أبرز (10) محطات في تاريخ الجماعة الإسلامية بمصر

تمثل الجماعة الإسلامية الرافد الثاني لتيار الجهاد المصري خلال عهدي السادات ومبارك، والتي قادت عمليات عنف لم تنتهِ إلا بمبادرة وقف العنف التي أطلقتها الجماعة عام 1997، بعد عدة حوادث عنف أبرزها اغتيال رئيس مجلس الشعب المصري رفعت المحجوب، ومحاولة اغتيال الروائي نجيب محفوظ، وحادث الأقصر عام 1997.

(حفريات) ترصد في هذا التقرير أبرز المحطات في تاريخ الجماعة الإسلامية منذ النشأة حتى مبادرة وقف العنف. 

  1. لجنة التوعية الدينية

نشأت الجماعة الإسلامية كحركة طلابية في الوسط الجامعي عام 1971، دون أن يكون لها مرجعية فكرية أو شرعية محددة، متأثرة بروافد دينية متنوعة، كالجمعية الشرعية، وأنصار السنّة، وبعض العلماء والدعاة والمفكرين، كمحمد الغزالي، وسيد سابق، ويوسف القرضاوي، إلى جانب كتابات المودودي وسيد قطب.

وكانت البذرة الأولى للجماعة في كليّة طب قصر العيني بجامعة القاهرة، تحت اسم لجنة التوعية الدينية، المتفرعة عن اللجنة الثقافية باتحاد الطلبة، ومن أبرز مؤسسيها عبد المنعم أبو الفتوح، ثم تحول اسمها إلى الجمعية الدينية، وامتدّ نشاطها إلى جامعات أخرى كجامعة أسيوط، على يد صلاح هاشم ورفاقه.

  • الجماعة الإسلامية في مصر

تغيّر اسم اللجنة الدينية إلى الجماعة الإسلامية عام 1973؛ تيمناً بالجماعة الإسلامية الباكستانية، التي كان يتزعمها آنذاك أبو الأعلى المودودي، وسيطرت نزعة سلفية على شباب الجماعة، فأطلقوا لحاهم، واعتادوا دخول الجامعة بالجلباب، كما انتشر النقاب بين الفتيات. وكان لكل كليّة أمير يُختار بالتوافق، ولكل جامعة أمير، واتُفق على تدشين مجلس أمراء للجماعة على مستوى الجمهورية، عقدت اجتماعاته الشهرية في مسجد كليّة طب قصر العيني. وشاركت الجماعة في انتخابات اتحاد الطلبة عام 1977 لتفوز بأغلبية مقاعد مجالس (8) جامعات حكومية من أصل (12) جامعة كانت قائمة في تلك الفترة، وحصلت على أقلّ من النصف في مجالس الجامعات الـ (4) الباقية.

  • الصدام مع السادات

تزايدت وتيرة معارضة الجماعة لنظام السادات عقب عقده اتفاقية كامب ديفيد، ومن ثم نظمت الجماعة عام 1979 مؤتمراً حاشداً في ميدان ناصر بأسيوط تنديداً باستقبال شاه إيران في مصر، وعقب انتهاء المؤتمر انطلقت مسيرة حاشدة فتصدت لها الشرطة، وقتلت عضواً بالجماعة، وهو أول قتيل للجماعة على يد الشرطة.

ومع ازدياد مناهضة الجماعة للسادات بدأ التضييق الحكومي على أنشطتها، فتم حلّ اتحاد الطلبة عام 1979، وألغيت اللائحة الانتخابية الطلابية، واعتُقل بعض الطلبة، من بينهم، كرم زهدي، وأبو العلا ماضي، وفي السجن دارت مناقشات حول مقترحين؛ الأوّل بخصوص تأسيس تنظيم مستقل له جناح عسكري، والآخر يقترح الانضمام إلى الإخوان المسلمين.

  • الانشقاق عن الجماعة 
  •  

تقارب قادة جماعة الإخوان مطلع السبعينيات مع بعض قيادات الجماعة الإسلامية، ونجحوا سرّاً في استمالتهم بنهاية السبعينيات إلى صفوفهم، مثل، عبد المنعم أبو الفتوح، وعصام العريان، وحلمي الجزار، من جامعة القاهرة، وإبراهيم الزعفراني، وخالد داود، من جامعة الإسكندرية، ومحيي الدين عيسى، وأبو العلا ماضي، من جامعة المنيا، وخيرت الشاطر من جامعة المنصورة. اكتشف بقية قادة الجماعة الإسلامية عام 1980 انضمام رفاقهم سرّاً إلى الإخوان، فانفصلت مجموعة جامعة الإسكندرية وأسست الدعوة السلفية بالإسكندرية، واستمرت مجموعة الصعيد في العمل تحت اسم الجماعة الإسلامية، وشكلت مجلس شورى لها.

  • تنظيم الجهاد

التقى كرم زهدي عام 1980 بالقيادي الجهادي محمد عبد السلام فرج، الذي قدّم طرحاً جديداً مثل نقلة نوعية للتيار الجهادي على المستويين الفكري والتنظيمي؛ إذ قدّم فرج أطروحة شرعية وفكرية عام 1980 في رسالته الفريضة الغائبة، تناول خلالها حكم إقامة الدولة الإسلامية، وقال إنّ حكام عصره لا يحملون من الإسلام إلا الأسماء، مؤكداً وجوب قتالهم، وإنّه ليس هناك تغيير حقيقي إلا بالقتال.

اقتنع زهدي بمشروع فرج وأقنع بقية رفاقه في الجماعة الإسلامية بالاندماج في كانون الثاني (يناير) 1980 مع تنظيم فرج، الذي كان يضم عبود وطارق الزمر، وتم تأسيس مجلس شورى جديد يضم فرج وعبود وقادة الجماعة الإسلامية، واشتهر التنظيم الجديد باسم تنظيم الجهاد.

أسس التنظيم معسكراً بصحراء البلينا في سوهاج بالصعيد، واستقدم عدة ضباط من الموالين له لتدريب عناصره في دورة تدريبية مدتها (15) يوماً، تُدرّس فيها العلوم العسكرية نظرياً، ثم بعد ذلك تُدرّس عملية فك وتركيب واستخدام الأسلحة الخفيفة من بنادق ومسدسات ورشاشات وقنابل.

  • اغتيال السادات 

قرر تنظيم الجهاد اغتيال السادات والسيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون لبث بيان يطالب الشعب بتأييد الثورة الوليدة، بالتزامن مع مظاهرات يقودها الجهاديون بالميادين الرئيسية، ولم ينجح من المخطط سوى اغتيال السادات يوم 6 تشرين الأوّل (أكتوبر) 1980.

  • تفكك التنظيم

سرعان ما حدثت خلافات بين مجموعة الجماعة الإسلامية والمجموعات الجهادية الأخرى، لأنّ الأخيرة كانت تضم ضباطاً بالجيش وعناصر لها خبرة تنظيمية، بينما الجماعة الإسلامية كان قاداتها أصغر سناً، ومن طلبة الجامعات، وحدث أن رشحت الجماعة الإسلامية الشيخ عمر عبد الرحمن لإمارة التنظيم، ففجّر الرائد عصام القمري قصة عدم مشروعية ولاية الضرير، وانتهى النزاع بتشرذم التنظيم المُراد إنشاؤه إلى عدة مجموعات، وعودة الجماعة الإسلامية إلى العمل بشكل منفصل.

  • بدء المواجهات

ازداد انزعاج الحكومة من توسع نشاط الجماعة التي نجح مسؤول قسم الدعوة صفوت عبد الغني من نقل تمركزها إلى قلب القاهرة، مع زميله مسؤول القسم الإعلامي علاء محيي الدين عاشور، الذي حقق شعبية عبر نشر مقالاته بجريدة الشعب، فدشن وزير الداخلية زكي بدر إثر توليه وزارة الداخلية في آذار (مارس) 1986 سياسة حصار المساجد، وفي 28 كانون الثاني (يناير) 1986 اقتحم الأمن مسجد الرحمن بأسوان، رافعاً شعار “الضرب في سويداء القلب”.

بدأ مسلسل الدم في نيسان (أبريل) 1986، إثر قيام شرطي بقتل الطالب بكليّة التجارة شعبان راشد أثناء تعليقه إعلاناً عن اللقاء الأسبوعي للجماعة بمسجد الجمعية الشرعية بأسيوط، وهو أوّل قتيل للجماعة منذ أحداث 1981، وفي تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام نفسه قُتل طالب بكليّة التربية أثناء اقتحام مسجد الجمعية الشرعية بأسيوط.

ردت الجماعة على التصعيد الحكومي بتدشين مظاهرات واسعة، ثم أصدرت عام 1987 رسالة “حتمية المواجهة”. ومع استمرار التصعيد الأمني بدأت الجماعة عام 1988 تؤسس جناحاً عسكرياً بقيادة ممدوح علي يوسف من أجل أن يوفر لها مظلة حماية، وأنشأ معسكراً للتدريب في أفغانستان، تحت إشراف عدلي يوسف، وأمير المنيا، علي عبد الفتاح، وقد قُتلا هناك عام 1990. ونفذت الجماعة أوّل عملياتها الكبيرة بمحاولة اغتيال وزير الداخلية زكي بدر بتفجير سيارة مفخخة، ولكن أدى تعطل المفجر إلى إحباط العملية.

  • اغتيال المسؤول الإعلامي للجماعة 

اغتيل المسؤول الإعلامي للجماعة علاء محيي الدين عاشور في أثناء سيره بشارع ترسا بمحافظة الجيزة، عقب تلقيه مع صفوت عبد الغني تهديداً سابقاً من الأمن بترك القاهرة والعودة إلى الصعيد، وأصدرت الجماعة عقب مقتله بياناً بعنوان “ومضى عهد الكلام”.

لم يتأخر ثأر الجماعة كثيراً؛ ففي 12 تشرين الأول (أكتوبر) 1990 قامت باغتيال رئيس مجلس الشعب رفعت المحجوب، في عملية نفذها (4) مسلحين وسط القاهرة على كورنيش النيل بالقرب من ميدان التحرير.

من جهتها شنت الأجهزة الأمنية حملات مداهمة واسعة لمناطق نفوذ الجماعة، من أبرزها الحملة على إمبابة في 9 كانون الأول (ديسمبر) 1992، ثم انتقلت الحملة في أول كانون الثاني (يناير) 1993 إلى منطقة عين شمس بالقاهرة، فضلاً عن فرض حظر التجوال في عدة مدن بالصعيد، كما بدأت الحكومة في إنهاء تواجد الجماعة بالمساجد، واستصدرت فتوى من شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق بأنّ مساجد الجماعة مساجد ضرار يجوز اقتحامها واعتقال أفرادها.

  1. مبادرة وقف العنف

في 5 تموز (يوليو) 1997 أعلن قادة الجماعة من داخل سجنهم مبادرة وقف العنف من طرف واحد، عبر بيان قالوا خلاله: “يناشد القادة التاريخيون للجماعة الإسلامية إخوانهم من قيادات الجماعة وأفرادها إيقاف العمليات القتالية دون قيد أو شرط وذلك لمصلحة الإسلام والمسلمين“. وفي عام 2001 عقب أحداث أيلول (سبتمبر) سارع النظام المصري إلى تفعيل المبادرة عقب الهجمات بشهر واحد فقط، في تشرين الأول (أكتوبر) 2001. ثم صدرت في كانون الثاني (يناير) أولى المراجعات على هيئة كتب تحت عنوان “سلسلة تصحيح المفاهيم”.

سامح فايز

حفريات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *