
أصدرت محكمة القضاء الإداري، اليوم، حكمًا نهائيًا بإلغاء القرار الصادر عن نقابة المهن الموسيقية، والقاضي بمنع الفنانة هيفاء وهبي من الغناء داخل جمهورية مصر العربية، في خطوة اعتبرها قانونيون ومهتمون بالشأن الثقافي انتصارًا واضحًا لحرية الإبداع الفني، وترسيخًا للمبادئ الدستورية التي تحمي حرية التعبير.
وجاء الحكم ليؤكد أن الإبداع الفني لا يجوز تقييده بقرارات إدارية، وأن أي مساس به يجب أن يتم وفق الضوابط التي حددها الدستور والقانون، وبإشراف القضاء وحده. وقد أعاد هذا الحكم التأكيد على مكانة الفن كأحد مكونات الهوية الثقافية المصرية، وعلى التزام الدولة بحماية المبدعين من أي قرارات تعسفية.
صدر الحكم عن الدائرة الثالثة بمحكمة القضاء الإداري، منهياً حالة من الجدل القانوني والإعلامي التي أُثيرت منذ صدور قرار نقابة المهن الموسيقية في 16 مارس الماضي، بسحب تصاريح الفنانة ومنعها من إحياء الحفلات داخل مصر. وقد اعتُبر القرار وقتها محل اعتراض واسع، لما تضمنه من مساس بحق فنانة في ممارسة عملها دون صدور حكم قضائي.
وعلى إثر ذلك، أقامت الفنانة دعوى قضائية ضد نقابة المهن الموسيقية ونقيبها مصطفى كامل، طالبت فيها بإلغاء قرار المنع ووقف آثاره. وتدخل في الدعوى المحامي الحقوقي الدكتور هاني سامح، مستندًا إلى مخالفة القرار للمادتين (65) و(67) من الدستور المصري، اللتين تكفلان حرية الرأي والتعبير وحرية الإبداع الفني، وتحظران فرض رقابة على الأعمال الفنية أو معاقبة المبدعين إلا بموجب القانون وبقرار قضائي.
وسبق صدور الحكم تقرير صادر عن هيئة مفوضي الدولة، أوصى صراحةً بإلغاء قرار النقابة، معتبرًا أن تدخلها بمنع فنانة من ممارسة نشاطها الفني جاء خارج حدود اختصاصها القانوني، وافتقر إلى السند القضائي اللازم، بما يشكل اعتداءً مباشرًا على الحرية الدستورية للإبداع. وأكد التقرير أن دور النقابات المهنية يقتصر على التنظيم والرعاية، ولا يمتد إلى فرض قيود تمس الحقوق والحريات الأساسية.
وجاء في أوراق الدعوى، وفق ما ورد بصحيفة الدكتور هاني سامح، أن السياسات الحالية لبعض قرارات النقابة تُلحق ضررًا بالغًا بالمشهد الفني والثقافي، وتؤثر سلبًا على السياحة الثقافية في مصر. كما انتقدت الدعوى ما وصفته بالاستجابة لضغوط وتعليقات متشددة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى منع عدد من الفنانين، وتراجع الفعاليات الفنية والمهرجانات.
واستندت الدعوى كذلك إلى أحكام سابقة للمحكمة الدستورية العليا، قضت بعدم دستورية بعض مواد قانون نقابة المهن الموسيقية رقم 35 لسنة 1978، خاصة تلك المتعلقة بمعاقبة غير المقيدين. ويُعد الحكم الصادر اليوم رسالة واضحة بأن حرية الفن مصونة بالدستور، وأن القضاء هو الضامن الأول لحمايتها.
