
قبل ساعات من إعلان البنك الفيدرالي الأمريكي نتائج مراجعة سعر الفائدة، انعكست التوقعات بتراجع الفائدة الأمريكية على مجريات أسعار الفوائد على أدوات الدين الحكومي المصرية، وهو ما تبدى في استمرار تراجع الفائدة على السندات أجل ثلاث سنوات، وقبول الحكومة، اليوم، 33 مليار جنيه، أكثر من ستة أمثال المستهدف الذي طلبته وهو خمسة مليارات جنيه، بالإضافة إلى أول تراجع في العائد على أذون الخزانة أجل 91 يومًا منذ ثلاثة أشهر.
وتمثل أذون الخزانة أوراق الدين قصيرة الأجل، بينما تمثل السندات أوراق الدين الأطول أجلًا.
محللة الاقتصاد الكلي بأحد البنوك، منى بدير، قالت إن اقتراب قرار البنك الفيدرالي الأمريكي بشأن الفائدة وتزايد التوقعات بخفض في سعر الفائدة قد يصل إلى نصف بالمئة بدلًا من ربع بالمئة، دعم التوقعات بتراجع العائد قريبًا على أدوات الدين المصرية، وهو ما ساهم في مزيد من التحسن في شهية الاستثمار في أدوات الدين وحفز تدفقات رؤوس الأموال عمومًا.
هذه الجاذبية لأدوات الدين المصرية، مع توجه خفض معدلات الفائدة في أمريكا وأوروبا يدعمها استمرار نسبة الفائدة المرتفعة للغاية في مصر، والتي يُتوقع أن تستمر بنفس المعدلات حتى الربع الأول من العام المقبل [من يناير حتى نهاية مارس]، وهي جاذبية تسمح لأدوات الدين المصرية بالحصول على عروض أفضل بفوائد أقل مما حصلت عليه خلال الشهور الماضية.
ويرتبط العائد على أدوات الدين الحكومية في مصر ضمن الأسواق الناشئة بما يعرف بتجارة الفائدة، وهو اتجاه الأجانب للاستثمار في أدوات الديون، عبر الاقتراض من أسواق الدول المتقدمة منخفضة الفائدة واستثمار تلك الأموال في أسواق الدول النامية ذات الفائدة المرتفعة. ولهذا السبب، يُعد أي انخفاض في عائد الفوائد في الأسواق المتقدمة إيجابيًا بالنسبة لأسعار الفائدة على الديون الحكومية في الأسواق الناشئة، لأنه يزيد من الفارق بين معدل الفائدة بين الأسواق المتقدمة والناشئة، وبالتالي يسمح للأجانب بقبول أسعار فائدة أقل.
بدير أوضحت أن «قرار الفيدرالي الأمريكي أصلًا ليس الوحيد في هذا السياق [على مستوى تأثيرات اتجاهات السياسة النقدية العالمية]، فقبله كان البنك المركزي الأوروبي قد اتخذ قراره هو الآخر»، مضيفة أن ذلك «يدعم بطبيعة الحال التوقعات بزيادة الطلب على الأصول المقومة بالعملة المحلية والتي تستقطب أدوات الدين منها النصيب الأكبر وهو ما دفع لتراجع العائد على أدوات الدين المصرية».
وأضافت بدير أن الإقبال الكبير من الحكومة المصرية لقبول عروض المستثمرين في السندات طويلة الأجل -الثلاث سنوات- يعود بنسبة كبيرة إلى «الرغبة في تمديد متوسط أجل استحقاق الإصدارات الجديدة بما يتوافق مع أحد المستهدفات الاسترشادية لبرنامج صندوق النقد في إطار استراتيجية إدارة الدين، بما يعني أن الحكومة تسعى لإصدار سندات ذات فترات سداد أطول، مما يقلل من الحاجة إلى إعادة تمويل أو سداد الديون في المستقبل القريب»، وكذلك «ميل المستثمرين الأجانب إلى الاستفادة من العائد المرتفع مع توقعات بتراجع ظروف التشديد النقدي عالميًا، وهو ما أدى إلى تراجع العائد في العطاء الأخير».
وساهمت التوترات الجيوسياسية، خلال الأشهر الماضية، والتي بلغت ذروتها مع عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، والتي تزامنت مع توترات شهدتها الأسواق العالمية عقب صدور بيانات مربكة عن الاقتصاد الأمريكي، في الارتفاع الكبير خلال الشهور الماضية في أسعار العائد، قبل أن تستقر الأمور وتتراجع حدة هذه المخاوف، بحسب بدير.