاتلين قرب جدار مكتوب عليه اسم “جبهة النصرة”، الفصيل الذي كان يسيطر على المنطقة آنذاك قبل أن يتحول لاحقا إلى “هيئة تحرير الشام” بقيادة أبو محمد الجولاني، الذي بدأ يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع بعد توليه قيادة السلطات السورية الجديدة في أعقاب الإطاحة بنظام بشار الأسد.
في المقطع، يظهر رجل يُعتقد أنه شادي الويسي، وهو مسلح ويأمر المرأة بالركوع بينما يقرأ أحد المقاتلين آيات من القرآن الكريم، مدعيا أن هناك “دليلا قاطعا” على تورط المرأة في ارتكاب “الفاحشة والدعارة”. ثم يطلق أحد المسلحين النار على رأسها، وتسقط المرأة على الأرض.
منصة “تأكد” السورية (Verify-Sy) المتخصصة في التحقق من المعلومات، أكدت صحة الفيديو وأوضحت أن تحليل نبرة الصوت أظهر تطابقا كبيرا بين مقابلات حديثة أجراها الويسي وصوت الرجل في الفيديو. كما نقلت المنصة عن مصدر رفيع في الحكومة السورية الجديدة تأكيده أن الرجل في الفيديو هو بالفعل شادي الويسي، الذي كان يشغل منصب قاضٍ إسلامي في المناطق التي كانت تحت سيطرة “جبهة النصرة” وقتها.
وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته في تصريح خاص لمنصة “تأكد”، قائلا “يوثق محتوى الفيديو المعروض علينا عملية إنفاذ القانون في فترة زمنية ومكان محددين، حيث تمت الإجراأت وفقاً للقوانين السارية آنذاك وضمن عملية إجرائية توافقية“.كما تابع أن الإدارة الجديدة تؤكد “الالتزام الثابت بالمبادئ والقواعد القانونية الجديدة التي تم الاتفاق عليها بين السوريين، والتي تشمل العدالة وسيادة القانون“.
ورغم هذه التبريرات، تزايدت الدعوات للمطالبة بإقالة الوزير أو محاسبته على خلفية ظهوره في الفيديو. كما اعتبر الناشطون السوريون أن هناك ضرورة عاجلة لرفض العقلية الرجعية التي تسمح بالإعدامات في الساحات العامة وتعذيب النساء. ودعوا الوزير الجديد إلى الاعتراف بخطئه وبذنوب النظام الذي كان يعمل تحت سلطته في عام 2015، أو أن يعفى من منصبه.
في عام 2017، بعد عامين من تاريخ مقطع الفيديو المثير للجدل، غيرت “جبهة النصرة” اسمها إلى “هيئة تحرير الشام” وفصلت علاقاتها عن تنظيم القاعدة، محاولة بذلك تقديم صورة أكثر اعتدالا. ومنذ توليها زمام السلطة في 8 ديسمبر/كانون الأول، أكدت أنها ستلتزم بحقوق المرأة والأقليات الدينية في سوريا. وحسب المعلومات الواردة من المنابر الإعلامية المحلية، فإن شادي الويسي حاصل على شهادة في الشريعة الإسلامية ويواصل دراسة الماجستير في الدراسات الإسلامية والقضائية. كما عمل سابقا كمدرس للدراسات الإسلامية