وفاة المخرج الكبير داود عبد السيد عن عمر ناهز 79 عاما بعد صراع مرير مع المرض حيث يمثل رحيله خسارة فادحة للوسط الفني العربي باعتباره أحد أبرز رواد السينما الواقعية والاجتماعية في جيله وقد عرف المخرج الراحل بقدرته الفائقة على رصد تفاصيل المجتمع المصري ونقل هموم البسطاء بأسلوب فني يمزج بين الواقعية والفلسفة العميقة مما جعله يحتل مكانة استثنائية في قلوب الجمهور والنقاد على حد سواء لما قدمه من أعمال خلدت اسمه في ذاكرة الفن السابع.
ولد داوود عبد السيد في نوفمبر من عام 1946 وتخرج في المعهد العالي للسينما عام 1967 ليبدأ مشواره المهني بالعمل مساعدا لكبار المخرجين مثل يوسف شاهين في فيلم الأرض وكمال الشيخ في فيلم الرجل الذي فقد ظله ورغم نجاحه في هذه المهمة إلا أنه فضل عدم الاستمرار.
فيها واصفا إياها بالمهنة الشاقة التي تستهلك طاقة الفنان في أمور غير إبداعية ليقرر بعد ذلك شق طريقه الخاص من خلال الأفلام التسجيلية التي ركزت على قضايا القرية والتعليم وحياة الناس البسطاء قبل أن ينتقل إلى عالم الأفلام الروائية الطويلة.
انطلقت مسيرة داوود عبد السيد مع الأفلام الروائية الطويلة عام 1985 من خلال فيلم الصعاليك الذي حقق نجاحا جماهيريا كبيرا ثم توالت أعماله السينمائية التي كتب السيناريو لأغلبها ومن أشهرها فيلم الكيت كات الذي يعد من أهم 100 فيلم في تاريخ السينما العربية.
وكذلك فيلم أرض الخوف وسارق الفرح ورسائل البحر حيث تميزت هذه الأعمال بالعمق الفكري والقدرة على إعادة قراءة المجتمع المصري من زوايا إنسانية وفلسفية مبتكرة ترفض الانسياق وراء السائد من الأفكار التجارية لتقدم فنا حقيقيا يلامس وجدان المشاهدين.
نال المخرج الراحل العديد من الجوائز المرموقة من مهرجانات دولية ومحلية منها الهرم الفضي لمهرجان القاهرة السينمائي وتكريم مهرجان الجونة عن مجمل أعماله وفي عام 2021 أعلن داوود عبد السيد اعتزاله الإخراج نهائيا مؤكدا أنه أدى رسالته الفنية كاملة ومشددا على احترامه لعقلية المشاهد.
ورفضه لمبدأ الجمهور عايز كده حيث ظل متمسكا بمبادئه الفنية حتى اللحظات الأخيرة مفضلا الانتظار لسنوات بحثا عن جهة إنتاج تقدر قيمة الفن الحقيقي الذي يهدف إلى الرقي بالوجدان وتوثيق الواقع بكل تجرد وأمانة ليرحل تاركا إرثا سينمائيا عظيما.